تكررت على مدار نحو شهرين، وعود مسؤولي “حكومة تصريف الأعمال” السورية، منذ توليها عقب تحرير البلاد وسقوط نظام المخلوع بشار الأسد، إلا أن بعض تلك الوعود لم تُنفذ وسط حالة من الترقب لحسمها خاصة وأنها ترتبط بأزمات تمسّ الظروف المعيشية للسوريين. 

وتتزايد التساؤلات حول مصير هذه التعهدات الحكومية، وعما إذا كان سيتم إيفاء الحكومة بوعودها، أم أنها كانت مجرد تصريحات للتخفيف عن معاناة المواطنين، لما لها من تأثير نفسي يعكس الاستقرار الحكومي، في ظل العيش تحت وطأة الظروف الاقتصادية الصعبة، خاصة وأن عدم تنفيذها من شأنه أن يؤثر على ثقة المواطن السوري في حكومته حتى وإن كانت مؤقتة. 

ويستعرض موقع “الحل نت” خلال هذا التقرير أبرز الوعود الصادرة عن “حكومة تصريف الأعمال” في سوريا، والتي لم تُحسم حتى الآن. 

استمرار لأزمة أسطوانات الغاز 

تستمر أزمة أسطوانات الغاز المنزلي بالبلاد، في ظل تفاقم الأجواء الباردة، على الرغم من الوعود الحكومية المتكررة بتخفيف الأعباء، ومواجهة أزمة النقص الحاد في الغاز المنزلي وأيضًا المشتقات النفطية، لتتعلق آمال السوريين بأن يتم إنهاء الأزمة التي باتت مطلبًا مُلحّا من “الإدارة الجديدة”. 

في الثاني عشر من كانون الثاني/ يناير الماضي وصلت إلى مصب النفط في الشركة السورية لنقل النفط بمدينة ‏بانياس، أول ناقلة تحمل على متنها الغاز المنزلي، بعد سقوط نظام بشار الأسد، ومنذ أيام معدودة تم الإعلان عن وصول ناقلة الغاز الثانية، وعلى الرغم من ذلك لم يكن هناك أي نتائج ملموسة لتستمر الأزمة.  

وبعد نشوب الأزمة السورية هوى إنتاج النفط ليصل إلى حوالي 15 ألف برميل يومياً في 2015، بحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، وفي 2023، بلغ إنتاج سوريا من النفط والسوائل 40 ألف برميل يومياً، وفقاً لتقديرات أوردتها صحيفة الشرق الأوسط. 

أما فيما يخص الغاز، فكانت سوريا تنتج 30 مليون متر مكعب يومياً قبل 2011، لكن الإنتاج انخفض 10 ملايين متر مكعب يومياً، بما يقل عن احتياجات سوريا لتشغيل محطات الكهرباء البالغة 18 مليون متر مكعب يومياً.  

معاناة انقطاع الكهرباء 

هذا ويمثل الحصول على الكهرباء أهم الأولويات لدى السوريين، في ظل تعرّض القطاع إلى دمار وأضرار جسيمة على مدار سنوات الأزمة السورية، وهو ما أدى إلى عجز توفير الاحتياجات الفعلية للبلاد بما يصل إلى 80%.  

وتتواصل معاناة السوريين اليومية من انقطاع الكهرباء لمدة ساعات، وسط وعود حكومية بتحسين تغذية التيار الكهربائي والتخفيف من حدة الأزمة التي تفاقمت خلال فترة النظام البائد. 

في هذا السياق أعلن مسؤول قبل أسابيع عن نيّة تركيا وقطر إرسال سفينتين لتوليد الكهرباء. 

وقال مدير عام المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء المهندس، خالد أبو دي، في تصريح صحفي، بتاريخ 7 كانون الثاني/يناير، إن سفينتين لتوليد الكهرباء من تركيا وقطر قادمتان إلى سوريا تولّدان 800 ميغاواط وهو ما يعادل نصف ما يتم توليده حاليا في سوريا، الأمر الذي سيسهم في زيادة حصة ‏المواطن من الكهرباء بنسبة 50 بالمئة تقريبا. 

علامات استفهام حول سفينتي توليد الكهرباء؟ 

على الرغم من مرور شهر على الإعلان عن تحرك سفينتي توليد الكهرباء نحو سوريا، إلا أنه لم يتم وصولهما في ظل ترقب السوريين، وعقد الآمال عليهما بأن تُحل الأزمة، لتتزايد مؤخرًا علامات الاستفهام حول مصيرهما. 

ومنذ أسبوع، نفى مدير المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء في سوريا خالد أبو دي، وجود موعد محدد حتى الآن، لوصول سفينتي توليد من قطر وتركيا وتشغيلهما وربطهما بالشبكة، مشيرًا إلى عدم صدور أي تأكيد رسمي من السلطات القطرية أو التركية بشأن ذلك. 

محطة كهرباء غائمة تابعة لشركة كارباورشيب التركية- الصورة أرشيفية

وبلغت قدرة الكهرباء في سوريا نحو 9 آلاف ميجاوات في عام 2012، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، وخلال سنوات الصراع السوري على مدار 13 عاماً دُمرت 15 من أصل 39 محطة للكهرباء بالكامل، وتضررت 10 محطات جزئياً، في حين تم تعطيل أكثر من نصف البنية التحتية للكهرباء وخطوط النقل في البلاد. 

وتقدر الأضرار التي لحقت بقطاع الكهرباء السوري بنحو 40 مليار دولار من التكاليف المباشرة، و80 مليار دولار من التكاليف غير المباشرة. 

ترقب لزيادة الرواتب 

هذا وينشغل السوريين بالحديث عن الزيادة المرتقبة للرواتب بنسبة 400% كما وعدت “الإدارة السورية الجديدة” منذ توليها، خاصة وأنها تمثل لهم ضرورة مُلحة في ظل انخفاض الرواتب وغلاء المعيشة، بعد أن كان الحد الأعلى لرواتب الموظفين 25 دولاراً، وهو ما يجعلهم تحت خط الفقر. 

ويستمر الموظفون بانتظار الزيادة منذ الإعلان عنها بعد سقوط النظام بأيام، لكنها لم يجر صرفها إلى الآن، رغم الوضع المعيشي الصعب. 

ادة الرواتب ستأتي في إطار إعادة هيكلة الوزارات التي بدأت منذ اليوم الثاني لسقوط النظام – انترنت

وزير المالية، محمد أبازيد، كان أعلن في وقت سابق، أن الزيادة كان من المقرر صرفها مطلع كانون الثاني/يناير الماضي، ولكن فوجئت الحكومة بأن أعداد العاملين المسجلين في الجهات العامة أكبر بكثير من الأعداد الفعلية على أرض الواقع، إضافة للخلل بالقوائم المالية. 

وفي تعديل للموعد، أعلن الوزير عن صرف الزيادة الجديدة في شباط/ فبراير الجاري، ذلك بعد تقييم شامل لما يصل إلى 1.3 مليون موظف مسجل في القطاع العام بهدف حذف أسماء موظفين وهميين من كشوف الرواتب، لكن لم يصدر أي تصريحات جديدة توضح ما إذا كان تم تعديل الموعد مرة أخرى أو سبب تأخر صرف الزيادات. 

تضارب حول توافر السيولة 

تأخر صرف الرواتب بالزيادة الموعودة أثار التكهنات حول توافر السيولة بخزينة المركزي، وفي هذا السياق اعترف وزير مالية “حكومة تصريف الأعمال”، خلال تصريحات إعلامية سابقة، عن وجود مشكلات بالسيولة، قائلًا: “شيء طبيعي، نحن طالعين من الحرب.. وعدنا بمساعدات من دول، من دول إقليمية وعربية، وعدنا بافتتاح استثمارات ضمن المنطقة في الفترة القادمة، وهذا طبعاً شيء طبيعي أنه يعود بمنافع على خزينة الدولة، وممكن نحن نستطيع نموّل هذه الزيادة (في الرواتب)”. 

وفي الرابع عشر من كانون الثاني/ يناير الماضي قالت حاكمة “مصرف سوريا المركزي” ميساء صابرين، خلال تصريح إعلامي هو الوحيد لها منذ توليها المنصب، إن البنك لديه ما يكفي من المال في خزائنه لدفع رواتب القطاع العام بعد زيادة 400% التي تعهدت بها “حكومة تصريف الأعمال”، وهو ما يتنافى مع تصريحات الوزير أبازيد. 

وتقدر كلفة زيادة الرواتب بنحو 1.65 تريليون ليرة سورية، نحو 127 مليون دولار بسعر الصرف الحالي، وستُمول من خزانة الدولة الحالية ومساعدات إقليمية واستثمارات جديدة والجهود الرامية إلى فك تجميد الأصول السورية الموجودة حالياً في الخارج. 

ينتظر السوريون أيضًا التعديل على التعرفة الجمركية للبضائع المستوردة، بعد أن أثارت نشرتها جدلًا واسعًا بين الأوساط الشعبية، لتأثيرها المباشر على التجار والصناعيين والمستهلكين.  

التعرفة الجمركية والاعتراضات الشعبية 

وفي التاسع عشر من كانون الثاني/ يناير الماضي، أعلنت “الحكومة السورية المؤقتة” اعتزامها إعادة النظر بنشرة الرسوم الجمركية التي أصدرتها سابقًا، بعد أن تعرضت إلى اعتراضات شعبية بسبب ارتفاع الأسعار بمدن شمال غربي سوريا.  

بحسب مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، مازن علوش، فإن الهيئة تعمل على تحديث رسوم التعرفة الجمركية، وذلك بعد صدور قائمة مؤخراً وإثارتها جدلاً بين السوريين.  

معبر باب السلامة الحدودي - انترنت
معبر باب السلامة الحدودي – انترنت

ولفت إلى أن قائمة جديدة ستصدر قريباً بعد انتهاء تلك المشاورات ودراسة كل الآثار التي تترتب على الرسوم المحددة، بما يصب في مصلحة اقتصاد الدولة والمواطن.  

وبحسب مواقع إخبارية من المتوقع أن يطاول التعديل المنتظر تخفيض بعض الرسوم أو إلغاء البعض الآخر، خاصة المتعلقة بالمحروقات والسلع الاستهلاكية ومواد البناء التي ارتفعت الرسوم عليها وفق النشرة الجديدة، بين 100 و500%.  

تضمنت نشرة التعرفة الجمركية، أكثر من 6 آلاف صنف للبضائع الأولية والجاهزة المستوردة، وبدأ العمل بها ضمن الأمانات الجمركية والمنافذ البرية والبحرية والمطارات السورية منذ تاريخ صدورها في 11 كانون الثاني/ يناير الماضي.  

حكومة جديدة 

يذكر أنه في خطاب له إلى الشعب السوري بعد إعلان توليته منصب رئيس البلاد خلال المرحلة الانتقالية، أكد الرئيس أحمد الشرع، أنه سيعمل على تشكيل “حكومة انتقالية شاملة” تعكس تنوع البلاد وتبني مؤسسات جديدة. 

وأوضح الشرع أن هذه المرحلة مرحلة انتقالية، مشيراً إلى أن “الحكومة الانتقالية الجديدة” ستعمل على الوصول إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة. 

ومنذ إعلان المعارضة السورية إسقاط نظام حكم الأسد في سوريا، عملت “الإدارة السورية الجديدة” على ملء الفراغ في المناصب الرسمية والأساسية لتسيير أعمال الدولة في المرحلة الجديدة، من خلال تعيين “حكومة تصريف الأعمال” الحالية. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات