كوباني2

CNN- نِك باتون وولش، 9 كانون الأول 2014.

ترجمة موقع الحل السوري.

 (CNN)  سوريا، كوباني ـ تبدو مدينة كوباني وكأنها مُهاجمة من قبل أولئك الذين مازالوا أحياءً فيها، المحاصرين في عالم النسيان. إنها مكان لا إنساني أبداً، حيث أزيز طائرات التحالف فوقها يجلب راحة غريبة لهؤلاء المتواجدين فيها. الدمار الكامل قريب جداً، المعركة الآن تزداد من أجل النصر وحده، وليس من أجل الغنائم.

إحدى الحقائق الواضحة تبرز: نعم، لقد سيطروا حتى على المستشفيات داخل المدينة، فالمصابون بجروح طفيفة يُعالجون من قبل قلّة من الأطباء الذين بقووا ولم يهاجروا. ولكن منذ أن تفجّرت سيارة ضخمة مفخخة قرب المعبر الحدودي الرسمي مع تركيا. أصبحوا يرسلون جرحاهم مباشرة إلى الحدود التركية حيث أزال التفجير مستشفاهم ودمرها، وإن أي مستشفى أخرى من المحتمل أنها ستكون هدفاً جديداً للدولة الإسلامية.

كان الأكراد، في الماضي، يحاربون متشددي الدولة الإسلامية للسيطرة على المدينة الحدودية، وادعوا وجود ما يصل إلى 10000 من المدنيين المتبقين داخل المدينة. ولكن ما رأيناه خلال اليومين الذين قضيناهم هناك، يبرر ذلك العدد الكبير. يوجد مدنيين هنا، لكنهم يحتالون على الأنقاض، فهم يدبرون قوت يومهم بشق الأنفس. يحاولون الحصول على الغذاء والوقود مع حلول فصل الشتاء.

يوجد هنا مدنيون يرفضون الهرب، أو لا يستطيعون ذلك. فقد أغلقت تركيا نقطة العبور الغربية التي غادر عبرها الكثير من اللاجئين، في الحقيقة: يقف الكثيرون هناك الآن، يحاولون الخروج، متطلعين للجنود الأتراك علّهم يقدمون مساعدة في ذلك. أما هؤلاء الذين بقوا داخل المدينة فهم، على أية حال، محاصرون بشكل خانق من قبل داعش ومن كل الجبهات.

لا شيء يمكن أن يحميهم من نيران القصف العشوائي الدائم. تستخدم قوات داعش وبشكلٍ دوري هاونات محلية الصنع: عبارة عن قنابل غاز محشوّة بشظايا من الخردة المعدنية. ويُمطرون بها المناطق التي يتواجد فيها مدنيون أكراد، حيث يختلط فيهم المقاتلون الأكراد أيضاً.

أدرج لنا يوسف البالغ من العمر 12 ربيعاً، قائمةً بالأصدقاء الذين غادروا كوباني. وأوضح لنا أيضاً ما فعلوه ليحموا أنفسهم عندما يبدأ القصف. لا يوجد ملجأ في منزلهم، فقط غرفة في الداخل حيث يطلب منهم عمّهم الركض إليها. أظهروا لنا الوسائد التي يستخدمونها للإختفاء. حيث يقف البعض مصطفّين إلى الجدار، ويقوم الآخرون بوضع الوسائد فوقهم. أهي لعبةٌ هذه! حيث ليس لها أيّة قواعد للالتزام بها.

“كان عمرها سبع سنوات، كانت جميلة جداً”

علي البالغ من العمر 60 عاماً، فقد إحدى بناته الستة منذ إسبوع. كان عمرها سبع سنوات، مشا بنا إلى المكان الذي سقطت فيه قذيفة الهاون وأصابتها. “سقطت بقربنا ثلاث أو أربع قذائف هاون. أفلتنا من أول قذيفة هاون، وأفلتنا أيضاً من ثاني قذيفة، أما الثالثة فسقطت علينا “، وقُطع كلامه بصوت قذيفة هاون أخرى تسقط في بعض الشوارع البعيدة. “ابنتي كانت بعمر سبع سنوات، سبع سنوات – وقد ماتت. ساعدنا يا الله”.

لم يتمكنوا من الفرار، فالمئة رأس غنم التي يربيها علي هي معيلهم وسبب رزقهم، كما أنهم لا يريدون ترك سيارة العائلة. تقف الحيوانات أيضاً عاجزة، قرب المكان الذي ماتت فيه ابنة علي.

عندما هاجمت داعش قريتهم التي تبعد 15 كيلو متراً عن كوباني، انتقل علي وعائلته إلى هنا. يجب على علي أن يعيش مع هذه القرارات. ففي الأمس، جلس علي إلى قبر إبنته  لمدة نصف ساعة، وهو يقبّل صورتها.

“كان عمرها سبعة سنوات، كانت جميلة جداً، كانت صغيرة. الأشخاص الذين رأوها كانوا يحملونها ويرفعونها صعوداً وهبوطاً في الهواء في محاولةً للعب معها”.

حتى المقبرة الواقعة على مشارف المدينة يبدو منظرها كئيباً. إنها أيضاً بديلٌ مؤقت للأنقاض، تُستخدم – قطع من كتل الفحم – كشواهد للقبور.

يمتد بجانب القبور الحديثة خندقٌ طويل – على استعداد لموجة الموت القادمة. وهو أيضاً مشهد من مشاهد لعب الأطفال، فهم يتسلقون الخندق ويلعبون من حوله. ربما تكون وحشية الصراع بعيدة المنال، ولكن الكفاح من أجل كوباني سوف يقرر أي نوع من الحياة تنتظرهم، إذا ما كانوا على قيد الحياة.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.