مع فوضى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في السوق السورية، تعمل حكومة دمشق على إصدار قرارات بين الفينة والأخرى، للادعاء بأنها تحاول ضبط الأسعار وتخفيضها، في الوقت الذي لا تزيد هذه القرارات الأسعار إلا ارتفاعا.

تحديد مستويات الربح

وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، حددت الحد الأقصى للربح في إنتاج أو استيراد عدد من المواد ولكافة حلقات الوساطة التجارية، حيث تم تحديد هامش الربح لحوالي 50 مادة وتراوح الحد المسموح به بالربح بين 4 – 10بالمئة للمستورد وتاجر الجملة، وبين 5 – 13بالمئة لبائع المفرق، بحسب تقرير لموقع “أثر برس” المحلي اليوم الأربعاء.

وأشار التقرير أيضاً، إلى أنه تم تحديد الحد الأقصى للربح بـ9بالمئة لتاجر الجملة في حال أنتج أو استورد هذه المواد، (السمن والزبدة الحيوانية والزيت النباتي وزيت الزيتون والملح، والنشاء واللحوم والحليب المجفف كامل الدسم وخالي الدسم وحليب الأطفال ومستحضرات أغذية الأطفال، والمتة والمشروبات الغازية والكحولية، والطحين المنتج والخبز السياحي والصمون والكعك، والبقوليات والبرغل والفريكة ومكعبات الثلج والمخللات، وأنواع من الأسمدة والبذور الزراعية والمستورد من الألبسة المدرسية)، ويكون هامش الربح لبائع المفرق بهذه المواد بين 5 إلى 13بالمئة.

أما المواد التي كان هامش ربحها أقل من ذلك، فهي (الأرز والسكر ومعلبات اللحوم والسمسم والطحينة والحلاوة، والشاي المستورد والبن بأنواعه والطحين المستورد والدفاتر المدرسية)، ويكون هامش الربح لبائع المفرق بهذه المواد بين 5 إلى 9بالمئة.

ولفت التقرير، إلى أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، كانت قد وضعت تسعيرة جديدة للسكر، حيث تم تحديد سعر مبيع كيلو السكر الدوكما بـ4200 ليرة، وسعر كيلو السكر المعبأ بـ4400 ليرة، علما أن سعر المادة على البطاقة الذكية لم يتغير وبقي 1000 ليرة.

إقرأ:الكيلو بـ ألفي ليرة سورية.. ما قصة الانخفاض الكبير بأسعار السمك؟

تهديدات الحكومة ترفع الأسعار

وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، حذرت الأسبوع الماضي، كل فئات التجار الذين يتعاملون بالمواد الغذائية، بأن البيع بسعر زائد سوف يعرضهم لضبوط وفق المرسوم التشريعي رقم 8 لعام 2021 الذي يتضمن الحبس، وإغلاق منشآتهم لمدة لا تقل عن شهرين بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”.

ونقل التقرير تصريحا لماهر الأزعط، نائب رئيس جمعية حماية المستهلك في دمشق وريفها، أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تلوّح كل مدة بعصا التهديد والوعيد للتاجر، الذي يرفع الأسعار دون القيام بإجراءات حقيقية، متمنيا تنظيم ضبوط بحق التجار، الذين لم يلتزموا بتنفيذ المرسوم رقم 8 بدلا من التهديدات، لافتا إلى أن بعض التجار يتباهون اليوم برفع الأسعار لأنه ليس هناك رادع وخصوصا تجار المواد الغذائية، مشيرا إلى وجود إجراءات رادعة وصارمة في كل دول العالم، تنفذ بحق التجار الذين يرفعون أسعار المواد الغذائية.

وبين الأزعط، أن جمعية حماية المستهلك قامت مؤخرا بجولة على سوق الهال بمنطقة الزبلطاني، فتبين أن كل تجار الجملة ليس لديهم فواتير بالبضائع الموجودة، ولديهم حجتهم أن المستورد لا يقوم بتزويدهم بفاتورة، فضلا عن ذلك فإن تجار الجملة في سوق الهال لا يقومون كذلك بإعطاء تجار المفرق فاتورة بالبضاعة التي اشتروها.

كما أوضح، أن المشكلة التي تقع فيها وزارة التجارة الداخلية، أنها تتخذ قراراتها بمفردها، لافتا أنه في كل دول العالم يتم إشراك أشخاص من المجتمع الأهلي كمستشارين، يتم الاستفادة من أفكارهم المطروحة وتطبيقها على أرض الواقع، أما في سورية فلا يوجد تشاركية بين الوزارات، ولا بين أي وزارة والمجتمع الأهلي.

وأشار الأزعط، إلى أن نسبة ضبط السوق من وزارة التجارة الداخلية لا تتجاوز 10 بالمئة حاليا، والدليل الفوضى التي تشهدها الأسواق، مبيّنا أن لجوء الوزارة إلى تحذير التجار اليوم دليل على خروج الأمور عن السيطرة، وأن العقوبات التموينية موجودة لكنها تطول فقط تجار المفرق، الذين لا يحصلون على فاتورة من تجار الجملة.

قد يهمك:أسعار جديدة في دمشق.. ما علاقة القوة الشرائية؟

عوامل رفع الأسعار

تقرير سابق لـ”الحل نت”، أشار إلى أن هناك عددا من العوامل التي تسهم في ظاهرة ارتفاع الأسعار، وأهمها غياب أدوات ضبط ومراقبة السوق المحلية.

وأيضا، فإن ارتفاع تكاليف البنزين والشحن والأسمدة والنقل، فضلا عن التصدير، وهو ما يساهم أيضا في ارتفاع الأسعار، على الرغم من أن الهدف الأساسي من وراء منع التصدير سابقا، هو تحقيق الاكتفاء الذاتي، ومن ثم يسمح بتصدير الفائض من الطلب الاستهلاكي.

ولفت التقرير، إلى أن عدم وفرة المادة يؤدي إلى ارتفاع سعرها، ولا أحد قادرا على ضبط الأسعار، لا الجمعية ولا المديرية ولا الوزارة ولا حتى الحكومة، لأن الكل يقدم مبرراته، والإجراءات القسرية هي آخر الحلول ولم تنجح أيضا.

إقرأ:“أسعار كاوية” في الأسواق السورية.. كيلو المتة بـ 20 ألفا

فقدان في المواد الغذائية

تقرير سابق لـ”الحل نت”، أشار إلى أن العديد من الأسواق السورية، شهدت شحّا في بعض المواد الغذائية للكثير من أنواعها، مثل السمون والزيوت والسكر والمتة وفقدانها في كثير من المحلات مع تسجيل تحليق في أسعار المتوفر منها لدى بعض المحلات.

وبيّن التقرير نقلا عن الأهالي، أن جنون أسعار المواد الغذائية وفقدان بعضها باتت السمة الأساسية لدى العديد من المحلات، إضافة إلى ارتفاع أسعار المنظفات بفارق كبير خلال يوم وضحاه، في حين لفت البعض، أن ارتفاع سعر السكر كان جنونيا حيث تجاوز سعر الكيلو منه 5 آلاف، ليصل في بعض المحلات إلى 6 آلاف متسائلين أين الجهات المعنية والوزارات المختصة من تلك الأسعار، وكيف سيتم تأمين كل المواد وخاصة الغذائية، التي تجاوزت أسعارها حدود الدخل بالتزامن مع عجز مؤسسات التدخل الإيجابي عن كسر احتكار الأسواق، فضلا عن عجزها عن تأمين المواد الأساسية وخاصة السكر الذي غاب عن عمليات توزيعه لأشهر.

وحول الأسباب، نقل التقرير، عن غرفة التجارة السورية، أن جميع المواد الغذائية سواء من السكر أم الزيوت أو السمون متوفرة بالكامل ولكن في مصادرها لدى الموردين، إلا أن عجز تجار الجملة عن شراء كثير من المواد جراء ارتفاع أسعارها، أدى إلى افتقادها في بعض المحلات أو شح بالكميات المعروضة منها.

وفي سياق نتائج ارتفاع الأسعار، فإن من يتأثر بذلك هو المواطن، فالوضع لم يكن أسوأ من أي وقت مضى، إذ يقدر تقييم الأمن الغذائي وسبل العيش لعام 2020، الذي أجراه برنامج الأغذية العالمي، أن عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد – مما يعني أنهم لا يستطيعون البقاء على قيد الحياة دون مساعدة غذائية – قد تضاعف في عام واحد فقط ليقف عند 1.3 مليون شخص.

قد يهمك:أسعار المازوت تُعرقل التصدير من سوريا

وحذر البرنامج، أنه ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة، فإن 1.8 مليون شخص إضافي معرضون لخطر الوقوع في حالة انعدام شديد للأمن الغذائي، فعلى مدار العام الماضي، ارتفعت أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء سوريا، وارتفعت أسعار المواد الأساسية بنسبة 236 بالمئة، ولا تزال ارتفاعات الأسعار مستمرة حتى الآن في ظل تدني وضع الليرة السورية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.