لوفيغارو 2/10/2015

ترجمة موقع الحل السوري

 

التدخل العسكري الروسي في #سوريا مساندةً لنظام #الأسد، يدوّل هذا الصراع الذي اجتاح الدولة بشكل أكبر، فبالرغم من أن هذه الحرب لا تزال تقتصر بالنسبة للغرب على الصراع بين النظام والثوار، إلا أنها ومنذ عدة سنوات قد تمددت لتصبح حرباً إقليمية أكثر تعقيداً بسبب تعدد المتدخلين، وبسبب تعدد الصراعات التي تفرض نفسها وتغذي بعضها، فإن الأزمة السورية قد تحولت لمعضلة عسكرية ودبلوماسية لا سابق لها.

أولى هذه الصراعات هي الحرب بين النظام والمعارضة، والتي بدأت في ربيع 2011.. الانتفاضة الشعبية ضد الأسد تحولت إلى حرب أهلية قاسية كان من مضاعفاتها التقليدية توجه كلا المعسكرين إلى الوحشية.

وفي حين كانت القوات المتفرقة للثوار غير قادرة على الاتفاق على الحد الأدنى حتى سقوط النظام، فإن الجيش الحر خسر الكثير من الأرض، لتشتعل الحرب بين النظام والحركات الجهادية التي كانت تنمو كلما طالت الحرب. لم يعد الجيش الحر هو القوة الأساسية في الحرب الأهلية بالرغم من أن مقاتليه لازالوا يقاتلون النظام السوري.

الصراع الثاني هو الحرب الدينية بأغلبية من المسلمين السنة حيث انجرف التمرد نحو الإسلام المتطرف، وبدعم مالي من دول الخليج مستفيدةً من تعاطف #تركيا أردوغان الإسلامية، قَلبت الحركات الجهادية الثورة ضد الأسد إلى حرب طائفية لا هوادة فيها لمواجهة العلويين، وهم فرع بعيد التشيّع يعتبره الوسط السني تابعاً لإيران. ويهيمن على التمرد الديني الآن جماعات جهادية تختلف عن بعضها باختلاف الممول والطموح، تقاتل الآن لإقامة نظام سني تحكمه الشريعة. وسائل الإعلام الأمريكية تتحدث حالياً عن “إسلاميين أقل تطرفاً” للإشارة لجبهة النصرة الفرع المحلي للقاعدة.

في مواجهة هذا التطرف يستفيد نظام بشار الأسد بشكل طوعي أو قسري من دعم الأقليات السورية الأخرى كالدروز والمسيحيين والشيعة، خوفاً من احتمال وصول الإسلاميين للسلطة.

هذا التطرف سمح بظهور صراع ثالث حيث أصبحت سوريا الساحة الرئيسية للحرب الإقليمية بين حلفاء #إيران الشيعية و #السعودية السنية. الأموال والسلاح والدعم العسكري الإيراني لاسيما ما أرسله #حزب_الله من دعم هي سبب صمود الجيش السوري الذي كان قد فقد السيطرة على السلسلة الجبلية من #دمشق لحمص وحماه لولا دعم حلفائه الإيرانيين والروس الآن.

بالنسبة للقوى السنية (تركيا ودول الخليج) هذا الدعم المكثف من إيران وحلفائها للأسد يجعل دعم الثورة السورية أكثر إلحاحاً، لاسيما الجماعات الجهادية الأكثر تطرفاً. هذا الصراع الإقليمي الممتد من #اليمن إلى #العراق وجد في سوريا ساحة المعركة الرئيسية، ويساهم بشكل واسع بتأجيج الصراع من خلال المد بالأسلحة والذخائر والمتطوعين.

وقد سمح التصعيد لظهور صراع رابع: الدولة الإسلامية الوحشية الناشئة نتيجة خراب العراق وتفكك سوريا، والتي سيطرت على المناطق التي خسرها النظام لإقامة دولتها الأصولية في قلب العالم العربي. هذا الإقليم سيكون منطلقها لتدمير النظام القائم في الشرق الأوسط. محارباً على وجه الخصوص الثوار السوريين المسيطرين على الأراضي، فإن هذا التنظيم عمل بشكل خاص على خدمة نظام الأسد الذي يسوّق نفسه كخط الدفاع الوحيد أمام استيلاء الجهاديين على كامل الدولة. تضرب في العراق وسوريا مستفيدة من الهالة التي تعطيها للجهاد في كل العالم، كونها العدو الأول للأمريكيين، فإن #داعش تزيد من وحشيتها وعنفهاً.

هذه الصراعات الأربعة يضاف إليها سلسلة من الصراعات الهامشية التي لا ترتبط مباشرة بسوريا لكنها تطمس أو تحرّف لعبة الحلفاء المعقدة أساساً: حرب تركيا ضد الأكراد، والتنافس الغربي الروسي أو الغربي الإيراني، كلها عوامل تعقّد التدخلات الخارجية.

أي تدخل في أي من هذه الصراعات الخمس يؤثر على الصراعات الأخرى. وكعادة الشرق الأوسط، كل تدخل له عواقب غير متوقعة وغالباً سلبية. دعم الجماعات الإسلامية لمحاربة نظام الأسد ساعد على ظهور داعش، والضربات الغربية ضدها عزز موقفها وكانت دعاية لها. وبالرغم من عنف داعش إلا أنه ينظر إليها الرأي العربي السني على أنها أهون الشرين مقارنةً بالهيمنة الإيرانية الشيعية على الشرق الأوسط، باعتبارها حصناً ضد انتصار الأسد.

في مواجهة هذا الوضع المعقد فإن الخيارات قليلة ومليئة بالأفخاخ.

وحلّ “لا الأسد ولا داعش” لم تكن نتائجه جيدة كفاية. بعد عام من بدء العمليات الغربية والعربية، لا يزال الأسد في السلطة وداعش احتلت #تدمر.

الحملة الجوية للقضاء على داعش لن يكون لها تأثير ما لم تترافق بعمليات على الأرض، والدعم الغربي للمعارضة المعتدلة فشل، فالمقاتلون الذين دربتهم أمريكا قُبض عليهم من قبل جماعات أخرى أو سلموا أسلحتهم طواعية، وعلى الرغم من تمكن الكرد في سوريا من المحافظة على كوباني، لكن وكما كرد العراق فإن الكرد غير فعالين خارج المناطق الكردية.

وقوف #روسيا إلى جانب بشار الأسد سيعطيه مهلة لتعزيز خطوطه الدفاعية وصد الثوار على الأقل في البداية، وحتى هجوم الثوار القادم الذي قد لا يتأخر في حال زاد دعم مموليه من دول الخليج الحريصة أكثر من أي وقت مضى على هزيمة النظام السوري.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.