إلى الآن لا تزال مادة الخبز منفردة في سوريا تحافظ على الدعم الحكومي، إذ ما تزال الحكومة تدعم الأفران لتوزيع مادة الخبز بأسعار مخفّضة، وبكميات محددة لكل عائلة، ذلك في وقت رفعت فيه الحكومة الدعم عن العديد من المواد الأساسية وأبرزها المواد النفطية.

رغم رداءة المادة الموزّعة في الأفران الحكومية بحسب شكاوى الأهالي، فقد سجلت هذه الأفران مؤخرا ارتفاعا متزايدا في الإقبال على الخبز، تزامنا مع ارتفاع غير مسبوق بأسعار المواد الغذائية في سوريا، الأمر الذي يطرح التساؤلات حول أسباب ارتفاع معدل استهلاك الخبز في البلاد.

ارتفاع معدلات استهلاك الخبز يأتي بالدرجة الأولى، بسبب عدم قدرة الأهالي على تأمين  الكميات الكافية من المواد الغذائية الأخرى، خاصة في ظل انهيار قيمة الأجور والرواتب لمعظم السوريين، حيث تعتمد شريحة واسعة من العائلات على الخبز بشكل رئيسي لتأمين الاحتياجات الغذائية.

زيادة الكميات

عضو المكتب التنفيذي لقطاع التجارة الداخلية في ريف دمشق عمران سلاخو، أفاد بأنه تمت زيادة كميات الطحين في العديد من أفران العاصمة، وأضاف، “بسبب الوضع المعيشي الضاغط، ازداد الطلب كثيراً على مادة الخبز بعد الاعتماد عليه في تأمين القوت اليومي والاستعاضة به عن بعض الأنواع من الأغذية بسبب ارتفاع سعرها”.

في هذه الأثناء شهدت العاصمة دمشق ازدحاما على بعض الأفران، تزامنا مع شكاوى نقلها موقع “بي تو بي” المحلي، بسبب سوء نوعية الرغيف، كذلك فقد أكدت مصادر محلية استجرار الأفران لكميات إضافية من الطحين لزيادة معدلات الإنتاج اليومية. 

“الفكرة مو جديدة ومن زمان منعتمد على الخبز”، تقول سامية الأحمد “اسم مستعار لأم في عائلة تعيش في دمشق”، مؤكدة أن الخبز بات يشكّل المادة الغذائية الرئيسية في وجبات عائلاتها كحال معظم العائلات السورية مؤخرا.

الأحمد، أضافت في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “الخبز في سوريا يشكل الغذاء الرئيسي منذ زمن، لكن مؤخرا ومع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، أصبح الخبز للشبع، فأسعار مكونات الفطور من الجبنة وزيت الزيتون أصبحت خارج قدرة العائلات ولم نعد نستطيع استهلاكها بنفس الكميات السابقة، لذلك يتم تعويض هذا النقص بالخبز”.

خصوصا أن الزيادات المقترحة على أسعار الخبز السياحي تعكس نقطة تحوّل حساسة، ربما تثير موجة احتجاجات لتكون القشة التي تقصم ظهر الحكومة.

قد يهمك: في العيادة.. أربع روايات واقعية تكشف الواقع الطبي السوري

مؤخرا شهد الخبز السياحي أيضا ارتفاعات متكررة في أسعاره، فكان لهذا الارتفاع تأثير كبير على الحياة اليومية للسوريين. فالتغييرات المفاجئة في تكاليف العيش قد تؤثر على القدرة الشرائية للعائلات وتُفاقم الضغوط الاقتصادية المستمرة. 

ممدوح البقاعي، رئيس الجمعية الحرفية للمعجنات، أكد أنه تمت مناقشة التكاليف بدقة في اجتماع سابق، إلا أنه لم يتم التوصل إلى قرار نهائي بعد. وأشار إلى أن هناك أملٌ كبير في التوافق على زيادة ملائمة لأسعار الخبز السياحي والصّمون والكعك، خلال الاجتماعات القادمة.

في تصريح نشرته صحيفة “تشرين” المحلية، أوضح البقاعي أن الزيادة المقترحة في أسعار الخبز السياحي ستفاجئ المستهلكين بشكل كبير. حيث لفت  إلى أن سعر كيلو الخبز السياحي حاليا يبلغ 7 آلاف ليرة سورية، ومن الممكن أن يصل إلى 11500 أو 12 ألف ليرة في حال تنفيذ الزيادة المقترحة من قبل الجمعية. 

خلال حديثه أوضح البقاعي، أن هناك تباينا في وجهات النظر بين الجمعية وبين الأطراف الأخرى حيث تريد الجمعية تحديد السعر بـ 10 آلاف ليرة سورية، بينما ترغب الأطراف الأخرى في تحديده بـ 12 ألف ليرة. وتنبه إلى أن زيادة الأسعار قد تؤثر بشكل كبير في ظل ارتفاع الأسعار الكبير للمواد الأولية.

أما فيما يخص الأسعار الأخرى، أفاد أن سعر كيلو الخبز السكري حاليا يبلغ 9 آلاف ليرة سورية، على الرغم من أن سعره الأصلي 2500 ليرة فقط. كما أشار إلى أن سعر كيلو الصمون بلغ 15 ألف ليرة، وتطالب الأطراف الأخرى بتحديد سعره بـ 12 ألف ليرة. وأكد أن الزيادة المقترحة غير مناسبة في ظل الارتفاعات الكبيرة بأسعار المواد الأولية مثل الطحين والسكر والخميرة والزيت.

كما بيّن أن هناك زيادة كبيرة في تكاليف المواد الأولية، حيث بلغ سعر طن الدقيق 8 ملايين ليرة سورية، وكيس الطحين بسعة 50 كيلو إلى 400 ألف ليرة، وسعر كرتونة الخميرة 500 ألف ليرة، والكيلو الواحد منها 50 ألف ليرة. وأكد أن هناك زيادات في أسعار المواد الأولية الأخرى مثل السمسم والنخالة.

السوري يفقد قدرته على شراء الخبز

يبدو أن المواطن السوري سيفقد قدرته على شراء الخبز بسبب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في البلاد. فوفقا لمتابعات “الحل نت”، رفعت الحكومة السورية أسعار الخبز والمازوت بشكل كبير مع نقص حاد في كمية القمح، مما أثّر على قطاعات الزراعة والصناعة والنقل العام.

كما أن الحكومة سمحت بالتمييز في توزيع الخبز، وهو ما زاد من معاناة الملايين من السوريين الذين يعتمدون على الخبز كغذاء أساسي. بالإضافة إلى ذلك، تسبب انهيار العملة السورية والعقوبات الغربية والأزمة المالية في تدهور القدرة الشرائية للسكان. وفي هذه الظروف، أصبح شراء الخبز أمرا صعبا جدا للمواطن السوري.

مع تزايد تكاليف الإنتاج وارتفاع أسعار المواد الأولية التي تدخل في صناعة الخبز، أصبح من الصعب على الكثير من الأُسر تحمّل تكاليف الخبز الجديدة. وهذا الارتفاع قد يؤدي إلى تقليل كمية الخبز التي يمكن للأُسر شراؤها، أو حتى جعل بعضهم غير قادرين على شرائه على الإطلاق.

مع اعتماد الخبز كغذاء أساسي للمواطنين السوريين، يمكن أن يكون لارتفاع أسعاره تأثيرات كبيرة على حياتهم اليومية وجودتها. وقد يجبر هذا الوضع بعض الأُسر على اتخاذ تضحيات فيما يتعلق بالتغذية وتقليل النفقات الأخرى لتلبية احتياجاتهم الأساسية. وهذا بالتأكيد سيؤثر على معيشة الأُسر وقدرتهم على تلبية احتياجاتهم الأخرى بشكل كامل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات