مع دخول الاحتجاجات الشعبية في السويداء يومها الـ 45، ما تزال الحكومة السورية تسعى للضغط على أهالي السويداء لإيقاف الحراك، فسعت إلى خلق خلافات بين الأهالي عبر استمالة بعض الوجهاء، كما لجأت سابقا عبر وسطاء إلى تهديد سائقي وسائط النقل الذي يعملون على نقل الأهالي إلى أماكن التظاهر.

فالسلطة في دمشق امتنعت خلال الأسابيع الماضية عن استخدام العنف في التعامل مع التظاهرات الشعبية في المحافظة الجنوبية، فلم تكن هناك مواجهات مع قوات الأمن، على غرار ما حدث عام 2011، لذلك فهي تلجأ إلى أساليب أخرى في محاولة منها إيقاف الحراك، ومؤخرا لجأت إلى أسلوب جديد يتعلق بالمؤسسات الحكومية للضغط على أهالي المحافظة.

خلال اليومين الماضيين، شهدت مدينة السويداء وقفات احتجاجية أمام قصر العدل في المدينة، بعد تجاوزات من قِبل قضاة على محامين يؤيدون الحراك الشعبي، واستمرار النائب العام للمحافظة فؤاد سلوم، باستخدام صلاحياته بتعطيل القضاء وإقفال القصر العدلي أمام المواطنين.

الضغط على الأهالي

إيقاف المؤسسات العامة، سياسة لجأت إليها الحكومة السورية للضغط على أهالي السويداء من أجل إيقاف الحراك الشعبي في المدينة، في وقت شهد فيه قصر العدل مشادات ناتجة عن احتقان في القصر ضد المحامينَ الذين يتعاونون مع المتظاهرين.

بحسب تقارير محلية فإن المحامي صالح علم الدين، “تعرض لمحاولة الاعتقال داخل القصر العدلي عند دخوله مكتب أحد القضاة، بسبب مشاركته في تظاهرات ساحة الكرامة في السويداء”، وعلى أثر ذلك وقف المحامون احتجاجا أمام القصر العدلي، الاثنين الماضي، وأصدروا بيانا استنكروا فيه الاعتداء على زميلهم شخصيا ومعنويا، مؤكدين وقوفهم إلى جانب العدالة والقانون، معتبرين أن قصر العدل هو المكان الذي يُفترض أن تتحقق فيه العدالة والقانون دون تمييز أو محاباة.

منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في السويداء قبل نحو شهر ونصف، لم تعمد السلطات السورية سَلك طريق العنف لمواجهة المتظاهرين، فلم تكن هناك مواجهات مع قوات الأمن، على غرار ما حدث عام 2011، عندما كان الرصاص أول ما استخدمته السلطة لقمع المحتجين في درعا ومن ثم باقي المدن السورية.

قد يهمك: ورقة نقدية بقيمة مئة دولار.. هل تنقذ سوريا من التضخم؟

التعامل مع السويداء مؤخرا كان مختلفا تماما، فعلى الرغم من عدم تجاوب السلطة مع أي من مطالب المحتجين المتعلقة بالسياسات الاقتصادية أو التغيير السياسي، لم يكن هناك توجيه للبنادق نحو المتظاهرين، الأمر الذي يطرح التساؤلات حول أسباب تغيير السلطة لسياساتها في التعامل مع التظاهرات المطالبة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد.

لكن خلال الأسابيع الماضية ومع ارتفاع وتيرة التظاهرات في المحافظة بشكل يومي، بقيت السويداء وحدها تتظاهر ضد السلطة، أما في المدن الأخرى فاستمر الوضع كما هو عليه، باستثناء بعض المحاولات الخجولة في جبلة، كذلك شهدت مدينة درعا بعض التظاهرات ثم توقفت بشكل نهائي.

منذ بدء الاحتجاجات الشعبية في محافظة السويداء في السادس عشر من شهر آب/أغسطس الماضي، عمدت السلطات السورية إلى مواجهة المظاهرات عبر استمالة بعض وجهاء المحافظة، أو حتى استخدام العنف بأيادي غير حكومية، أو خلق فئة موالية لتعزيز فكرة الانقسام بين الأهالي.

هذه المساعي لم تنتهِ بهدف إثارة الانقسام في السويداء، على المستويين الديني والاجتماعي، خاصة في ظل عدم اتجاه السلطة لاستخدام العنف والحل الأمني لمواجهة المحتجين، وقد سعت دمشق خلال الأسابيع الأخيرة إلى خلق الفئة الموالية في المدينة، فهل تنجح.

استمالة بعض الوجهاء

المحاولات بدأت عبر استمالة بعض وجهاء السويداء، أو تحريك الفئة الحزبية لحشد الموالين، هذه المحاولات قابلتها وتيرة متزايدة في الاحتجاجات المطالبة بالتغيير السياسي ورحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة.

بحسب تقرير لشبكة “السويداء 24″، فإن تلك المحاولات بدأت من “الشيخ معن صافي في ريف دمشق، إلى وئام وهاب في لبنان، وصولا إلى حسن الأطرش في السويداء، وأخيرا الشيخ عبد الوهاب أبو فخر، الذي تلى بياناً قبل أيام، باسم الهيئة الروحية للمسلمين الموحدين، يُعلن فيه وقوفه مع قائد الوطن”.

هذه الإعلانات لم تلقَ أي تفاعل في شوارع المحافظة، إذ تؤكد مصادر محلية أن هذه الجهات مستحدثة، ولا تحمل توقيع أي مرجعية من المرجعيات الروحية الرئيسية في محافظة السويداء، “فحتى شيخ العقل يوسف جربوع، فشلت كل محاولات السلطة باستقطابه لتصدير موقف منه ضد الحراك الشعبي، وإن كان موقفه لا يُلبي تطلعات الشارع، لكنه لم يقف ضده”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات