في كل مرة تطل عبر التلفاز، كأنها تنطلق بلهفة أول وقوف أمام الشاشة قبل 6 سنوات! والسر في الشغف. الشغف يجلب الألق ويكسر الروتين! وهكذا هي شجن سعد، التي حملت السعَد وكسرَت الشجَن.

هي إعلامية عراقية شابة، تسير بخطى ثابتة نحو العُلا، مبتعدة عن الصعود السريع الذي يهبط بصاحبه بذات السرعة، واختارت ارتقاء السلم “بهيدَة بهيدَة”، فنالت ما أرادت، وعبر “توأمها” ضحكتها الخفيفة البرّاقة، أمسَت بهجة الشاشة في كل محطة وترحال.

منذ صغرها تركض شجن سعد وراء الإعلام، فجاءت الرياح كما تشتهي سفينتها، وتألقت في المجال أكاديميا ومهنيا، ولذا لم تخرج عن الخط يوما؛ لأنها وازنت بين الكلاسيكية والحداثة، لتنتصر لقيمة الإعلام العراقي وتنتزعه من سطحية الطارئين. 

في هذا الحوار، تفتح شجن سعد قلبها لـ “الحل نت”، وتجول بنا في عالمها بدءا من طفولتها مرورا بحلم الصبا وصولا إلى ما هي عليه اليوم، فضلا عن حَكايا يومياتها وتنقلاتها بين المدن، ناهيك عن طموحاتها للمستقبل. 

• من هي شجن سعد غير ما نعرفه عنها في الميديا؟ 

– بعيدا عن السوشيال ميديا، سأكشف لك بعض الأسرار عن شخصيتي. أنا من الشخصيات الهادئة، المرحة، والعنيدة. بنفس الوقت أنا خجولة،  ربما لا يظهر ذلك عبر الشاشة؛ لأني  كسرت خجلي أمام الكاميرا. وأنا من الشخصيات المسالمة  المتصالحة مع ذاتها، وأرى أن أبرز نقاط قوتي  تتجسد في قدرتي  على التخلي  بصمت وهدوء عن أي شيء يحاول  أن يهز الطمأنينة والسلام بداخلي، مهما كانت أهمية هذا الشيء بالنسبة لي.

• ماذا عن طفولتكِ؟ هل كانت مليئة بـ “الشجن” أم حملتِ من نصيب اختكِ “الشغف”؟ 

– يقال إن للمرء من اسمه نصيب. لم يكن نصيبي من اسمي كبير، لكنه لم  يخل من الشجن. طفولتي كانت هادئة بين أهلي أبي وأمي وأختاي شهد وشغف، أحببت اسم شغف كثيرا  وتمنيت أن يكون اسمي، ودائما ما أعاتب والدتي؛ كونها أرادت أن تسميني شغف، وغيّرت رأيها في اللحظات الأخيرة فسمّتني شجن ثم رزقت بأختي الصغيرة وأسمتها شغف.

• هل عشتٍ حلو الأيام وسط الحرب والطائفية؟ وهل كان لكم النصيب بترك العاصمة كما البقية؟ 

– لا أتذكر الحرب جيدا، كنت صغيرة حينها، كان عمري لم يتجاوز  السبع سنوات، لكني أتذكر أننا غادرنا العاصمة نحو بلدروز في ديالى لحين استقرار الوضع، ولم نبق طويلا، فسرعان ما عدنا إلى بغداد لنواجه مصيرنا كأي مواطن عراقي وقتها. بعدها ساءت الأمور وجاءت الحرب الطائفية وهي من أسوأ الأيام التي مرت في حياتي، واعتقد أنها أسوأ الفترات في حياة كل عراقي. كان الخوف حاضرا في جميع النفوس. الكل خائف، إن لم يكن على نفسه فعلى من يحب، تغرّب الكثير خارج البلاد وخسرنا الكثير من الأقرباء والأصدقاء. فترة مظلمة، وذهبت بلا عودة.

شجن سعد – (إنستغرام)

أحببتِ الإعلام عكس رغبة أهلكِ بالقانون منذ صباكِ.. ما الذي جعلكِ تحبين هذا المجال؟ 

– أحببت الإعلام لولعي باللغة العربية، والولع والحب انتقلا لي من والدتي، فهي تربوية ومُدرّسة للغة العربية. زرعت أمي في داخلي بذرة حب لغة الضاد فكنت أشاهد التلفاز واستمع لمذيعي الأخبار وطريقة إلقائهم، وأحيانا كنتُ أقوم بإعراب الخبر وأركز على طريقة الإلقاء وتشكيل النص أكثر من محتوى الخبر، وكنت من الطالبات المتميزات في درس اللغة العربية.

• كيف تقبلت العائلة انتصار رغبتكِ بقبولكِ في كلية إعلام بغداد؟ 

– منذ أيام الدراسة الإعدادية كانت رغبتي دخول كلية الإعلام، لكن رغبة الأهل كانت  أن أدخل كلية القانون، فقمت بالتقديم على الكليتين  إرضاءً لجميع الأطراف القانون عن طريق الانسيابية،  والإعلام عن طريق التقديم المباشر، فجاءت الرياح كما اشتهت سفينتي، وتقبل الأهل الأمر برحابة صدر عالية، وكانت العائلة داعمة لي بكل خطوة في مرحلة الدراسة الجامعية وحتى هذه اللحظة.  والدي حريص جداً عليّ منذ ظهوري الأول على الشاشة إلى هذا اليوم. يتابع كل ظهوري أولا بأول.  يكتب لي ملاحظاته على إطلالتي وإلقائي، وأحياناً حتى على طريقة تقديمي.

• كنتِ محررة لفترة ما، كيف تصفين تجربتكِ بعمل الصحافة؟ وهل لا زالت لديكِ بعض المشاعر نحوها؟

– يأسر قلبي عمل التحرير الصحفي، وأرى أن  المذيع ومقدم البرامج لا يمكن أن يكون متمكنا من أدواته إن لم يكن صحفيا بالأساس،  فلا خوف على صحفي مارس عمل التحرير حين يعمل في الإعلام المرئي. أرى أن كعبه يكون أعلى من الآخرين.

• كيف انتقلتِ من خلف الكواليس إلى الإعلام المرئي؟ وماذا أعطتكِ الشاشة مقارنة بالصحافة المكتوبة؟ 

– في بداية الأمر لم يكن ليخطر ببالي العمل في مجال الإعلام المرئي. كنت أود أن أمارس العمل الصحفي خلف الكواليس، لكن الزملاء والأصدقاء أخبروني  بأني من الوجوه التي تحبها  الكاميرا ورأوا من الظلم لنفسي أن أبقى بعيدة عن الشاشة. شجعوني على الأمر وبدأت الفكرة تكبر برأسي وحين جاءت الفرصة لم أتردد ودخلت مجال الإعلام المرئي. أطتني الكاميرا ثقة أكبر بالنفس وأعادت صقل شخصيتي، علمتني الالتزام بالوقت والحرص الشديد، وعلمتني السعي لأن يكون هامش الخطأ عندي صفر بالمئة.

• بين دجلة والشرقية والعراقية، محطات مهمة خضتِها.. أي الأمكنة صنعتكِ؟ وأيها وجدتِ روحكِ فيها؟ 

– كل محطة عملت بها كان لها أثر خاص داخلي وعلمتني  وأضافت لي الكثير سواء دجلة او العراقية،  لكن العمل في قناة الشرقية كان له لذة خاصة، رأيت فيها تجسيدا لما أحلم به كالجرأة في الطرح  والاهتمام بمشاغل المواطن. أشعر أن الشرقية وضعتني في مكاني الصحيح وأعطتني استحقاقي الحقيقي، وأقصد هنا استحقاقي من جميع النواحي المعنوية والمادية، كل يوم عمل في الشرقية هو إضافة للخبرة والمعرفة،  فالعمل فيها ليس مجرد عمل، بل هي مدرسة تصنع منك إعلاميا حقيقيا، وعندي أن مجرد العمل بها هي شهادة كبيرة، وأن تكون زميلاً لأسماء لامعة كبيرة  هو شرف ومدعاة للفخر بالنسبة لي، وحين عملتُ فيها عرفت أن تصنيفها الأولى في الدراسات والاستفتاءات لم يأتِ من فراغ، بل  أتى من  جهد وحرص كبيرَين من القائمين عليها والعاملين فيها.

• تنقّلتِ بحكم العمل للعيش بين عمّان وأربيل وبغداد الولادة، كيف تصفين تجاربكِ في كل مدينة؟ وأي المدن أقرب لكِ منها وبماذا تتميز عن الأخريات؟ 

– عشت  فترة ما في عمّان عندما كنت أعمل مع دجلة، عمّان مدينة جميلة هادئة خضت فيها  أول تجربة لي في الاستقلالية والاعتماد على النفس، وكانت هي المرة الأولى  التي ابتعد فيها عن أهلي وأصدقائي. أربيل أيضا مدينة جميلة، الصفة المشتركة بين المدينتين هي الهدوء، لكن بغداد تبقى في القلب، لا يكاد يمر شهر إلا وأعود إليها حتى لو كانت فترة العودة يوما واحدا، أحن إلى بغداد والشوق مقلق.

• ضحّيتِ بعرض مغرٍ من قناة عربية لعيون الماجستر.. هل يمكن أن تبوحي لنا بهوية القناة؟ وهل ندمتِ بالتضحية أم لا؟ 

– صحيح، قُدّم لي عرضا مغريا للعمل في قناة عربية  في دولة ليست عربية، طبعا لن استطيع البوح باسمها باعتبارها سر من أسرار العمل،  لكن كنت حينها أُحَضّر رسالة الماجستير، وأخبرتهم بأني لا استطيع تركها، لم أندم على هذا القرار؛ لأن لدي إيمان بأن كل شيء مُقدّر ومكتوب، وما هو لك لن يذهب لغيرك.

شجن سعد – (إنستغرام)

• أكاديميا.. ما الذي دفعكِ لدراسة الماجستير؟ وما الذي جلبته لكِ الدراسات العلبا؟ وهل يمكن أن نراكِ ذات يوم أستاذة جامعية؟ وإن حدث ذلك، هل تتركين الإعلام أم توازنين بينهما؟ 

– دراسة الماجستير حلم لا بد من تحقيقه، واعتبرها خطوة مهمة وأساسية، لدي طموح أن أكون أستاذة جامعية وإن سنحت لي الفرصة بالتدريس الجامعي سأخوض التجربة، لكن لن أترك الشاشة وسأحاول الموازنة بين المجالين.

• خُضتِ المراسلة وتقديم البرامج وإذاعة الأخبار، لكنكِ مولعة بالأخيرة.. ما سر الحب لإذاعة الأخبار؟

– تدرجت في العمل من محررة إلى مراسلة للأخبار، وأيضا قمت بتقديم البرامج وتكللت المسيرة بإذاعة الأخبار، أشعر أن عملي كمذيعة للأخبار هو الأقرب لشخصيتي  وأجد نفسي في هذا المجال، وأرى أنه مكاني الصحيح، لكن لا أعلم ربما يكون لي في المستقبل برنامج خاص بي، من يدري! 

• في تيك توك يقال عنكِ ببعض المقاطع “بنت كركوك الجميلة”.. هل شجن كركوكية أم ماذا؟ 

– الحقيقة أنا بغدادية، بغدادية الولادة والنشأة، استغربت مثلي مثل الآخرين حين نشرت عني بعضُ مواقع التواصل الاجتماعي  بأنني بنت كركوك الجميلة، لا أعرف لماذا اختاروا لي أن أكون كركوكية تحديداً، ولماذا كركوك  دون بقية المحافظات! أتشرف ان أكون واحدة من بنات وأبناء كركوك الجميلة، مدينة الإبداع والتميز، وأتمنى زيارتها قريبا، لكنني بنت بغداد أبا عن جد.

• كيف تعيشين يومكِ؟ وما الذي تفعلينه في أيام العطل؟

– انا من الشخصيات البيتوتية التي لا تحب الخروج من المنزل، وحين أخرج منه أشتاق للعودة إليه، أقضي يومي بعد العودة من العمل في  التحدث مع الأهل والأصدقاء، أو  مشاهدة فيلم أو الاستماع  إلى الأخبار أو متابعة البرامج السياسية، أو قراءة كتاب، ومعظم خروجاتي هي للتسوق أو دفع فواتير، وفي أحيان قليلة للتنزه، أما في أيام العطل، عادة ما أذهب فيها بزيارة سريعة إلى بغداد لرؤية الأهل والأصدقاء.

شجن سعد – (إنستغرام)

• من مطربكِ المفضل، وما الأغنية التي تدندنين بها دوما؟

– أحب الكثير من المطربين والمطربات. استمع إلى كاظم الساهر، عبد المجيد عبد الله، وائل كفوري، ماجدة الرومي، شيرين، إليسا، وأحب أيضا اغاني  ميادة الحناوي. أدندن هذه الأيام أغنية المستبدة للقيصر.

• أنتِ سِهّيرَةٌ يا شجن؟ ومن عشاق الليل أم النهار؟ الصيف أم الشتاء؟ 

– بين النهار والليل، أختار الليل،  يؤنسني فيه الهدوء والسكينة، وأشعر أنني مساء أكون أكثر قدرة على الإنجاز وأكثر نشاطا، بين الصيف والشتاء، أحب فصل الشتاء ومنظر المواقد والأجواء الدافئة والمطر يأسرني، ناهيك عن أناقة وجمال الملابس الشتوية، هي عشق لا ينتهي.

• تجربة العيش بعيدا عن بيت العائلة.. كيف تصفينها؟ وهل تأقلمتِ معها؟

– العيش بعيدا عن الأهل بدايته كانت صعبة عليّ وعلى عائلتي، لكن مع مرور الوقت تأقلمت، أشتاق إلى لمّة العائلة، خصوصا أننا عائلة عاطفية جدا ومتعلقة ببعضها، صحيح أن الاستقلالية جعلتني أقوى وأكثر اعتمادا على نفسي، لكني أحن لأيام الدلال.. هي حيرة ما بين الرغبة بالاستقلالية والاعتماد على النفس، وحب الدلال والاتكالية.

• ما المصاعب التي واجهتكِ في الحياة؟ وكيف تغلّبتِ عليها؟ 

– لا أعتقد أن هناك عملا يخلو من المصاعب، فما بالك بمهنة المتاعب، مررت بأيام صعبة كنت اعتقد أنها لن تمر، تغلبتُ عليها بالصبر والقوة والإيمان بالذات، والتوفيق الإلهي بالطبع.

• غير الانتقال للإعلام الدولي.. ما هي طومحاتكِ الأخرى في الحياة؟

– طموحي هو إكمال دراسة الدكتوراه في جامعة بغداد، أخّرَتني ظروف العمل هذا العام عن تحقيق الحلم، لكنني مصّرة على نيلها بإذن الله.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
5 1 صوت
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات