واقعيا، باتت المسلسلات التركية المعربة مستحوذة على الشاشة في الآونة الأخيرة، فهي بدأت منذ 5 سنوات تقريبا، لكن انتشارها اتسع بشكل لافت في الفترة الأخيرة، لا سيما في العامين الماضي والحالي، والأسئلة هنا، هي حول قيمة هذه الأعمال ومدى فائدتها وتأثيرها.

فعليا، جاءت بداية المسلسلات التركية المعربة من خلال “عروس بيروت” الذي أُنتج في عام 2019، وهو مسلسل لبناني، يعد النسخة المعربة من المسلسل التركي “عروس إسطنبول”، لتتوالى بعدها الأعمال المعربة، غير أنها انتشرت بسرعة كبيرة مؤخرا، مثل مسلسلات “كريستال”، المستنسخ من العمل التركي “حرب الورود”، ومسلسل “الثمن”، المستنسخ من المسلسل التركي “ويبقى الحب”، ومسلسل “ستيليتو” النسخة المعربة من المسلسل التركي “جرائم صغيرة”.

حكاية بداية الأعمال التركية في المنطقة

الأمر لم يتوقف عند ذلك الحد، ففي هذا العام فقط، جرى عرض ويتم تصوير عدة مسلسلات تركية معربة، منها “لعبة حب” وهو نسخة المسلسل ااتركي “حب للإيجار”، و”العميل” نسخة من مسلسل “في الداخل”، ومسلسل “إيزيل” المستنسخ من العمل التركي “إيزيل”، إذ يتم تصويره حاليا تمهيدا لعرضه في الفترة المقبلة. 

يشارك في الأعمال المعربة نجوم الفن العربي، وبالأخص من سوريا ولبنان، على غرار أيمن زيدان ومعتصم النهار وباسل خياط ومحمود نصر وأيمن رضا وسامر المصري، وكاريس بشار وديمة قندافت وستيفاني عطالله وباميلا الكيك وشكران مرتجى ونور علي، والقائمة تمتد.

انتشار الأعمال التركية في المنطقة العربية ليس بالجديد، إذ بدأت منذ أكثر من 15 عاما، ولكن من خلال دبلجة المسلسللت التركية إلى العربية، وتحديدا كانت البداية مع مسلسلسي “نور” و”سنوات الضياع”، إذ حققا نجاحا وانتشارا كبيرا في الوطن العربي، لتنتشر بعدها الأعمال التركية المدبلحة بشكل واسع، ومنها “حريم السلطان” و”وادي الذئاب” و”عشق ممنوع” و”جواهر” و”إيزيل”، وغيرها الكثير والكثير. 

بعد سنوات من ظهور الأعمال التركية المدبلجة، فقدت قيمتها لدى المتلقي العربي وبات يشعر بالفتور والملل منها لأسباب عديدة، أهمها طول حلقات المسلسل الواحد التي تتجاوز 200 حلقة، وأفصر الأعمال يكون بين 60 و80 حلقة، وكذلك هناك سبب آخر يتعلق بتشابه القصص والسيناريوهات في العديد من الأعمال، والتي غالبا ما تتعلق بـ “الحب والغرام والانتقام”، لتتلاشى الدراما التركية المدبلجة عن الفضائيات والمنصات العربية، إذ باتت لا تعرضها ولا تشتريها.

قيمة المسلسلات التركية المعربة

عقب ذلك التلاشي للدراما التركية المدبلجة لعدة سنوات،  عادتت للواجهة من جديد، ولكن من بوابة المسلسلات التركية المعربة، أي أن المسلسلات نفسها يتم استنساخها كقصة وسيناريو واكن بممثلين عرب وبتصويرها في الدول العربية، لا سيما لبنان وسوريا، ولكن السؤال هو ما المنفعة من إنتاج أعمال معروفة بدايتها ونهايتها؟

يقول  الكاتب والصحفي مسلم السليطي في حديث مع “الحل نت”، إن المسلسلات التركية المعربة فاقدة للقيمة بشكل شبه كلي، فتواجد الممثلين العرب فيها وتصويرها في المنطقة العربية لا يمكن اعتبارها أعمالا عربية، ما دام سيناريو العمل وقصته غير عربية بل مستنسخة.

بحسب السليطي، فإن مثل هذه الأعمال قد تكون لها أبعاد خطيرة من قبيل الغرس الثقافي عبر أترَكَة البلدان العربية، فضلا عن أنها منافية لضوابط البيئة العربية، وتعد خطوة تسطيحية للمشاهد العربي، ولن تستمر طويلا، إذ سرعان ما سينفر المتلقي عنها بعد أن تنتهي فورتها، كما حصل مع الأعمال المدبلجة. 

المسلسل المعرّب لا يعكس واقع المواطن في البيئة العربية من صراعات يعيشها في سوريا ولبنان والمنطقة، كالحروب والفقر والحرمان والوضع الاقتصادي والصراع الاجتماعي والطبقي، ولا يسقطها في أعمال درامية تسلط الضوء عليها، بل يذهب للحياة المخملية التي تكون أكبر مشاكلها هي صراعات الحب والانتقام، لذا فإن التعريب بعيد عن الواقع العربي، وفق السليطي.

كما أن تعريب الأعمال التركية يقتل الإبداع لدى صناع الدراما العربية، فلن يعود بالإمكان صناعة أعمال مثل ‘لن أعيش في حلباب أبي، الزبر السالم، ما وراء الطبيعة”، وسواها، ولن يعود بإمكان الجمهورمشاهدة مسلسلات وأفلام مهمة كالتي شهدها الوطن العربي في الزمنات الماضية، لذا فإن التعريب يقتل الابداع العربي، وهذا هو أخطر شيء، يقول السليطي مختتما. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات