بعد أن أثارت أخبار وتقارير جدلا حول استخدام شركات الاتصالات السورية شرائح اتصال إيرانية، بدأت وزارة الاتصالات بإجراء فحص لشرائح الهواتف المتنقلة للتحقق من معاييرها الفنية العالمية.
إذ قالت تقارير إعلامية، إن اعتماد شركتي الاتصالات في سوريا، “سيريتل” و”MTN”، على شرائح اتصال إيرانية تُصنّعها شركة “صقا”، التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية. وأبرز التحقيق ارتباطات الشركة ببرامج رقابية وأمنية تهدف إلى تعزيز نفوذ إيران الاستخباري في سوريا، في حين أن خبراء في الأمن السيبراني أكدوا أن المشكلة لا تكمن في شرائح الاتصال بل في البنية التحتية.
مخاوف أمنية
وزير الاتصالات في حكومة “تصريف الأعمال السورية”، حسين المصري، قال إن الوزارة أرسلت عينات من الشرائح إلى شركة متخصصة للتحقق من مدى توافقها مع المعايير الفنية العالمية. إذ جاء ذلك بعد انتشار تقارير إعلامية حول تعرّض خصوصية بيانات المواطنين للخطر عبر شرائح الموبايل.

المصري أكد في تصريح لوكالة “سانا”، أن الوزارة ستتخذ كل الإجراءات اللازمة في حال ثبوت أي خطر يهدد بيانات المواطنين.
شركتا “سيريتل” و”MTN” أصدرتا أمس الخميس، بيانات توضيحية بخصوص مصدر شرائح الـ “SIM” الخاصة بهما، إذ نفت شركة “MTN” وجود أي تعامل فني مع شركة إيرانية، بينما بدأت “سيريتل” بفحص عينات عشوائية.
وقالت شركة “MTN” في بيان إنه لا يوجد أي تعامل فني، تقني، أو تجاري مع شركة “Saga” الإيرانية سابقاً أو حالياً، إذ أوضحت أن الشرائح المستخدمة في السوق السورية من إنتاج شركات خليجية، وأوروبية، وصينية متخصصة.
وأضاف البيان أن جميع الشرائح المستخدمة تخضع لاختبارات تقنية معقدة وفق أنظمة وقوانين وزارة الاتصالات والهيئة الناظمة السورية لضمان الحماية من أي محاولات اختراق.
بينما أعلنت شركة “سيريتل” إرسال عينات عشوائية من شرائح اتصال قديمة وجديدة إلى شركات عالمية متخصصة في أمن الاتصالات، ليتم فحص هذه الشرائح وتقديم تقرير موثوق بالنتائج تشاركه مع وزارة الاتصالات والهيئة الناظمة للاتصالات.
وأفادت الشركة في بيان بأن الإجراء يأتي رداً على ما يجري تداوله حول استخدام شركات الاتصالات شرائح اتصال مصنعة من قبل شركة “sagha Company” الإيرانية على برمجيات تتيح للشركة المذكورة جمع معلومات عن المستخدمين وبياناتهم عن بعد.
بينما أكدت أنها تستورد شرائح الاتصال من مصادر متعددة، حيث يخضع جميع الموردين لمجموعة من الإجراءات والاختبارات التقنية الدقيقة.
البنية التحتية
خبير الأمن السيبراني، عبيدة أبو قويدر، أكد في حديث لـ “الحل نت” أن المشكلة لا تكمن في شرائح الاتصال، إذ إنها مجرد حلقة وصل بين المستخدم وأبراج الاتصال، في حين أن التجسس يعتمد على تطبيقات وبرمجيات يمكن أن تكون موجودة في الأجهزة.

وأضاف أن “معظم الأجهزة والسيرفرات والتطبيقات التابعة للحكومة السورية هي ليست سليمة والموضوع أكبر بكثير من شرائح الاتصال ويتعلق بالبنية التحتية للاتصالات في سوريا”.
“الوضع الأمني التقني خطير في سوريا، ويمكن أن يكون هناك برمجيات خبيثة وتطبيقات مزروعة في أجهزة الدولة، إضافة إلى وجود بوابات خلفية مفتوحة بأنظمة الاتصال وتعمل على تسريب المعلومات بشكل مستمر”، وفق أبو قويدر.
وأضاف أن الهواتف السورية المنتشرة في السوق يمكن أن تحتوي على برمجيات خبيثة، لكنه أشار إلى أن الكثير من التفاصيل لا يمكن الحديث بها عبر وسائل الإعلام ويجب أن توجه للجهات المختصة.
مهمة شاقة
الخبير التقني، دلشاد عثمان، اعتبر أن تأمين البنية التحتية للاتصالات في سوريا مهمة شاقة، وتتطلب جهداً ضخماً لتفكيك منظومة التجسس التي بناها النظام المخلوع، بمساعدة إيران، على مدى عقود.
وأضاف في تعليق له على موقع “فيس بوك“، أن النظام السابق استثمر ملايين الدولارات لتعزيز قدراته على المراقبة والتجسس، على حساب تعزيز أمن الشبكة وحماية بيانات المواطنين.
“إعادة تصميم الشبكة ستواجه تحديات كبيرة بسبب العقوبات، ورغم أن الحصول على استثناءات قد يكون ممكناً، إلا أن العديد من الشركات قد تتردد في العمل في سوريا بسبب تعقيد المشهد السياسي والاقتصادي، حتى وإن توفرت تلك الاستثناءات”، بحسب عثمان.
وأشار إلى أن الحل يكمن في بناء قدرات محلية واعتماد منهجية جديدة، بحيث يمكن تحليل الشبكة وكشف البوابات الخلفية الموجودة. كما يجب تبني منهجية التسوية المفترضة ” Presumed Compromise”، “التي تفترض أننا بالفعل مخترقون، مما يستدعي البحث عن الخروقات القائمة وتحديد الجهات المنفذة.”
وأكد عثمان على ضرورة تصميم هندسة شبكية دفاعية تعتمد على مبدأ “عدم الثقة”، بحيث لا يُفترض الوثوق بأي مكون داخل الشبكة دون تحقق صارم من هويته وأمانه، إضافة إلى إيجاد حلول برمجية محلية تحلّ محلّ البرمجيات الأجنبية، التي لا يمكن تحديثها بسبب العقوبات، مما يقلل من المخاطر الأمنية المرتبطة بها.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة
الأكثر قراءة

وعود حكومية بلا تنفيذ.. هل توقفت بوادر حلول الأزمات السورية؟

وزير النقل السوري يتحدث عن آليات جديدة لتسعير السيارات.. ماذا قال؟

وزير الداخلية السوري: التعاون مع روسيا يخدم دمشق

وزارة الداخلية دفعت محمد الشعار إلى تسليم نفسه.. ماذا قالت؟

وثّقَ تعذيب السوريين بسجون الأسد.. تفاصيل جديدة عن “قيصر”

واشنطن تتحدث عن سحب قواتها من سوريا.. و”قسد” تؤكد عدم تلقيها خططا رسمية
المزيد من مقالات حول سياسة

درعا تُعيد بناء نفسها.. حملة تبرعات للمستشفيات والبدء بإزالة آثار الحرب

الشرع.. أول رئيس سوري يزور إدلب منذ سبعينيات القرن الماضي

طهران تتلقى “رسائل إيجابية” من الشرع.. تفاصيل

الشيباني من باريس يكشف مصير الأسد والعقود الروسية والبعثات القنصلية

السجناء السوريون بلبنان يضربون عن الطعام.. وهذا مطلبهم

وسط استياء شعبي.. روسيا تؤكد استمرار المفاوضات على وجودها العسكري في سوريا

مؤتمر باريس حول سوريا ينتهي دون موافقة أميركية.. ما توجه إدارة ترامب تجاه دمشق؟
