حذّرت منظمة الغذاء العالمي من تفاقم الأمن الغذائي في سوريا، في ظل الأوضاع الاقتصادية الهشة واستمرار النزاع وتغير المناخ، الأمر الذي يتطلب استجابات عاجلة من المؤسسات الإنسانية والجهات الفاعلة في المجتمع الدولي، لمنع تفاقم الأزمة.

هذا التحذير يأتي في وقت ما يزال فيه المستوى المعيشي للسوريين متدنيا، نتيجة الفجوة الكبيرة بين بين الدخل والإنفاق، رغم الانخفاض الملموس في أسعار المواد الغذائية.

ونشرت المنظمة الأممية تقريراً سلّطت فيه الضوء على استمرار أزمة الأمن الغذائي في البلاد، إذ توقعت أن يكون إنتاج الحبوب دون المتوسط وارتفاع معدّل انعدام الأمن الغذائي، رغم انخفاض نسبي في أسعار المواد الغذائية.

استمرار انعدام الأمن الغذائي

بحسب التقديرات فإن أكثر من نصف السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بينهم 9.1 مليون شخص في حالة انعدام أمن غذائي حاد.

سوق الهال دمشق سوريا
السوق المركزي للخضار والفواكه في دمشق، المعروف باسم “سوق الهال”- انترنت

في كانون الثاني/يناير الماضي، بلغ متوسط الحد الأدنى من النفقات الضرورية (سلة الحد الأدنى للإنفاق) لأسرة من خمسة أفراد نحو 2.5 مليون ليرة سورية شهرياً، بانخفاض يقارب 15 بالمئة عن الشهر الذي سبقه، وهو أدنى مستوى منذ عام.

رغم هذا التراجع، فإن الحد الأدنى للأجور البالغ نحو 279 ألف ليرة لا يغطي سوى 18 بالمئة من مكون الغذاء في هذه السلة، ما يعكس تدهور القدرة الشرائية للأسر السورية.

وسجّلت أسعار الغذاء انخفاضاً طفيفاً مدفوعة بتراجع سعر صرف الليرة في السوق الموازية، وتخفيف القيود على الاستيراد، وإزالة الحواجز العسكرية على الطرق الرئيسية، ما سمح بانسياب السلع وخفض كلفة النقل.

يأتي ذلك في وقت ما يزال فيه السوريون ينتظرون الحكومة بتنفيذ وعودها بزيادة رواتب القطاع العام بنسبة 400 بالمئة، إذ جرى الإعلان عنها مع تسلّم حكومة “تصريف الأعمال” مهامها في كانون أول/ديسمبر الماضي، لكنها لم تطبق على أرض الواقع، إذ جرى تأجيلها مع بداية كل شهر جديد، بذريعة وجود موظفين “أشباح” وعدم الانتهاء من إعادة الهيكلة.

موجة جفاف

تأخّر موسم زراعة الحبوب الشتوية نتيجة تأخر هطلان الأمطار في تشرين الثاني/نوفمبر 2024، وتعرّض لاضطرابات حادة بسبب استمرار النزاع، وحالات النزوح، والتحوّل السياسي في البلاد أواخر 2024.

وشهدت البلاد، بين تشرين الثاني/نوفمبر 2024 وكانون الثاني/يناير 2025، موجة جفاف مبكرة، حدّت من إمكانية الوصول إلى الحقول الزراعية وخفّضت من كميات الأمطار، ما تسبب بانخفاض متوقع في المساحات المزروعة والمحاصيل، وبالتالي تراجع إنتاج الحبوب في 2025، بحسب تقرير منظمة الغذاء العالمي.

قدّرت تقارير منظمة الأغذية ومنظمة الزراعة إنتاج الحبوب في سوريا عام 2024 بنحو 3.4 ملايين طن، أي أقل بـ 13 بالمئة من متوسط السنوات الخمس الماضية، وبنحو 33 بالمئة من المعدل الذي سبق اندلاع الثورة السورية.

أسباب هذا الانخفاض تعود إلى سوء توزيع الأمطار خلال الموسم، وارتفاع درجات الحرارة في نيسان/أبريل وأيار/مايو 2024، وانتشار الأمراض النباتية، إضافة إلى أسعار المدخلات المرتفعة.

ودفع ارتفاع أسعار المدخلات الزراعية مثل الوقود والأسمدة المزارعين إلى التحول لزراعة محاصيل أكثر ربحاً، كاليانسون والكمون والحبة السوداء والكزبرة، ما عمّق من أزمة إنتاج الحبوب.

وعلى الرغم من تراجع الإنتاج المحلي، تتوقع منظمة “الفاو” أن ترتفع واردات القمح خلال العام التسويقي 2024 / 2025 (بين يونيو/حزيران ويوليو/تموز)، لتتجاوز متوسط السنوات الخمس الماضية، إلا أن استمرار التقلبات الاقتصادية، وتراجع قيمة العملة الوطنية، والاضطرابات الداخلية، كلها عوامل تُعيق قدرة البلاد على تأمين احتياجاتها من واردات القمح في 2025.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات