إيقاف التصدير بقرار حكومي.. لماذا لن يوقف ارتفاع الأسعار في الأسواق السورية؟

في ظل الارتفاع الكبير بأسعار المواد الغذائية، تسعى الحكومة السورية لإقرار آليات من شأنها خفض الأسعار، لكنها غالبا ما تصطدم بعجز مؤسساتها عن تنفيذ أيّة آلية عملية، من شأنها مساعدة المنتجين والمستهلكين في آن واحد.

فارتفاع الأسعار ناتج بالدرجة الأولى عن ارتفاع تكاليف إنتاج مختلف السلع والخدمات، ورغم إعلان الحكومة مرّات عديدة عن دعم المنتجين بالمواد الأساسية، إلا أنها غالبا ما تتجاهل وعودها بدعوى عدم توفّر المواد، خاصة فيما يتعلق بالمحروقات، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاعات متجددة في الأسعار.

منع تصدير المواد هو أبرز سلاح تستخدمه الحكومة مؤخرا لمحاربة المنتجين، وإجبارهم على خفض أسعار منتجاتهم في الأسواق، الأمر الذي يطرح التساؤلات حول جدوى هذه القرارات، خصوصا فيما يتعلق بالمواد الغذائية والخضروات في سوريا.

ما الفائدة من قرار المنع؟

خبراء في الاقتصاد أكدوا أن منع تصدير مادة معينة يمكن له أن يخفّض سعرها في الأسواق، لكن ذلك سيكون على حساب خسارة المنتجين، أو عدم ربحهم بنسبة كافية على أقل تقدير، لكن الحكومة عادة ما تُصدر قرارات تفضي إلى منع استيراد مادة معينة ولفترة محدودة، الأمر الذي يؤدي إلى فقدان قيمة القرار.

فإصدار قرار بمنع استيراد مادة معينة لفترة مؤقتة، سيجعل التجار والمنتجين يمتنعون عن طرح الكميات المتوفر لديهم إلا بكميات قليلة، وانتظار انتهاء فترة المنع حتى يتثنى لهم طرح بضائعهم من أجل التصدير والبيع بأسعار مناسبة أكثر.

في المقابل، فإن الحكومة مستمرة بسياسة منع تصدير بعض المواد لفترات محددة، حيث اعتبر عضو لجنة تصدير الخُضر والفواكه في سوق الهال، محمد العقاد، أن قرار وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية القاضي بإيقاف تصدير مادة بطاطا الطعام بدءا من الخامس من الشهر الجاري وحتى بداية شهر تشرين الثاني/نوفمبر القادم، هو خطوة مهمة، وخاصة أن الإنتاج المحلي من البطاطا لا يكاد يكفي حاجة السوق المحلية.

قد يهمك: هذه المواد لن ترخّص مهما انخفض سعر الصرف في سوريا!

العقاد لفت في تصريحات لصحيفة “الوطن” المحلية، إلى أن الكميات التي كانت تصل إلى سوق الهال في دمشق تتراوح بين 300-400 طن يوميا، علما أن محافظتي دمشق وريفها تحتاجان إلى 500-600 طن يومياً من المادة، وهذا ما أدى إلى وصول سعر الكيلو منه إلى 5600 ليرة في بعض مناطق دمشق.

قرار السماح بتصدير العديد من المواد الغذائية على الرغم من أهميته بالنسبة لمنتجي هذه المواد، إلا أن انعكاساته السلبية كانت على المواطنين السوريين، حيث ارتفعت أسعار هذه السلع بنسب كبيرة نتيجة تصديرها بكميات كبيرة إلى خارج الأراضي السورية.

التصدير كان في السابق سببا لارتفاع العديد من السلع الغذائية في سوريا، حيث تسبب قرار السماح بتصدير البصل والبطاطا خلال الأشهر الماضية، بحرمان السوريين من استهلاك هذه المواد، والآن تحاول الحكومة التهرّب من مسؤوليتها تجاه دعم المزارعين في عملية الإنتاج، عبر السماح لهم بتصدير محاصيلهم وبالتالي ارتفاع أسعارها على المستهلك المحلي.

انتشار الغش

كذلك فإن انتشار الغش في الأسواق السورية مؤخرا، زاد من معاناة الأهالي، الذين وجدوا أنفسهم مضطرين إلى شراء المواد المغشوشة رغم علمهم بها، نتيجة عجزهم عن شراء المواد الأصلية المرتفعة الثمن.

فانحدار مستوى المعيشة، وصل إلى حدِّ تمكين المواد المغشوشة من الانتشار في الأسواق أكثر من المواد التي تراعي المواصفات القياسية المعتمدة، وذلك نتيجة الأسعار المرتفعة، حيث لم تعد الجودة هي المعيار الأول لشراء الغذاء بالنسبة للسوريين، بل الأهم هو الحصول على أسعار تناسب دخلهم المحدود جدا.

هذا الانتشار في المواد المغشوشة، يأتي في ظل عجز حكومي تام عن ملاحقة تلك المواد، أو تحسين الواقع المعيشي إلى حدّ يمنع انتشارها، أو على الأقل لا يضطر معظم الأهالي إلى شرائها، بسبب عدم قدرتهم على تحمّل تكاليف المواد الأصلية.

تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية قبل أيام، نقل عن بعض المواطنين تأكيدهم أنهم “اشتكوا لحماية المستهلك بحماة فأنصفتهم وخالفت الباعة، فيما اكتفى آخرون بإعادة ما اشتروه لباعته واسترداد ثمنها”، في حين لفت آخرون إلى أنهم تحمّلوا الخسارة، “ورموا ما اشتروه من لبن وجبن في حاوية القمامة، كيلا يعرّضوا الباعة للغرامات والعقوبات وقد تتضمن السجن، وهم لا يريدون أن يكونوا السبب في ذلك”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات