باتت أوجه الشبه بين الحرب في أوكرانيا وسوريا تتضح للعالم اليوم، ومع ذلك، يبدو الآن أن هناك سمة أخرى للحرب في سوريا ستتكرر، وسط تقارير تفيد بأن روسيا تقوم بالفعل بتجنيد مقاتلين سوريين للانضمام إلى الوحدات القتالية على الخطوط الأمامية في أوكرانيا.

غير أنه قد ظهرت عدة عقبات تحد من نجاح المخطط الروسي الهادف إلى تجنيد مقاتلين سوريين لدعم قواتها في غزو أوكرانيا، وهذا ليس بالأمر الجديد. فسابقا فشلت روسيا في استمرار سحب مقاتلي “اللواء الثامن” التابع لـ “الفيلق الخامس” الذي أنشأته في سوريا وتستمر في دعمه بجنوب سوريا، للقتال في الشمال ومن ثم في البادية بحسب تقارير إعلامية، ومن ثم الآن تحدثت أنباء عن فشل موسكو في تجنيد مقاتلين في “اللواء الثامن” للالتحاق بالعمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا. فما احتمالية أن يؤدي ذلك إلى رفع الدعم الروسي عن اللواء.

لماذا رفض المقاتلون العرض الروسي؟

على رأس الأسباب التي تدفع لافتراض رفع الدعم الروسي عن “اللواء الثامن”، يتمثل رفض بعض المقاتلين في درعا من الذهاب للقتال في أوكرانيا، وذلك لارتفاع مخاطر المشاركة في القتال ومضاعفات الحرب هناك، بالإضافة إلى عدم الثقة في الالتزامات الروسية.

المحلل العسكري، العقيد عبد الله حلاوة، كشف خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن تجارب بعض المقاتلين في اللواء الثامن في القتال داخل سوريا. والتي لم يف الروس فيها بالتزاماتهم، وخصوصا معالجة الجرحى، وتسليم الرواتب بشكل شهري. فضلا عن تركهم مواجهة تنظيم “داعش” دون خطط عسكرية، كانت من جملة الأسباب التي جعلتهم يرفضون العرض الروسي.

كما لم يستبعد حلاوة، أن تكون قيادة اللواء قد طرحت امتداد النفوذ الإيراني في الجنوب، في حال إيفاد مقاتليهم للمشاركة في غزو أوكرانيا. خصوصا أن هذا الأمر تم على حدود السويداء عندما سحبت موسكو مقاتلي الفيلق للقتال ضد تنظيم “داعش” منتصف العام الفائت.

وفي معرض إجابته عن احتمالية رفع الدعم عن اللواء ومقاتليه في جنوب سوريا، قال حلاوة، “هذا أمر بعيد الوقوع”. كون روسيا تسعى لتثبيت نفوذها في المناطق التي تتمركز فيها قواتها. كما أن انشغال موسكو بالقتال في أوكرانيا وسحبها لمعظم أفراد الشرطة العسكرية الشيشانية في الجنوب، لن يخولها خلق معاداة مع حلفائها في الداخل.

وتطرق المحلل العسكري، إلى ضعف الجبهة الجنوبية، حيث ذكر في حديثه، أن إرسال مقاتلين بأعداد كبيرة لن يكون في مصلحة الفرقاء جنوب البلاد. حيث يعتبر اللواء الثامن الضامن الوحيد لعدم “ثوران المنطقة ضد النظام أو المليشيات الإيرانية والأجهزة الأمنية. والتي تعمل يوميا على استفزاز المواطنين والمقاتلين السابقين في المعارضة، كما حدث في جاسم مؤخرا”.

للقراءة أو الاستماع: الفيلق الخامس في درعا.. آخر جذور المعارضة العسكرية في جنوب سوريا نحو التفكك

روسيا تلجأ إلى المقاتلين السوريين

منذ أسابيع، انتشرت شائعات وتقارير إعلامية محلية حول تجنيد روسي لمقاتلين سوريين من أجل المشاركة في المعارك الحربية في أوروبا الشرقية. حيث أشارت الشائعات في البداية إلى نشر مرتزقة مدربين من قبل مجموعة “فاغنر” من سوريا، كجزء من حشد روسي أوسع على الحدود الشرقية لأوكرانيا.

وعرضت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” تفاصيل عن تجنيد مقاتلين موالين للحكومة السورية في محافظتي دير الزور وريف دمشق. وتم منح هذه التقارير على الفور مصداقية أكبر في الخارج بعد تقييم رسمي أميركي لتحركات القوات السورية. ومنسوب إلى عدة مصادر مجهولة في تقرير بتاريخ 6 آذار/مارس الجاري، في صحيفة “وول ستريت جورنال”.

وفي السياق ذاته، أكد “المرصد السوري لحقوق الإنسان” المعارض، أمس السبت، أنه “فقط ممثلي الفرقة 25، ولواء القدس الفلسطيني، وكتائب البعث، والفيلق الخامس، زاروا روسيا في الأيام الأخيرة لاستكشاف ومراقبة الوضع هناك. وعلى الأرض، لم يشارك في القتال حتى الآن أي مرتزقة سوريين تدعمهم روسيا. وكذلك مرتزقة من فصائل الجيش الوطني وغيرهم ممن يرغبون في قتال الروس إلى جانب أوكرانيا مقابل المال”.

من جهتها، كشفت مديرية المخابرات الأوكرانية، عن فشل روسيا بتجنيد مقاتلين من محافظة درعا جنوبي سوريا، للمشاركة في غزو أوكرانيا.

وقالت المديرية عبر صحفتها الرسمية في “فيسبوك”، مؤخرا، إن الجنرال الروسي ألكسندر زورافليوف، طلب خلال اجتماع عقده مع القيادي في “اللواء الثامن” المدعوم روسيا، العقيد نسيم أبو عرة، قائمة بأسماء المقاتلين بهدف تجنيدهم للمشاركة في الحرب.

وأضافت أن أبو عرة، لم يعط إجابة واضحة، واكتفى بتقديم وعود بعد التشاور مع أعضاء آخرين في اللواء. معتبرة أن ما جرى يدل على فشل روسيا، بسبب عدم استعداد المقاتلين السوريين للمخاطرة بحياتهم من أجل المال.

للقراءة أو الاستماع: هل أصبح المرتزقة السوريون ملجأ بوتين للتخلص من الضغط الشعبي بعد خسائره في أوكرانيا ؟

كيف تجند روسيا المرتزقة؟

منذ تدخلها في سوريا في أيلول/سبتمبر 2015، ساعدت روسيا في بناء عدد من الميليشيات والوحدات العسكرية المساعدة للجيش السوري، وهي “الفرقة 25” من قوات المهمات الخاصة، المعروفة سابقا باسم قوات “النمر” ، وصقور الصحراء، ولواء القدس (لواء القدس)، والفيلق الخامس، وصائدوا الدواعش.

كما عمل المتعاقدون العسكريون الروس الخاصون مثل مجموعة “فاغنر” مع بعض هذه المجموعات؛ في حالات أخرى. عبر الدعم والتنسيق والتدريب مباشرة مع الوجود العسكري الروسي في سوريا.

وعلى سبيل المثال، توجد  أدلة بالفيديو عن القوات الخاصة الروسية تدرب مقاتلي “لواء القدس” على آلية الحرب. والتي قد تكون مطلوبة قريبا في أماكن مثل كييف. كما تم هذا التدريب في مخيم حندرات بمدينة حلب، وهو مخيم فلسطيني مهجور إلى حد كبير. وتسيطر عليه ميليشيا فلسطينية، تتكون من بعض المقاتلين الفلسطينيين.

ومنذ ذلك الحين، جندت روسيا بشكل متكرر مقاتلين من معاركها الحربية مع الحكومة السورية. وذلك كجزء من حملاتها العالمية بالوكالة، كـ ليبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وفنزويلا. وغالبا ما تم تنفيذ ذلك استجابة للتجنيد التركي المتزامن لمقاتلي المعارضة من “الجيش الوطني السوري” المُعارض المدعوم من أنقرة، والذين قاتلوا جنبا إلى جنب مع قوات حكومة “الوفاق الوطني” في ليبيا.

للقراءة أو الاستماع: مقاتلون سوريون في إفريقيا الوسطى.. ما علاقة “فاغنر” الروسية؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة