على الرغم من أن القوات الروسية نفذت ضربات جوية عديدة على مواقع تنظيم “داعش” الإرهابي في البادية السورية، بالإضافة إلى تدريب قوات خاصة من أجل القضاء على “داعش”، لكن يبدو أنها فشلت في تحقيق ذلك، ولذلك جاء قرارها بتقليص عدد المجموعات العسكرية التابعة لها هناك.
وقد أفادت مصادر خاصة لموقع “البادية 24” المحلي، أن القوات الروسية أصدرت تعليمات بسحب عدة مجموعات تابعة لـ “الفرقة 25 مهام خاصة” من بادية السخنة شرقي سوريا.
وأرجعت المصادر ذاتها للموقع المحلي، أن هذا القرار جاء نتيجة فشل عمليات التمشيط ضد “داعش”، موضحة أن القوات الروسية طلبت من “الفرقة 25 مهام خاصة” الموالية لها الالتزام والتركيز على تأمين الطرق.
هجمات “داعش” بـ البادية السورية
لا ينفك تنظيم “داعش” في الظهور، ويكاد لا يتوقف عن تنفيذ هجماته العنيفة في البادية السورية. لذلك، لا يزال يشكل تهديدات عسكرية وأمنية شديدة، بل ويطرح تحديات عنيفة، خاصة في ظل قدرة خلاياه المخفية و”الذئاب المنفردة” على التربص، وإيجاد مخابئ وملاذات آمنة في عدة مناطق جغرافية تتسم طبيعتها وجغرافيتها بالوعورة، كما هو الحال في البادية السورية.
في السياق، أعلنت جريدة “النبأ” التابعة لتنظيم “داعش”، يوم الجمعة الفائت، 14 أيلول/سبتمبر الجاري، ما يسمى حصاد الأجناد 460، الذي يظهر نتائج هجمات التنظيم الإرهابي خلال الأسبوع الماضي.
وفقا للحصيلة، نفذ التنظيم ست عمليات أدت إلى مقتل وجرح 12 شخصا وشملت الهجمات صهاريج نفط على الطريق بين الشدادي والحسكة، وكذلك في بلدة الدحلة بمنطقة خشام بريف دير الزور، إضافة إلى استهداف في بادية الرقة، حسب ما نشرته معرفات التنظيم الرسمية.
كما أعلن التنظيم، مؤخرا عن إلقاء القبض على شخصين بتهمة التعاون مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، حيث تم قتلهما نحرا. وفي الأسبوع ذاته، تبنى التنظيم مقتل ثمانية عناصر من الميلشيات الموالية له في هجوم في حمص، وفق ما نقلته “البادية 24” المحلي.
في الأثناء، قالت صفحات إخبارية محلية إن عملية عسكرية جارية في البادية السورية، حيث تواصل القوات الحكومية إعلان عمليات تمشيط على عدة محاور في بوادي دير الزور وحمص وحماة والرقة.
هذا وكانت المحاور التي قامت “الفرقة 25 مهام خاصة” بتمشيطها خلال حملتها هي: طريق مدينتي تدمر والسخنة بريف حمص الشرقي، وطريق أثريا وصفيان بريف حماه الشرقي، وطريق الرصافة باتجاه آبار الرجوم، والحلول، والزملة النفطية ومحيطها، وطريق صفيان البئر القديم حتى وادي عمشردي بريف الرقة الجنوبي الغربي.
بالإضافة إلى محيط مدينة معدان، شرقي محافظة الرقة باتجاه جبل بشري، وطريق دير الزور باتجاه الشولا، وكباجب بريف دير الزور الجنوبي الغربي، وطريق تدمر وجبال العمور وصولا إلى آبار حقل (شاعر) للغاز باتجاه مناجم الفوسفات في خنيفيس والصوانه بريف حمص الشرقي.
الفشل في القضاء على “داعش”
خلال الشهور الماضية، تزايدت خسائر قوات الجيش السوري بشكل لافت نتيجة استهداف عدة أرتال عسكرية في مناطق مختلفة من سوريا، بما في ذلك بادية السخنة شرقي حمص، وعلى نقاط طريق دير الزور – حمص، ومنطقة الرصافة.
وفي ضوء ذلك يمكن القول إن قوات الجيش السوري وبدعم من الميلشيات الإيرانية والقوات الموالية والمدربة من قبل روسيا، فشلت في القضاء على تنظيم “داعش” في البادية السورية.
يظل وجود وانتشار “داعش” في البادية السورية مجرد ارتكاز تكتيكي لكنه يتخطى ذلك إلى كونه نافذة تطل منها أعراض تفشي ظاهرة الإرهاب المسلح والمتشدد، في نسخه المتباينة، سواء تحت غطاء “داعش” أو غيره.
وبحسب المصادر المحلية، فإنه رغم العمليات الأمنية المكثفة التي ينفذها ”قسد” والحكومة السورية، يبقى تنظيم “داعش” قادرا على تنفيذ هجمات متفرقة، مما يساهم في استمرار حالة عدم الاستقرار في المنطقة.
ووفق “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، مقره لندن، ففي النصف الثاني من شهر آب/ أغسطس الماضي، تم العثور على تسعة جثامين لعناصر من جنود الجيش التابع لحكومة دمشق، في بادية تدمر، وقد تضاعفت أعداد العمليات الإرهابية لتنظيم “داعش” في الشهور الأخيرة.
وتتفق هذه المعلومات أو تتقاطع مع ما وثقته القيادة المركزية للقوات العسكرية الأميركية “سنتكوم”، بينما قالت إن العمليات العسكرية في تموز/ يوليو الماضي شهدت ارتفاعا لافتا وتضاعفت مقارنة بمجموع العمليات خلال العام الماضي كله. فمنذ مطلع العام الحالي وحتى منتصفه في حزيران/ يونيو، بلغت العمليات الإرهابية 153 بين سوريا والعراق، وقد ألمحت القيادة الأميركية إلى أن هذا المؤشر يعني محاولة بناء التنظيم لذاته وإعادة تموضعه في ظل ضعف قدراته وإمكانياته.
“ارتكاز تكتيكي”
في السياق، يشير “المرصد السوري” على لسان مديره رامي عبد الرحمن، إلى تواجد عناصر التنظيم الإرهابي، وعددهم نحو ألفي مسلح بعتادهم العسكري، في محيط جبل البشري ريف الرقة والرصافة ومناطق أثريا والرهجان المرتبطة بريف حماة الشرقي، ويقول عبد الرحمن إن التنظيم يستغل الطبيعة الصحراوية للبادية كونها “مناطق مكشوفة تمكنه من تنفيذ الهجمات العسكرية المباغتة ونشر الألغام ونصب المكامن والكر والفر”، وهي تبدو عمليات استنزافية يستعيد خلالها التنظيم قدراتها ويبعث برسائل على أنه يواصل هجماته ولم تكتب شهادة وفاته في الباغوز عام 2019.
وبحسب “المرصد السوري” الحقوقي في لندن، فإن التنظيم الإرهابي المسلح قد عنى في هجماته على قوات “الدفاع الوطني” و”لواء القدس” المدعوم من روسيا بينما يتفادى الاحتكاك بالميلشيات المدعومة من “الحرس الثوري الإيراني”، ويقول مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن الحملات التي تقودها الحكومة بدمشق بالتعاون مع موسكو بحجة محاربة “داعش” ذات أثر محدود مؤكدا أنها “فشلت لدرجة كبيرة في الحد من نشاط التنظيم ولم تتمكن من إيقاع خسائر بشرية في صفوفه على رغم أنها كانت حملات كبيرة بمشاركة فرق وتشكيلات عسكرية عدة”.
وبالتالي يظل وجود وانتشار “داعش” في البادية السورية مجرد ارتكاز تكتيكي لكنه يتخطى ذلك إلى كونه نافذة تطل منها أعراض تفشي ظاهرة الإرهاب المسلح والمتشدد، في نسخه المتباينة، سواء تحت غطاء “داعش” أو غيره، ففي ظل بيئة اجتماعية فقيرة ووضع أمني هش وتفلت عسكري وطبيعة جغرافية معقدة ينجح عناصر التنظيم في فرض الإتاوات وبناء اقتصاديات خاصة لإعادة بناء إمكانياتهم وتجديد مواردهم، حيث إن البادية بمساحاتها الممتدة وفراغاتها التي تشغلها حركة التنظيم الإرهابي، تصنع تقاطعات من خلال نصب الكمائن وتنفيذ الهجمات المسلحة في المناطق المؤدية لدير الزور وحمص ودمشق، وهي خطوط اتصال استراتيجية.
ومن هنا، توافر للتنظيم الاختباء والقدرة على امتلاك موارد وبناء قدراته المالية فضلا عن تدشين معسكرات تدريب على القتال وتهيئة على الأفكار التكفيرية.
- تفاقم أزمة النقل العام في سوريا.. ما علاقة إيران؟
- بسبب فشلها في محاربة “داعش”.. روسيا تقلص عناصر “الفرقة 25” بالبادية السورية
- “تخون حبيبها مع كلبها الخاص”.. سمية الخشاب ورانيا يوسف في أزمة جديدة
- فضيحة في عفرين: فصائل موالية لتركيا تفرض غرامة على أشجار الزيتون والنساء؟
- العراق كرئة اقتصادية لإيران.. دلالات زيارة بزشكيان لبغداد
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.