في خطوة تهدف إلى تنظيم وحماية البيانات الشخصية للمواطنين والمقيمين، أعلنت وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات السورية، حصر عمليات جمع هذه البيانات عن طريقها أو عبر منصات معتمدة، مما أثار تساؤلات حول آليات التنفيذ والشفافية في ظل غياب تشريعات واضحة لحماية الخصوصية.
قرار الاتصالات بحصر جمع البيانات وإجراءاته
في التفاصيل، أعلنت وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات السورية عن حصر عمليات جمع البيانات الشخصية للمواطنين السوريين والمقيمين في البلاد، وذلك عن طريق الوزارة حصراً أو عبر منصات معتمدة من قبلها.
يأتي هذا القرار، الذي تم التأكيد عليه في بيان للوزارة نقلته وسائل إعلام محلية، بهدف “حماية البيانات الشخصية للمواطنين السوريين ومن في حكمهم، خصوصاً العاملين في الدولة، ومنع استغلالها بطرق غير مشروعة ربما تضر بكوادر الدولة أو مواطنيها”، بالإضافة إلى “تنظيم وضبط نشاطات جمع البيانات الشخصية تحت إشراف الدولة”.
وطالبت الوزارة جميع الجهات العاملة في القطاع العام، والنقابات، ومنظمات المجتمع المدني، وكل من يتطلب عمله جمع البيانات، باتباع إجراءات محددة لإنجاز هذه المهمة.

وتتضمن الإجراءات، حجز نطاق “.sy” أو “.سوريا” من “الهيئة الوطنية لخدمات تقانة المعلومات” في حال عدم امتلاك الجهة نطاقاً حكومياً سورياً، وحجز استضافة خاصة للبيانات ضمن الهيئة في حال عدم وجود مركز بيانات خاص بالجهة، كما أتاحت الوزارة طلب خدمة تطوير موقع لتخزين البيانات من مركز التطوير والتدريب التقني التابع للهيئة.
وشددت الوزارة، على أن الجهة الطالبة لجمع المعلومات هي المالك الفعلي والمسؤول عن عملية الجمع، مؤكدة أن “هيئة تقانة المعلومات” لن تتمكن من الاطلاع على محتوى البيانات.
تساؤلات حول الأساس القانوني وتضارب المصالح
في تعليقه على هذا القرار، أبدى الخبير التقني دلشاد عثمان تحفظات حول مضمونه وآلياته. وأشار في تصريح لموقع “الحل نت” إلى أن “حماية بيانات المواطنين قضية وطنية حساسة ومشروعة، لكن السيادة على البيانات تُبنى على أساس تشريعي وقانوني، وليس بقرارات تنفيذية”.
وتساءل عثمان، عن السند القانوني الذي ستستند إليه المحاكم في حال مخالفة أي جهة خاصة لهذا التعميم، معتبراً أن “غياب القانون الصريح يجعل هذه الإجراءات هشّة وغير ملزمة قضائياً”.
كما أثار عثمان قضية حجز النطاقات الوطنية، متسائلاً عما إذا كانت العملية “باتت متاحة وشفافة مثل باقي النطاقات العالمية”، وما إذا كانت “إجراءات حجز النطاقات خاضعة للموافقات الأمنية أو البيروقراطية”.
وانتقد الخبير التقني، فرض الاستضافة أو فكرة المنافسة على عقود الاستضافة والتصميم عبر جهات حكومية أو مصممين تابعين لها، معتبراً أن ذلك “يطرح تساؤلات عن لماذا يجب ان يثق القطاع الخاص او قطاع المنظمات بجهات حكومية لتقديم هكذا خدمات؟ ألا يفتح هذا الباب أمام تضارب مصالح؟”.
ورأى عثمان، أن الحكومة تبدو هنا “كمنافس مباشر لشركات الاستضافة المحلية”، متسائلاً عن كيفية قدرة هذه الشركات “الناشئة او المنهكة أساساً” على منافسة الدولة التي تمتلك “الأولوية بالحصول على المهارات، الطاقة، الدعم وغيرها”، ودعا الدولة إلى التركيز على “دورها التنظيمي ودعم السوق المحلي المنهك أصلاً, و ليس منافسته”.
وفيما يتعلق بتأكيد الوزارة على عدم إمكانية الاطلاع على محتوى البيانات المخزنة لديها، اعتبر عثمان أن هذا الأمر “غير منطقي تقنياً، خصوصاً في بيئة تفتقر لضمانات قانونية، وتُدار عبر تعاميم متغيرة وظروف استثنائية”، مؤكداً أنه “في ظل غياب قوانين واضحة ومفعّلة لحماية الخصوصية، لا يمكن لأي جهة أن تطمئن إلى أن بياناتها لن تُخترق أو تُستخدم دون علمها”.
وما يجدر بالذكر، أن هذا القرار الحديث، جاء تأكيداً لقرار سابق صادر عن رئاسة الوزراء في حكومة تصريف الأعمال المؤقتة في 9 يناير الماضي، والذي منع جمع البيانات الشخصية للمواطنين إلا عن طريق وزارة الاتصالات ومن خلال منصاتها الإلكترونية الرسمية.
وقد عزت حكومة محمد البشير حينها، هذا التوجه إلى “ضرورات حماية البيانات الشخصية” و”منع استغلالها بطرق غير مشروعة”، بالإضافة إلى “الحرص على تنظيم وضبط نشاطات جمع البيانات الشخصية بيد الدولة”.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
الأكثر قراءة

وسط ترقب لانفراجة من واشنطن.. “المركزي السوري” يخفض سعر الدولار مقابل الليرة

وسط اتهام للمقاتلين الأجانب.. الأمن العام يفتح تحقيقا في مقتل أربعة أشخاص باللاذقية

هل تنجح قرارات المركزي الأخيرة في إعادة بناء الثقة بالقطاع المصرفي السوري؟

هل تنتعش جيوب السوريين بعد رفع العقوبات الأميركية.. خبير يوضح

هل تبيع الحكومة الجديدة القطاع العام السوري كاملًا؟.. مستشار وزير الاقتصاد يجيب

نجوم سوريا يتفاعلون مع رفع العقوبات.. فرح وشكر من كل الأطراف!
المزيد من مقالات حول سياسة

هيئتان لـ العدالة الانتقالية والمفقودين… ما المطلوب لضمان عمل مستقل؟

وزير الدفاع يعلن دمج كافة الوحدات العسكرية.. ما دور بريطانيا بإعادة هيكلة الجيش؟

“سوريا لا تقبل وصاية”.. الشيباني يطلق رسائل خلال القمة العربية ببغداد

القمة العربية تقف مع سوريا.. تفاصيل

وزارة الداخلية تكشف عن خطة أمنية لإدارة سوريا.. تفاصيل

“العفو الدولية” تطالب دمشق بمنع وقوع المزيد من الانتهاكات ومحاسبة المتورطين بمجازر الساحل

المقاتلون الأجانب.. كيف ستتعامل دمشق مع هذا الملف الحسّاس؟
