رصد (الحل) – تُعتَبَر ساعة حمص الجديدة مركزاً للمدينة ومن معالمها المميزة، يعود تاريخ بنائها إلى ستينات القرن العشرين بتوصية من السيّدة (كرجيّه حدّاد)، وهي امرأة سوريّة من حمص مغتربه في البرازيل، زوجها المغترب الكبير (أسعد عبد الله حدّاد)، اشتهرت السيّدة (كرجيّه) بأعمالها الخيريّه، وكان من أعمالها البارزة: ساعة حمص الجديدة.

بدأت القصّة عام 1951 عندما كانت السيّدة (كرجيّه) في زيارة لمدينة حمص مع وفد سوري برئاسة سفير سوريا الشّاعر المغترب (عمر أبو ريشه)، حيث تبرَّعت آنذاك السيّدة (كرجيّه) للبلديّة بمبلغ 30 ألف ليرة سوريّة من أجل إنشاء نصب تذكاري تعلوه ساعة كبيرة، وتمّ اختيار المكان بمركز المدينة في السّاحة الرئيسية حيث تتجمع دور السينما ومراكز الأعمال، فقد كانت هذه السّاحة في زمن الانتداب الفرنسي ثكنة عسكريّة وتولّت البلديّة الأمر وأخذت الموافقات اللاّزمة من الجهات المختصة لهذه الأمور، وتمّ إنشاء البرج المبدئي للساعة في عام 1958، حيث كُلِّف بتصميم وتنفيذ النصب التذكاري للساعة المهندس السوري (عمر مالك).

بعد مدّة زمنيّة طويلة قامت السيّدة (كرجيّه) بإعادة إرسال مبلغ قدره 30 ألف ليرة سوريّة لاستكمال عمل السّاعة، وفي صيف 1964، وصلت السيّدة (كرجيّه) إلى موقع السّاعة حيث تمّ تدشينها. في الثمانينات، أي بعدَ ثلاثين عاماً، تمّ وضع اللّوحة البرونزيّة التّي حملت اسم وصورة السيّدة (كرجيّه) على أحد وجوه الساعة مربعة الشكل.

تعطلت الساعة بعد أعوام قليلة من تشييدها، فكُتِبَ في جريدة مهجرية لدعوة المسؤولين لإصلاحها فتبرع بذلك ورثة (كرجيّة) في البرازيل وأرسلوا مبلغ يصل لـ10 آلاف دولار لإصلاحها. تعهدها آنذاك السيّد (جورج مكوبجي) وقام بتجديدها وتمويل صيانتها بشكل دوري.

تميّزت السّاعة ببنائها وميكانيكيّة عملها الفريد، فقد تمَّ بناؤها من الحجر الكلسي الأبيض والرّخام الأسود، وميكانيكيّة عملها من النموذج الفرنسي التي تعمل على التيّار الكهربائي الموصول بمحرّك وظيفته ربط السّاعة أوتوماتيكياً في حال انقطاع التيّار الكهربائي، قام بابتكاره الساعاتي (عبد الله كيشي).

أمّا شكلها فهو قريب من المئذنة ذات الطراز المربع تأخذ من الأعلى شكل قبّة مربّعة ذات أربعة أقواس، وفي منتصف الأقواس توجد أقراص السّاعة وعددها أربعة، وهي مضاءة بمصابيح مخفيّه تَشع بتجاه الداخل.

لاحقاً؛ تمت إضافة جرس مكوَّن من ثلاثة نواقيس مبرمج بجهاز أوتوماتيكي يدق كل ربع ونصف ساعة، وعلى رأس كل ساعة مثل ساعة (بيغ بن) الشهيرة في لندن. تُسمع نغمة الجرس على مسافة تقارب 6 كيلومترات.

من عام 1978 حتى عام 1988 تعطّلت الساعة وفقدت حمص إيقاعها المعتاد. في نفس تلك الفترة جاء وفد سياحي أراد أن يمرّ بجانبها، فلجأ أهل حمص إلى حيله ذكيّة عندما أتوا بساعاتي وأجلسوه داخل السّاعة وظلّ يحرّك عقاربها كل دقيقه لمدّة نصف يوم إلى أن مرَّ الوفد، وأُعجِب بالسّاعة وابتهج بها دون علمه بما يحدث داخلها.

بعد ذهاب الوفد، جاء الساعاتي الخبير (عبد الله كيشي) ووضع كل خبرته وإمكانيّاته وأصلحها وعندها وضع فيها الجرس الأوتوماتيكي والإضاءة المخفيّة (التي تحدثنا عنها سابقاً).

 

حقائق حول مجزرة اعتصام ساحة الحرية «الساعة» في حمص فجر 19/4/2011

من غير المعروف حتى الآن عدد الشهداء الذين سقطوا في تلك الليلة التاريخية التي ستذكرها مدينة حمص طويلاً، فالبعض يتحدث عن المئات والبعض الآخر عن العشرات، وفي لحظة ارتكاب هذه المجزرة ورد اتصال إلى محطة الـ«بي بي سي» من شاهد عيان شاهد قتلى وجرحى بالمئات حسب قوله، ولكن الأهم من هذا هو شهادة جندي منشق شارك بارتكاب هذه المجزرة واستطاع الهرب إلى لبنان وأدلى بشهادته لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» قال:

وقع العشرات والعشرات من القتلى والجرحى، ثم أكد الجندي ذاته في مقابلة تلفزيونية أنهم مابين 200 إلى 300 ويشمل الصفين الأول والثاني من جموع المعتصمين الذين سقطوا على الأرض عند بدء إطلاق الرصاص.

وحسب روايته، لجأ عناصر الأمن إلى وضع الشهداء والجرحى في شاحنة كبيرة باستخدام جرافة قد تم جلبها مسبقا، وهذا يدل على نية النظام المسبقة بفض هذا الاعتصام بالقوة وبأي ثمن وتم نقلهم إلى المستشفى العسكري بحمص!

من قام بارتكاب المجزرة عناصر المخابرات الجوية، بمؤازرة قوات عسكرية من المخابرات العسكرية والشرطة، وكان من آمر إطلاق النار هو العقيد عبد الحميد إبراهيم من أمن المخابرات الجوية، أما إدارة هذه العملية فكانت موكلة للعميد في المخابرات العسكرية حافظ مخلوف شقيق رامي مخلوف وابن خال بشار الأسد.

القصة الأغرب بين كل المجازر التي ارتكبها النظام السوري، أنه اعترف بارتكابه لهذه المجزرة في اليوم التالي، واصفا المعتصمين بأنهم سلفيون تكفيريون على إعلامه الرسمي.

يتبادر إلى ذهن البعض أن عدد الشهداء والجرحى في هذه المجزرة هو عدد قليل والأعداد الكبيرة مبالغ بها، ولو نظرنا إلى الوضع برؤية أكثر منطقية فإطلاق النار تم من بداية شارع القوتلي باتجاه المعتصمين، بينما الفيديوهات التي تم تصويرها عن المجزرة من الواضح أنه تم التقاطها من جهة الدبلان والنتيجة أن أعدادا كبيرة قد سقطت من الناس لم تستطع كاميرات الموبايلات رصدها!

بهذه الصورة تماماً يمكن النظر إلى تاريخ الساعة قديماً في عهد من كان يهتم بأي تراث يرتبط بحضارة السوريين، وحديثاً في عهد الأسدين مع تدمير المعلم الأثري لتكون شاهدة على مقتل هذا النظام لمئات المحتجين السلميين في ساحتها.

المصادر: (SY/MADA، الباحث المهندس نهاد سمعان، شبكة الثورة السورية، وموقع دخلك بتعرف).

 

إعداد: معتصم الطويل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.