تشير الأدبيات الحديثة حول تأثير اللاجئين على السلوك الانتخابي في البلدان المضيفة، إلى أن وجود اللاجئين ومن ضمنهم السوريين يتسبب في تراجع الدعم للأحزاب الحاكمة وزيادة أصوات الحركات المعارضة داخل البلاد، وهذا ما قد يحدث مع تركيا خلال الانتخابات المقبلة بعد حوالي عام من الآن.

تحولت قضية اللاجئين السوريين إلى ورقة مساومة بين حزب “العدالة والتنمية” الذي يتزعمه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وأحزاب المعارضة قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقرر إجراؤها في حزيران/يونيو 2023، لا سيما بعد تصريحات ‏وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، أمس الأربعاء، والتي أفاد فيها، بوجود تواصل استخباراتي بين أنقرة ودمشق، حيث اعتبر أن ذلك سيكون لبحث عدة ملفات منها عودة اللاجئين، مشيرا إلى إمكانية تطوير هذا التواصل. ومؤكدا أنهم بدأوا مرحلة جديدة لإعادة السوريين إلى بلادهم بشكلٍ طوعي وآمن، بالتعاون بين 4 دول هي تركيا والأردن والعراق ولبنان.

سياسة تصفير المشاكل

من المرجح أن يكون تأثير اللاجئين أكبر في الانتخابات التركية القادمة، ولكن السياسي السوري، بسام القوتلي، يرى أن لدى تركيا مشكلتان رئيسيتان مترابطتان، وهما الاقتصاد والانتخابات.

ووفقا لما قاله القوتلي، في حديثه لـ”الحل نت”، فإن تركيا تعود تدريجيا لسياسة تصفير المشاكل مع محيطها، مضيفا، “لقد رأينا ذلك في تطبيع العلاقات مع الإمارات وإسرائيل، وتقدم خطوات التطبيع مع السعودية. وكل هذا من ضرورات دعم الاقتصاد التركي”.

ومن جهة أخرى، يؤكد القوتلي، أن هنالك استخدام قضية الوجود السوري كقضية انتخابية رئيسية من قبل أحزاب المعارضة التركية.

وكلا القضيتين، باعتقاد القوتلي، “دفعتا الحزب الحاكم والحكومة التركية إلى الحديث عن إعادة اللاجئين واحتمالات التطبيع مع النظام لعدم إمكانية حصول العودة من دون هذا التطبيع”.

وبرأي القوتلي، “فإن المشكلة الرئيسية هنا، هي أن كل من المعارضة والحكومة في تركيا لا يدركون بأن النظام السوري غير مهتم بالعودة، ولو تم التطبيع، وخير مثال على ذلك هو عدم عودة اللاجئين من لبنان والأردن، رغم علاقة الأولى الجيدة مع النظام السوري، وتطبيع الثانية لعلاقاتها منذ فترة قريبة”.

للقراءة أو الاستماع: إيران تعلن عن خلافات مع تركيا بشأن سوريا

مأزق الانتخابات

تشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب “العدالة والتنمية” قد يفقد قبضته على السلطة لأول مرة منذ سنوات، وقد يكون لذلك علاقة بموقف الحزب الترحيبي تجاه اللاجئين السوريين. فمع اقتراب موعد الانتخابات تحول الخطاب الإعلامي التركي لممثلي السلطة من داعم للاجئين وعدم عودتهم، إلى التلويح بمشروع عودة ربما تحمل في طياتها صفة “القسرية”.

وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، صرح أمس الأربعاء، بإمكانية تعاون بلاده مع الرئيس السوري، بشار الأسد، في قضايا “الإرهاب” و”المهاجرين”، لكن “دون الاعتراف به”.

وأضاف في مقابلة مع قناة “سي ان ان تورك، “كما نرى أنه من المفيد التعاون مع نظام الأسد دون الاعتراف به”.

وذكر أوغلو، أن بلاده بدأت بمشروع لإعادة السوريين في الفترة المقبلة بالاشتراك مع 4 دول أخرى. وبيّن، أن الاتحاد الأوروبي والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تجري لقاءات حاليا مع الحكومة السورية لحل مسألة المهاجرين السوريين.

وسبق وأن لوح زعيم المعارضة والمرشح الرئاسي  التركي، كمال كيليتشدار أوغلو، بأنه سيعيد ملايين اللاجئين السوريين  في تركيا إلى سوريا، ويعيد العلاقات مع الحكومة السورية إذا تم انتخابه رئيسا لتركيا.

يذكر أن عدد اللاجئين السوريين المسجلين تحت بند “الحماية المؤقتة” في تركيا، وصل إلى 3 ملايين و710 آلاف، في حين وصل عدد السوريين من حاملي إقامات العمل والدراسة إلى مليون و207 آلاف، وذلك وفق إحصائية صرح بها وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، منتصف أيلول/سبتمبر الماضي.

للقراءة أو الاستماع: خسائر روسية في أوكرانيا بسبب تركيا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة