عمّار ديّوب

عطّلت روسيا مؤتمر #جنيف وتنفيذ القرارات الدولية لفك العلاقة بين الجانب الإنساني والسياسي في مسار النقاش الدولي من أجل إدارة الصراع بين النظام والثورة السورية، ورفضت وفد المعارضة المنبثق عن مؤتمر المعارضة في #الرياض والتصنيف المتعارف عليه للتنظيمات الإرهابية المحددة بـ #داعش و #النصرة، وتريد إدخال #جيش الإسلام وأحرار الشام كذلك، وحينما اقترب الموعد المحدد لاجتماع التفاوض في 25 كانون الثاني، فإن #موسكو و #واشنطن حزمتا أمرهما نهائياً على تهميش وفد الرياض، والتلويح بإدخال شخصيات محسوبة على #النظام، ولم تكتف بذلك بل وقالت #روسيا بوجود وفد سوري مستقل اختارته هي بعناية علمانية كاملة!. الأخطر هو تهديد #كيري لوفد الرياض، بأن جنيف الحالي مجرد محادثات أو مشاورات، وستكون من أجل تأليف حكومة وطنية وفق المقترح الإيراني القديم، وعلى المعارضة أن تحضر المؤتمر وتوافق على الرؤية الإيرانية هذه، وفي حال الامتناع عن ذلك فإن كل أشكال الدعم ستتوقف.

 

هذه اللهجة العدوانية ضد المعارضة، لا يخفف من خطورتها ما قاله نائب رئيس الولايات المتحدة بأن الحل العسكري ممكن في حال فشل الحل السياسي، أي تغيير النظام، ولا البيان الذي أصدره مرافق كيري إلى الرياض يوم السبت الفائت، والقول إن كيري لم يهدد المعارضة، ولكنه أكد على ضرورة الذهاب إلى جنيف. ما فات بايدن ومرافق كيري، أن هناك إجراءات ثقة يجب أن ينفذها النظام منفرداً، وما أتى به كيري يُحيل ملف رفع الحصار  وإيصال المساعدات والإفراج عن المعتقلين إلى التفاوض، بدلاً من أن يفضي التفاوض إلى كيفية المرحلة الانتقالية، والوصول إلى حكم انتقالي يتمثل فيه كل السوريين.

بغياب ما أشرنا إليه، وبكلام كيري عن محادثات أو مشاورات وستمتد لستة أشهر، فإن مؤتمر جنيف المزمع بدئه في 29 كانون الثاني، يتحول إلى ثرثرات لامتناهية، وسيسمح للروس وللنظام بتكثيف النيران وتدمير أكبر قدر ممكن من #سوريا بحجة رفض المعارضة الموافقة على الانضمام “لحكومة وطنية” بقيادة النظام الحالي! وبالتالي تصبح المهمة الأولى لوفد الرياض هي رفض الذهاب إلى مؤتمر جنيف، وترك الروس والأمريكان ينجزان هذا المؤتمر مع الوفد الروسي، أي أنه سيكون هناك وفدان للنظام؛ طبعاً سيفشل فوراً، وسيكون بمثابة فضيحة دولية للدول التي ستدعمه، ولا سيما #أمريكا.

المهمة الثانية على كافة فصائل المعارضة والثورة، إعلان قطيعة كاملة مع داعش والنصرة أولاً، وكل فصيل يقول بدولة إسلامية ويرفض الدولة المدنية، ورفض كل مشروع طائفي يحضر للسوريين. وهذا ما سيوضح بجلاء كامل أن لا علاقة للطائفية أو الأصولية بالثورة.

المهمة الثالثة والأساسية والتي تأخرت قوى الثورة بإعلانها هي اعتبار التدخل الروسي احتلالاً لسوريا موجهاً ضد الثورة، ومهمته حماية النظام وهو إكمال للدور الروسي في تعطيل تنفيذ القرارات الدولية الخاصة بإيصال المساعدات للمحاصرين أو موضوع اللاجئين وسواها، وبالتالي إعلان أن سوريا بحالة حرب تحريرية ضد الروس وضد النظام بآن واحد؛ النظام السوري استدعى الروس وعقد اتفاقية عسكرية مرفوضة بالكامل، نظراً لأنها اتفاقية مهمتها دعم النظام وتدمير سوريا وتكريس الجهادية وتصفية فصائل الجيش الحر بل واجتثاث البيئة الحاضنة للثورة.

هذه المهمات، لا تتعارض مع التأكيد ودون توقف على ضرورة الحل السياسي، وإسناد القرار الدولي إلى بيان جنيف الأول بالتحديد، وضرورة التذكير بالقرارات الدولية التي صدرت لصالح الشعب السوري، والمتابعة الإعلامية الدقيقة لهذه المهام، ولمؤتمر جنيف في حال حصوله، وتفنيد كافة الأكاذيب التي ستلصق فيه بالمعارضة أو بالثورة.

بغياب وفد الرياض، فإن التصعيد الروسي سيتضاعف كثيراً، وسيشمل مناطق أكثر، وقد يأخذ الروس مناطق أخرى إضافية، وهذا ما سيحشر الدول المناصرة لوفد المعارضة في الزاوية الضيّقة؛ فالوضع الميداني سيتطلب دعماً واسعاً، وصداماً بدرجة معينة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك مع الروس، ولا سيما أن العلاقة مع الروس تحسنت مع الدول الداعمة للمعارضة.. الوضع الميداني والتطورات السياسية تقتضي ذلك، وفي حال غياب تحقق ذلك، فإن المعارضة كما كل الفئات الثورة معنية بالتفكير في الاعتماد على الذات وإنتاج المشروع الوطني السوري الكامل، وهذا سيضاعف مشكلات الأهالي والمقاتلين المناهضين للنظام ومشكلات اللاجئين كذلك، لأنه قد يعني قطع كافة المساعدة العلنية، وتسعير الحرب الروسية أكثر فأكثر.

نقصد أن المرحلة الحالية مرحلة كسر عظم للمعارضة ولكافة القوى الثورية، وهو ما فعلته روسيا بتدخلها بشكل ممنهج  ضد الثورة، ومحاولة الإنهاك الكامل للمناطق الخارجة عن سيطرة النظام وليست واقعةً تحت سيطرة الجهاديين بشكل رئيسي. روسيا تريد القول: إن ما يحصل في سورية هي مواجهة بين النظام وقوى الإرهاب! وهناك ملايين السوريين اللاجئين، داخل وخارج سوريا، وبالتالي على العالم دعم النظام الحاكم من أجل إيقاف وصول الإرهابيين إلى أوربا وأمريكا وإيقاف توافد اللاجئين إلى أوربا. الرؤية الروسية هذه تعززت بعد الضربات التي نسبت لداعش، وكانت بداية التحول الكبير من مركزية فكرة تغيير النظام إلى مواجهة الإرهاب بمساعدة النظام، وفي هذه الأجواء كان الدخول الروسي إلى سوريا، والذي لم يواجه بأي اعتراض من الدول التي تدعي وصلاً بالمعارضة السورية.

القضية الخاطئة في نهج المعارضة كانت منذ البداية، ومن لحظة تقديم المعارضة لنفسها أنها تنتظر الدعم الأمريكي أو الروسي، أي أن الخطأ خطأ المجلس الوطني وكذلك هيئة التنسيق الوطنية، ولاحقاً تكرس الخطأ حينما تشكل الائتلاف الوطني بناء على رغبة السفير القديم في سوريا #فورد، وأيضاً لم يسفر الأمر عن أي شيء بما يخص التغيير في سوريا، وحتى الهيئة العامة للمفاوضات نتجت عن اقتراح بيان مجلس الأمن الدولي؛ البيان الذي كان لصالح النظام وروسيا وإيران وضد المعارضة؛ ستيفان دي #مستورا تجاهل وفد الرياض ككتلة وحيدة لتمثيل المعارضة السورية، وأن دوره محصور كمبعوث للأمين العام للأم المتحدة، بينما يقدم نفسه كوصي على المعارضة “المراهقة”، وأما النظام فيشكل الوفد الذي يشاء. ويمعن ستيفان بالاستهتار بوفد المعارضة الذي يعتبر إجراءات الثقة سبباً يؤدي إلى المفاوضات.

نعم لرفض المشاركة بمؤتمر جنيف، ورفض كل أشكال الوصاية على السوريين، وإن المشاركة مشروطة بتنفيذ إجراءات الثقة قبل التفاوض، واعتبار وفد الرياض هو الممثل الحصري للمعارضة الى جنيف.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.