مرّ شهران على تحرّر السوريين من استبداد نظام الأسد، لكن العقوبات الدولية التي تسبب فيها نتيجة قمعه الدامي للاحتجاجات المناهضة له في العام 2011 والتي أشعلت فتيل الحرب الأهلية في البلاد على مدار أكثر من عقد، ما زالت تكبد البلاد خسائر واسعة.
وعلى الرغم من رفع جزء يسير من تلك العقوبات الغربية، إلا أن الاقتصاد السوري مازال مُتأثرًا، وهو ما يعكسه تنبيه “الإدارة السورية الجديدة” المتكرر المجتمع الدولي إلى الحاجة المُلحّة لرفع العقوبات، وتأكيدها أنها تمثل عقبة أمام التعافي السريع للبلد الذي مزّقته الحرب.
إعاقة ضخ الاستثمارات
في السياق أكد رئيس “هيئة الاستثمار السورية” أيمن حموية، أن العقوبات الغربية على القطاع المصرفي السوري تعوق ضخ الاستثمارات الضرورية للاقتصاد الذي أنهكته الحرب رغم الاهتمام الكبير من مستثمرين سوريين وأجانب منذ سقوط نظام الأسد.
ونقلت وكالة “رويترز” للأنباء عن حموية، قوله إن العقوبات أوقفت كل شيء، مؤكدًا أنه لا تأثير لها حاليا سوى على الشعب السوري الذي تزداد معاناته.

وعيّنت “الإدارة السورية الجديدة” حموية في منصب رئيس “هيئة الاستثمار السورية” بعد سقوط نظام الأسد نهاية العام الماضي.
وكان يدير في السابق مشاريع الاستجابة للأزمة السورية وعمل على السياسة الاقتصادية مع الهيئة الحاكمة لـ “هيئة تحرير الشام” في محافظة إدلب.
وتأسست هيئة الاستثمار في عام 2007 لجذب الاستثمار في الوقت الذي سعى فيه الأسد إلى الشروع في الإصلاحات لتحرير الاقتصاد الذي ظل في نهاية المطاف خاضعًا لسيطرة شديدة من قبل عائلته ومجموعة من رجال الأعمال المختارين.
عشرات الطلبات
“الإدارة السورية الجديدة” تتلقى عشرات الطلبات يوميا أغلبها من شركات سورية وتركية وخليجية وأيضا من بعض الشركات الأوروبية المهتمة بمشروعات منها بناء مستشفيات وأخرى لاستغلال طاقة الرياح والتطوير العقاري، بحسب ما أوضح حموية في تصريحاته.
وتابع قائلا: “لكن كلهم يقولون إنّه من الصعب (الاستثمار) بالنظر لبقاء القطاع المصرفي خاضعا للعقوبات، لا يمكنك أن تأتي حاملا الملايين من اليورو في حقيبتك، هذه ليست طريقة تنفيذ الأعمال في عالم اليوم”.
الولايات المتحدة أصدرت الشهر الماضي إعفاء لمدة 6 أشهر من عقوبات تفرضها على سوريا وتتركز على قطاع الطاقة والتحويلات المالية إلى السلطات التي تحكم البلاد، لكنها أبقت العقوبات على المصرف المركزي ما يعني استمرار عزل سوريا عن النظام المالي العالمي.
وتتنوع العقوبات التي لا تزال مفروضة على سوريا بين تشريعات أقرها “الكونغرس الأميركي”، وأوامر تنفيذية أصدرها الرئيس، وعقوبات أصدرتها وزارة الخزانة بالتشاور مع وزارة الخارجية.
وأيضا تشمل عقوبات تحظر التجارة لأغراض غير إنسانية بين سوريا والولايات المتحدة، فضلاً عن عقوبات أخرى تهدف إلى منع بلدان ثالثة من ممارسة أعمال تجارية مع سوريا.
خطوات غير كافية
فيما وافق الاتحاد الأوروبي أواخر الشهر الماضي على خارطة طريق لتخفيف عقوباته واسعة النطاق على سوريا، ويقول دبلوماسيون في التكتل إن التخفيف قد يشمل إلغاء بعض الإجراءات المفروضة على القطاع المصرفي، ولا يزال العمل يجري على التفاصيل في بروكسل.
وبشأن الخطوات التي اتُّخذت حتى الآن بشأن تخفيف العقوبات، أكد حموية أنها غير كافية، حيث رأى أن ثمة مصلحة للجميع في إتمام تلك التحويلات عبر نظام مصرفي يخضع لإشراف ويتسم بالشفافية بدلا من شبكات التحويل غير الرسمية.

يذكر أن مصدرا أوروبيا قال سابقًا لقناة “العربية”، إن أصول روسيا في سوريا سبب استمرار العقوبات المصرفية.
ويفرض الاتحاد الأوروبي مجموعة من العقوبات تستهدف أفرادا وقطاعات اقتصادية في سوريا، منها حظر صادرات النفط السوري، وقيود على الوصول إلى القنوات المالية العالمية.
وناقش وزير المالية السوري محمد أبازيد، منذ أيام، الوضع المالي لبلاده واحتمالات تخفيف العقوبات المفروضة عليها في أول اجتماع له مع مسؤولين بالاتحاد الأوروبي منذ إطاحة المعارضة بنظام بشار الأسد العام الماضي.
رهان حكومي على رفع العقوبات
منذ تسلّم الوزراء في “الإدارة السورية الجديدة” مهامهم، دأب المسؤولون في “الإدارة الجديدة” على الإشارة إلى أثر العقوبات الأميركية على عملية بناء الاقتصاد.
وكانت من بين هذه التصريحات ما جاء على لسان وزير التجارة ماهر الحسن، الذي اعتبر أن بلاده غير قادرة على إبرام صفقات لاستيراد الوقود أو القمح أو البضائع الرئيسية الأخرى، بسبب العقوبات الأميركية الصارمة على البلاد.
تراهن “الحكومة الجديدة” على رفع العقوبات، ما سيفتح لها المجال لإعادة بناء الاقتصاد الذي دمرته الحرب، وأوصلت الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من 6 مليارات دولار في 2024، مقارنة بأكثر من 61 مليارا في 2010.
ووفق بيانات سابقة لوزارة المالية في سوريا، ستساعد هذه الخطوة في تدفق المساعدات والاستثمارات وعمليات التمويل، التي تحتاجها البلاد بشدة.
تُجدر الإشارة إلى أنه تم منع المؤسسات المالية الدولية من التعامل مع “البنك المركزي السوري”، ما أدى إلى عزل النظام المالي السوري عن النظام المصرفي العالمي، وجعل من الصعب على الحكومة السورية إجراء المعاملات الدولية أو تمويل العمليات المالية الكبرى.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
الأكثر قراءة

وصفت بـالتاريخية لحظة تصديق الشرع على الإعلان الدستوري

هل تستفيد المصارف السورية من تعليق العقوبات عن “البنك المركزي”؟

هجوم لفلول النظام على حاجز للأمن العام بدمشق

نزوح الآلاف من الساحل السوري باتجاه لبنان.. تفاصيل

ميليشيات عراقية تعتدي على سوريين وتعتقلهم

ميليشيا عراقية تعتدي على السوريين.. دمشق تندّد والسوداني يأمر باعتقال المتورّطين
المزيد من مقالات حول اقتصاد

وسط الغلاء وتآكل القدرة الشرائية.. كيف يشتري السوريون “كسوة العيد”؟

متى تتسلم الإدارة السورية آبار وحقول النفط من “قسد”؟

بعد ملاحقة المكاتب غير المرخصة.. هل تنتهي فوضى “بسطات الصرافة” في سوريا؟

لغز توقف إعادة الربط الكهربائي بين سوريا والأردن.. هل قطر السبب؟

مسؤول يكشف حقيقة السفن القطرية والتركية.. سوريا بلا كهرباء إلى أجل غير مسمى

“وزارة الاقتصاد” تستعرض انجازاتها.. هل انعكست على معيشة السوريين؟

ضوابط ورسوم جديدة تهدد بانهيار قطاع التخليص الجمركي في سوريا.. ما علاقة الاحتكار؟
