A Lebanese soldier stands guard as an Israeli sodier walks behind a vehicle during a patrol along the Lebanon-Israel border, as seen from Kfar Kila village in south Lebanon

رامز أنطاكي

بدأت “القصة” يوم الأحد 18 كانون الثاني باستهداف إسرائيلي لمجموعة من كوادر حزب الله بينهم قيادات برفقتهم ضابط من الحرس الثوري الإيراني ضمن الأراضي السورية، وبالتحديد في القنيطرة السورية، مما أدى إلى مقتل ستة أشخاص. وإثر ذلك توعد حزب الله بالرد حيث شهدت الحدود اللبنانية الإسرائيلية تحركات وقائية إسرائيلية لبضعة أيام، وبمرور الأيام اعتقد البعض أنه ليس من رد قريب.

بعد عشرة أيام وبالتحديد يوم الأربعاء 28 من الشهر نفسه وقرابة الحادية عشرة والنصف قبل الظهر،، قامت مجموعة تابعة لحزب الله باستهداف رتل عسكري إسرائيلي في منطقة مزارع شبعا بأسلحة صاروخية قيل أنها من نوع “كورنيت” مما أدى لعدة إصابات بين جنود الجيش الإسرائيلي تأكد بعدها مقتل جنديين، ولاحقاً قتل جندي إسباني من قوة حفظ السلام الدولية في جنوب لبنان جراء الرد الإسرائيلي الذي تمثل بقصف مدفعي.

اتجهت أنظار اللبنانيين ومعهم السوريون المقيمون في لبنان إلى الجنوب، وانقسمت الآراء بين تأييد ساد جمهور حزب الله وحلفاءه للرد على الضربة التي تلقاها الحزب قبلاً في القنيطرة من جهة، وآراء تستنكر تهور الحزب في استفزاز إسرائيل والتصرف بمعزل عن قرار الدولة اللبنانية في أوساط سياسيي وجمهور قوى 14 آذار، لكن ما كان محل شبه إجماع بين الجميع هو التخوف من أن يجر رد حزب الله لبنان إلى حرب شبيهة بحرب تموز 2006.

أبو علي الذي يملك محلاً للمفروشات قرب سوق صبرا جنوب العاصمة اللبنانية بيروت، والذي يبدو من مؤيدي حزب الله، لا يخفي فرحته بالعملية التي قام بها هذا الحزب، لكنه يعترف في حديث له مع جاره وهو يراقب زبوناً محتملاً يتفحص مفروشاته أن “لا طاقة لنا على حرب تدمر البيوت وتشرد الناس وتطلق رصاصة الرحمة على الاقتصاد اللبناني”، ويتابع أنه سيستجلب والديه من الجنوب في حال تطور الأوضاع نحو الاسوأ. أما مواطنه جو صغبيني ابن حي الأشرفية في بيروت فيستنكر “فعلة” حزب الله، ويكرر عزمه على الهجرة في أقرب فرصة خاصة إن تطورت الأوضاع لتؤدي إلى حرب بين حب الله وإسرائيل، ويشير إلى أن الحرب الماضية في عام 2006 كانت في ظروف مختلفة، فحاضنة الحزب الاجتماعية كانت أوسع، والحالة الاقتصادية أفضل، والمنطقة ككل كانت أكثر هدوءً، ويتساءل أين سينزح جمهور الحزب في حال حدوث حرب بعد أن حاز الحزب كراهية عميقة بين أوساط كثيرين من السوريين بمشاركته في الحرب الدائرة في بلدهم؟ وهل سيلقى هذا الجمهور أبواباً مفتوحة عند مواطنيه في المناطق الأخرى بعد كل التطورات السياسية والأمنية التي شهدها لبنان منذ سنة 2006؟

يبقى همّ السوري اللاجئ في لبنان بعيداً نوعاً ما عن طروحات اللبنانيين، فهو وإن كان معنياً مثلهم باحتمال اندلاع حرب، إلا أنه فقد أي ملجأ آخر يتجه إليه بعد خروجه من وطنه، هذا هو رأي خالد ديب السوري المقيم في حي الطريق الجديدة ببيروت، فهو يرفض أن يعلق على سياسات وتصرفات حزب الله وعلى ما فعلته إسرائيل قبلاً في القنيطرة السورية، ويقول أن كل ما يعنيه الآن “هو الأمان والعيش بكرامة قدر الإمكان ريثما يقضي الله أمراً كان مفعولاً”، ويضيف أن اندلاع حرب سيشكل للسوريين في لبنان “أسطورة من العذاب المتواصل”، فمن تدمير منازلهم في سورية وهربهم إلى لبنان، وضيق الحال التي يمرون بها اقتصادياً ومعيشياً، إلى ممارسات عنصرية مصدرها بعض من اللبنانيين تجاههم، وصولاً إلى قرار الأمن العام اللبناني الذي بدء تنفيذه مطلع العام والذي زاد من تقييد حرية السوريين في دخول الأراضي اللبنانية وتمديد إقاماتهم فيها.

في اليوم التالي لعملية حزب الله في مزارع شبعا أي يوم الخميس 29 كانون الثاني، قال وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون إن إسرائيل تسلمت رسالة مصدرها حزب الله من خلال القوة الدولية في جنوب لبنان، تفيد أن الحزب لا يرغب في تصعيد الموقف، وقال مصدر لبناني في السياق عينه إن حزب الله أحاط إسرائيل علماً عبر اليونيفيل “أن الحزب اكتفى بما حدث بالأمس، وأنه لا يريد للمعركة أن تتسع”، وهو الأمر الذي فسره بعض المواطنين اللبنانيين بأن الحزب أقدم على رد متوسط القوة يحفظ به ماء وجه أما جمهوره وحتى أخصامه، وألحقه بهذه الرسالة ليتجنب حرباً مفتوحة مع إسرائيل التي قال الناطق باسم جيشها بيتر لرنر أن مقاتلي الحزب اكتسبوا مهارات تكتيكية وخبرة إضافية جراء مشاركته إلى جانب قوات النظام السورية في الحرب السورية، في تعليق له على عملية حزب الله الأخيرة.

ويقول السوري عبدو مختار الذي يقيم في لبنان منذ أكثر من عشر سنوات أنه لم يتوقع أصلاً تحول الأمر إلى حرب بين الطرفين، إذ لا مصلحة لحزب الله فيها جراء كل الظروف المحيطة به والتي أقحم نفسه فيها، لكنه يعترف أن مخاوف لم تخمد تماماً حتى جاء خبر رسالة حزب الله إلى إسرائيل عبر اليونيفيل، ليعود إلى التأكيد أن كل ما يهمه الآن هو “استمرار الاستقرار النسبي الهش في لبنان بعد أن فقدت وطني”.

تبدو الأحوال إذن متجهة نحو العودة إلى الوضع الذي كان قائماً قبل 18 كانون الثاني 2015، وتنفس اللبنانيون ومعهم السوريون في لبنان الصعداء بعد عودة الهدوء إلى خط الحدود وعلى صعيد التصريحات السياسية، آملين سوية في استمرار الحال على ما هو عليه، فعلى حد قول أحد السوريين في لبنان: “نقف سوية على حافة هاوية أعمق وأشد ظلمة من كل ما سبقها، حدث صغير غير محسوب جيداً ونمسي جميعاً في القعر”.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.