في 13 تموز/يوليو، هددت كتائب “حزب الله”، وهي ميليشيا تابعة لنظام طهران العسكري ومقرّها العراق، المملكة العربية السعودية في بيان لها بسبب تمكينها “للمعركة ضد الفلسطينيين”، وفي أعقاب التهديدات السابقة للرياض، انتقدت المجموعة عبر حسابها في منصة “تلغرام” ما أسمته بـ “الدور الخبيث الذي يلعبه حكام المملكة العربية السعودية في استغلال طرقهم البرية لإدامة زخم المعركة ضد الفلسطينيين”.

تهديدات “حزب الله” العراقي، جاءت بعد عدة أيام من تصعيد غير مسبوق من قبل جماعة “الحوثي” اليمنية للرياض، حيث هدد زعيم جماعة “الحوثيين” المدعومة من إيران في اليمن، عبدالملك الحوثي، في خطاب ألقاه الأحد الفائت، بضرب المطارات والبنوك والموانئ السعودية.

هذا التزامن بالخطابات ضد السعودية، بعد عام على المصالحة التي رعتها بكين بين الرياض وطهران، لا يدعُ مجالا للشك أن مرحلة التقارب بين عملاقي الشرق الأوسط انتهت، وصراع الظل عاد للواجهة، فهل تفجّر التصريحات الأخيرة أزمة دبلوماسية جديدة؟

السعودية في مرمى إيران

تأتي تهديدات كتائب “حزب الله” في الوقت الذي زادت فيه الميليشيات المدعومة من إيران من هجماتها على إسرائيل منذ حزيران/يونيو الفائت. ففي 13 تموز/يوليو، دوت صفارات الإنذار في مدينة إيلات الساحلية جنوب إسرائيل. وقالت قوات الدفاع الإسرائيلية إن أنظمة الدفاع الجوي اعترضت هدفين قادمين من “الشرق”، وهو ما يشير عادة إلى الميليشيات العراقية التي تستهدف إسرائيل. 

ميليشيا كتائب “حزب الله” الشيعية المدعومة من إيران تستعرض قواتها في جرف النصر – إنترنت

وفي 8 يوليو/تموز، تبنى “الحوثيون” المدعومين من إيران، المتمركزين في اليمن، هجومًا مشتركًا استهدف إسرائيل مع الميليشيات المدعومة من إيران في العراق. كما هدد “الحوثيون” بشنّ “ردّ مشروع” على “الأنشطة العدائية” للمملكة العربية السعودية في بيان صدر في 12 تموز/يوليو. 

بيان جماعة “الحوثي” الأخير، لم يكن يصدر إلا بعد تصعيد دراماتيكي للتوتر بين صنعاء والرياض، حيث أطلق زعيم “الحوثيين” تهديدات نارية ضد المملكة السعودية، مشعلاً فتيل أزمة دبلوماسية جديدة قد تعيد رسم خريطة القوى في المنطقة.

خلال خطاب وصفه أتباعه بـ “الناري” بمناسبة حلول العام الهجري الجديد، إذ وجّه عبد الملك الحوثي رسالة شديدة اللهجة للسعودية، محذراً من عواقب وخيمة لما وصفه بـ “الخطوات الرعناء الحمقاء” المتعلقة بخطة نقل البنوك من صنعاء.

وفي تصريح يحمل نبرة التحدي والوعيد، هدد الحوثي بالرّد بالمثل على أي إجراءات سعودية، قائلاً: “مطار الرياض بمطار صنعاء، البنوك بالبنوك، وهكذا الموانئ بالميناء”. هذا التصعيد الخطير يأتي في وقت حساس، حيث تسعى القوى الإقليمية والدولية لتحقيق الاستقرار في المنطقة.

مفترق طرق خطير

أثار التصاعد الأخير في الخطاب العدائي من وكلاء طهران (حزب الله والحوثيين)، الموجّه إلى المملكة السعودية مخاوف جدية بشأن احتمال التصعيد في منطقة الخليج العربي المضطربة. وفي حين أن مثل هذا السجال اللفظي ليس نادرًا في العلاقة المشحونة بين إيران والمملكة، إلا أن حدة التهديدات الحالية تشير إلى ديناميكية أكثر خطورة. 

تسوية الخلافات السعودية الإيرانية في العاصمة الصينية بكين - إنترنت
تسوية الخلافات السعودية الإيرانية في العاصمة الصينية بكين – إنترنت

ومن المشكوك فيه أن يطلق “حزب الله” و”الحوثيون” تهديدات ضد السعودية من دون التنسيق مع راعيتهم، إيران. وكما هو الحال في المنطقة في كثير من الأحيان، يبدو أن إيران تستخدم شبكة وكلائها ووكلائها لممارسة الضغط على السعودية. 

تسمح هذه الاستراتيجية لطهران بالحفاظ على القدرة على الإنكار وفي الوقت نفسه تحقيق أهدافها الاستراتيجية. 

وفق حديث الخبير في الشؤون الإيرانية والشرق الأوسط، أكبر أحمد، لـ”الحل نت”، فإنه يجب أن تؤخذ التهديدات الأخيرة على محمل الجَد، ومن الأفضل للرياض أن تعيد تقييم علاقتها مع النظام في إيران الذي يظهر العِداء لسيادة المملكة. 

إن دعم طهران للقوى المزعزعة للاستقرار في المنطقة، بما في ذلك طموحاتها النووية، يشكل خطراً واضحاً وقائماً على المملكة العربية السعودية وحلفائها رغم إعلان قبولها بوساطة بكين من أجل المصالحة مع الرياض.

الحرب بالوكالة 

الحرب بالوكالة بين المملكة العربية السعودية وإيران مشتعلة منذ سنوات، حيث يتنافس البلدان على النفوذ في المنطقة. وقد أصبح اليمن، حيث يقاتل “الحوثيون”، المدعومين من إيران، والحكومة الشرعية المدعومة من السعودية، نقطة محورية في هذا الصراع. 

وبالمثل، انخرط “حزب الله” العراقي، في الصراعات الإقليمية، بما في ذلك تلك الموجودة في سوريا والعراق ومؤخرا في غزة.

وقد أصبح استخدام حرب الدعاية والخطابات عنصراً حاسماً في هذه الحرب بالوكالة لإيصال رسائل قادة الدول. وتعد التهديدات الأخيرة من طهران ووكلائها جزءًا من استراتيجية حرب المعلومات والتي تهدف إلى تخويف المملكة السعودية وحلفائها مع حشد الدعم في الداخل.

جو تروزمان، المحلل البارز في مجلة “لونغ وور جورنال” التابعة لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، أكد على أخذ التهديدات الأخيرة على محمل الجَد، ومن الأفضل للرياض أن تعيد تقييم علاقتها بالنظام في إيران الذي يُظهر عداءً تجاه سيادة المملكة.

الجدير ذكره، أن وزارة الخارجية الأميركية صنّفت كتائب “حزب الله” كمنظمة إرهابية أجنبية في عام 2009. وفي كانون الثاني/يناير 2024، كشفت وزارة الدفاع الأميركية أن المجموعة المدعومة من إيران قتلت على الأرجح ثلاثة من أفراد الخدمة الأميركية وأصابت أكثر من 40 آخرين في هجومٍ في الأردن.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة