أثار قرار حديث أصدرته “الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية” بفرض رسوم مرتفعة على مكاتب التخليص الجمركي، وضوابط صارمة للحصول على تراخيص مزاولة مهنة التخليص الجمركي، حالة من الغضب والاستياء بين العاملين بالقطاع.
وتزايدت المخاوف بعد القرار من أن يؤدي إلى إغلاق مئات المكاتب وتسريح آلاف العاملين، بسبب الرسوم المفروضة والتي وصلت إلى 500.000 دولار.
شروط صارمة
أصدرت مؤخرًا “الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية” في سوريا قراراً جديداً يحمل الرقم (42)، يفرض شروطاً صارمة للحصول على تراخيص مزاولة مهنة التخليص الجمركي، سواء للأفراد أو الشركات، وصفته الهيئة بأنه خطوة تهدف إلى ضبط القطاع، تعزيز الشفافية، مكافحة التهريب، وتطوير التجارة والنقل البحري في البلاد.
ومن أبرز المتطلبات؛ الجنسية والإقامة، أن يكون المتقدم سورياً ومقيماً في البلاد، والسجل القانوني بعدم صدور أي حكم جنائي أو إداري بحق المتقدم في قضايا السرقة أو الرشوة أو الإضرار بالمال العام.

وكذلك الخبرة المهنية، بامتلاك خبرة لا تقلّ عن خمس سنوات في مجال التخليص الجمركي أو النقل البحري والتأهيل العلمي بالحصول على شهادة معترف بها تتناسب مع طبيعة العمل.
أما بالنسبة للشركات، فقد ألزمها القرار بتعيين مدير متخصص في التخليص الجمركي، ومحاسب مالي معتمد، ومسؤول قانوني، إلى جانب ضابط أرشفة لتوثيق المعاملات وفق الأصول القانونية.
وألزم القرار المتقدمين بتقديم وثائق رسمية تشمل شهادة تأسيس الشركة مصدقة من وزارة الاقتصاد، سجل تجاري يوضح نشاط الشركة في التخليص الجمركي، وثائق تثبت عدم التورط في مخالفات جمركية أو قضايا تهريب.
إضافة إلى شهادات عدم محكومية للعاملين في الشركة، إثبات امتلاك مقر رسمي مزود بلوحات تعريفية واضحة، واجتياز اختبار شفهي وتحريري تنظمه الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية.
رسوم مبالغة
ووضع القرار شروطًا لتجديد ترخيص عمل التخليص الجمركي أو الترخيص لأول مرة، بدفع رسوم سنوية قدرها خمسة آلاف دولار بالنسبة لشركات التخليص الجمركي، وعشرة آلاف دولار بالنسبة لشركات الترانزيت.
حدد القرار الجديد مبلغ تأمين لشركات التخليص الجمركي المركزية قدرة خمسون ألف دولار، ومبلغ خمسة آلاف دولار بالنسبة لفرع الشركة، ذلك كضمان لأي رسوم للخزينة العامة على أن ترد إلى الشركة عند انتهاء عملها.
وأقر أيضًا دفع مبلغ قدره خمسمائة ألف دولار كتأمين لشركات الترانزيت المركزية، بينما فرع الشركة يخصص له مبلغ خمسون ألف دولار.
وعن شروط الحصول على ترخيص عمل الوكيل البحري، حدد القرار دفع مبلغ سنوي قيمته عشرة آلاف دولار، وإيداع مبلغ تأمين بقيمة مائة ألف دولار.
لماذا يقلق العاملين بالقطاع؟
القرار أثار جدلًا بين العاملين في القطاع البحري، الذين أعربوا عن قلقهم حياله وأن يؤدي إلى إغلاق مئات مكاتب التخليص الجمركي وحرمان آلاف العاملين من وظائفهم.
وتساءل العاملون في القطاع البحري عما إذا كانت الهيئة العامة تدرك عدد البيانات الجمركية المسجلة، حتى تفرض هذه الرسوم الضخمة؟، معتبرين أن القرار تم إصداره حتى تستفاد شركات بعينها، مما قد يؤدي إلى احتكار القطاع وإقصاء العديد من المكاتب الصغيرة.

في هذا الصدد رصد “الحل نت” ردود فعل بعض السوريين على القرار المثير للجدل، فمن جهته، وصف أحد المعلقين على القرار، بأنه “مجحف”، مؤكدًا أن المستفيد منه هم “حيتان” بعينها، بحسب ما قال.
وأكد أنه كان من الأجدر إصدار قرار يحدد قيمة تتناسب طردًا مع قيمة ووزن كل معاملة جمركية، لذلك إذا أراد المسؤولون العدل والحق، وغير ذلك خطأ جسيم وغير مسؤول.
قرار جائر
بينما عبّر آخر عن استيائه الشديد، قائلًا إن القرار جائر ومجحف بحق كافة العاملين بقطاع النقل والتخليص البحري والبري، موضحًا أنه سيؤدي إلى خروج آلاف العاملين إلى البطالة.
وأفاد بأنه كان على من يصدر مثل تلك القرارات أن يجري دراسة لعينات من مكاتب التخليص، وتحديد عدد البيانات الجمركية المسجلة سنويًا وقيمة الأتعاب التي يحصل عليها المكتب، وتحديد مدى توافق الرسوم المحددة بالقرار مع دخل الشركة.
بحسب كمية العمل الموجودة بالوقت الحالي سيحتاج العاملين بالقطاع الجمركي إلى 30 عامًا حتى يستطيعوا توفير مبلغ التأمين، متسائلًا: “لماذا يطبق القرار على المخلصين الجمركيين القدماء.. بينما بالإمكان ابقاء الشروط على من يستخرج ترخيصًا من جديد”.
رأي أحد المعترضين على القرار
وأكد: “هذا القرار سيعيد بعض الفاسدين إلى الواجهة لأنهم هم من يملكون مالاً من أعمال الفساد والتهريب”.
تثير الرسوم الجديدة أيضًا مخاوف بشأن تأثيرها على أسعار السلع بارتفاعها، في وقت يعيش فيه السوريون ظروفاً اقتصاديةً قاسية، فيقول أحد المعترضين على القرار إن سعر قنينة الزيت تباع بسعر 17 ألف ليرة، وبعد تطبيق هذه الرسوم من المتوقع أن تباع بسعر 25 ألف ليرة سورية، مؤكدًا: “هذا ليس عدل”.
يمثل هذا القرار تحولًا جذريًا في قطاع التخليص الجمركي بسوريا، ففي ظاهره يهدف إلى ضبط القطاع، وإقصاء الجهات غير المؤهلة، وتعزيز الثقة بين الوكلاء الجمركيين والتجار، إلا أنه يفرض تحديات أمام العاملين به والراغبين في دخول المجال.
ومن شأن القرار أن يؤدي إلى تضاعف تكاليف الشحن والتخليص الجمركي في سوريا، ما يؤثر بشكل مباشر على أسعار السلع، ما يجعل المنتجات الصناعية السورية تفقد تنافسيتها أمام المنتجات الأجنبية، خاصة من الدول المجاورة التي أصبحت أرخص سعراً.
- مؤتمر “وحدة الموقف والصف” الكردي يعلن بيانه الختامي.. تفاصيل
- في ظل غياب العدالة الانتقالية.. استمرار أعمال التصفية والانتقام في سوريا
- مروان الحلبي.. طبيب الخصوبة الذي ارتقى لسُدة التعليم العالي
- رد دمشق على واشنطن تناول 5 مطالب… تفاصيل الرسالة السورية حول شروط رفع العقوبات
- تديّن أم موضة؟.. هجوم حاد من سارة نخلة على حجاب حلا شيحة “الموسمي”
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة
الأكثر قراءة

واشنطن تتسلّم رد دمشق على متطلبات تخفيف العقوبات.. تفاصيل

هل تحمل زيارة وزير الخارجية الأردني لدمشق رسائل بعد حلّ “اللواء الثامن” بدرعا؟

مسؤول أميركي: لا ثقة بدمشق حتى الآن وهذه أولوياتنا في سوريا

مرهف أبو قصرة: من حقول حلفايا لوزارة الدفاع السورية.. رحلة مثيرة للجدل!

محمد البشير: من حكومتي الإنقاذ وتصريف الأعمال إلى وزارة الطاقة.. السيرة الكاملة

مباحثات أوروبية حول إمكانية تخفيف العقوبات عن سوريا
المزيد من مقالات حول اقتصاد

السعودية وقطر تتكفلان بسداد ديون سوريا لدى “البنك الدولي”.. ما دلالات تلك الخطوة؟

احتجاز شاحنتين أردنيتين في السويداء: هل تتأثر حركة النقل بين البلدين؟

خبير يحل اللغز.. لماذا ترتفع أسعار المواد المحلية السورية أمام المستوردة؟

الوزير العائد: هل ينجح يعرب بدر في ترميم شرايين النقل السوري؟

سرّ تزايد الطلب على الدولار.. هل تتراجع الليرة السورية؟

صندوق النقد الدولي يعين رئيسا لبعثته إلى سوريا.. ماذا تعني هذه الخطوة؟

سخط كبير رغم تسهيلات “التجاري السوري” لسداد القروض.. بماذا طالب السوريين؟
