مع دخول أكثر 300 ألف، ما بين سوري ولاجئ لبناني، إلى سوريا، شهدت أسعار الشقق السكنية في العاصمة دمشق ارتفاعا ملحوظا، ليتجاوز إيجار الشقة غير المفروشة مليوني ليرة سورية، في وقت تشهد فيها البلاد تدهورا اقتصاديا.
ولم يتوقف الأمر هنا، بل رفع أصحاب بعض الشقق الإيجار على المستأجرين، مما اضطر بعضهم إلى ترك المنزل والبحث عن آخر أقل سعرا، لكن اللافت أن بعض السماسرة وأصحاب المكاتب العقارية، باتوا يطلبون الدفع بالدولار الأميركي.
زيادة الطلب
عودة السوريين من لبنان ولجوء آلاف اللبنانيين، هرباً من الحرب على بلادهم، رفع الطلب على الشقق السكنية، خاصة في ضواحي دمشق، ليرتفع إيجار الشقة شهريا إلى أكثر من مليوني ليرة سورية، بينما وصل بعضها إلى أكثر من 5 ملايين ليرة، حسب المنطقة.

زيادة الطلب أدت أيضا لمضاعفة نسبة “السمسرة” من المكاتب العقارية التي تريد الحصول عليها بالدولار، مع شرط دفع شهرين أو ثلاثة سلفا، ناهيك عن عدم قبول بعض أصحاب المنازل تأجير المنزل لمدة شهرين أو ثلاثة، بينما في حال أراد المستأجر المنزل لشهرين فعليه دفع إيجار ستة أشهر سلفا وفقا لصحيفة “البعث” المحلية.
الخبير الاقتصادي عمار يوسف، قال إن زيادة الطلب اليوم على العقار هو حالة أفرزتها مجريات ما حدث في لبنان، معتبرا ارتفاع الإيجار حالة طبيعية لكثرة الطلب عليه ونقص المعروض من الوحدات السكنية.
بحسب مصدر في إدارة الهجرة والجوازات، فقد بلغ عدد اللاجئين اللبنانيين أكثر من 86 ألفا، بينما تجاوز عدد السوريين العائدين من لبنان 233 ألف عائد سوري لغاية مساء أمس الأحد، بحسب صحيفة “الوطن” المحلية.
المستأجر الحلقة الأضعف
المستأجرين هم الحلقة الأضعف في هذه العملية، بسبب عدم وجود آلية معيّنة تحدّد طبيعة العلاقة بين المؤجّر والمستأجر كون العلاقة تندرج تحت بند العلاقة الحرة التي يفرض فيها المؤجّر جميع شروطه، وفق يوسف.

رفع الإيجار لم يتوقف عند المستأجرين الجدد، إذ اشتكى مستأجرون قدامى من رفع قيمة الإيجار من قبل بعض أصحاب الشقق، وهو ما يفوق قدرتهم، مما أجبر بعضهم على الإخلاء والبحث عن منزل آخر في مناطق أخرى.
أحد أصحاب المكاتب العقارية بدمشق، قال في حديث لـ “الحل نت” إن الأسعار ارتفعت بنسبة 65 بالمئة، ووصلت في بعض مناطق العاصمة إلى 100 بالمئة، موضحا أن “إيجار الشقة في منطقة كفرسوسة تجاوز 6 ملايين ليرة”.
وأوضح يوسف أن رفع أسعار جميع السلع برّرت لمالكي العقارات رفع الإيجار بشكل يتناسب طرداً مع هذا الارتفاع، إذ أن المقياس الذي يتّبعه أصحاب الشقق مع اللاجئين اللبنانيين هو الحدّ الأدنى للأجور الذي يصل إلى 700 دولار في لبنان، في حين لا يتجاوز الـ 30 دولارا في سوريا، وبالتالي لن يشعر الوافد بالغبن مع دفعه 100 دولار إيجارا لمنزل لمدّة شهر.
الحد الأدنى للأجور يبلغ في سوريا 278.910 ليرة سورية، أي نحو 19 دولارا أميركيا، بينما يتراوح راتب الموظف في القطاع العام بعد الزيادة الأخيرة في شباط/فبراير الماضي إلى ما بين 375 – 450 ألف ليرة سورية (25 – 27 دولارا أميركيا).
بالنسبة للسوريين العائدين، نتيجة تصاعد التوتر، لم يلقوا اهتماما من قبل المؤسسات الحكومية، على غرار اللبنانيين، إذ أظهرت مقاطع مصوّرة من العاصمة دمشق، عائلات تفترش الطرقات، لعدم قدرتهم على استئجار منزل، فيما دمرت الحرب منازلهم التي تركوها قبل سنوات.
في حين لعبت مبادرات أهلية محلية دورا مهمّاً في مساعدة السوريين العائدين، لكن هذه المبادرات تبقى متواضعة في ظل العدد الكبير للعائدين، لذلك يتوجب أن يكون هناك تدخل حكومي يرقى إلى مستوى الأزمة، خاصة فيما يتعلق بتأمين السكن.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
الأكثر قراءة

وعود حكومية بلا تنفيذ.. هل توقفت بوادر حلول الأزمات السورية؟

وزير النقل السوري يتحدث عن آليات جديدة لتسعير السيارات.. ماذا قال؟

وزير الداخلية السوري: التعاون مع روسيا يخدم دمشق

وزارة الداخلية دفعت محمد الشعار إلى تسليم نفسه.. ماذا قالت؟

وثّقَ تعذيب السوريين بسجون الأسد.. تفاصيل جديدة عن “قيصر”

واشنطن تتحدث عن سحب قواتها من سوريا.. و”قسد” تؤكد عدم تلقيها خططا رسمية
المزيد من مقالات حول اقتصاد

سوق العقارات في سوريا بين جمود البيع ونشاط الإيجار.. ما السبب؟

وسط تقلبات سعر الصرف.. الغلاء يزيد من معاناة السوريين

“بدنا إمدادات لشهر رمضان”.. تصريحات جديدة لوزير الكهرباء تثير غضب السوريين

ما الذي يعنيه قرار “المركزي” إتاحة التعامل بالقطع الأجنبي بالنسبة للاقتصاد السوري؟

بعد شهرين من فرار الأسد.. ما هو التحدي الأكبر الذي يواجهه “الشرع”؟

الاتحاد الأوروبي يدرس تخفيف العقوبات على قطاعات حيوية في سوريا.. ما هي؟

وعود حكومية بلا تنفيذ.. هل توقفت بوادر حلول الأزمات السورية؟
