سارة الحاج

يستمر آلاف الشبان بالانتقال بين منازل وأحياء مدينة #اللاذقية متخفين عن أعين قوات الأمن التي تنتشر بكثافة فيها، خوفاً من اعتقالهم وإجبارهم على الالتحاق بقوات النظام، ويلجأ الشبان خاصة المنشقين أو المتخلفين منهم عن خدمتي العلم الإلزامية والاحتياطية والعاجزين عن دفع المبالغ المالية الكبيرة التي يطلبها المهربون لإخراجهم من مناطق النظام نحو مناطق المعارضة، إلى أسلوب التنقل فيما بعضهم لايخرج إطلاقاً من المنزل، وآخرون يحرصون أن تكون الشوارع والأزقة التي يسيرون بها لبعض الوقت من أجل التنفس خالية من أي دوريات أو حواجز.

يقول الشاب ماهر ياسين الذي اختار هذا الإسم بشكل مستعار لموقع الحل السوري إنه ترك خدمته الإلزامية في الجيش، وهرب منذ أربعة أعوام ولايزال يتنقل ويختبئ ضمن مناطق النظام في مدينة اللاذقية، على الرغم من الخوف الكبير الذي يعاني منه، والحذر عند وقوع المداهمات أو استنفار عناصر الأمن، لكنه يشير أن لا خيار أخر أمامه، سابقاً كانت تكاليف الوصول إلى مناطق المعارضة أقل بكثير وفق ياسين، لكنه اعتقدَ أن النظام سيسقط خلال فترة قصيرة، ففضّل البقاء في مدينته ينتظر وصول المعارضة إليها.

يتابع ياسين أنه حالياً يندم كثيراً على الفرص التي أضاعها للخروج من هذا السجن الذي يعيشه، والذي تحفه المخاطر من كل الجهات، لكنه عاجز عن دفع مبالغ تصل حتى مليوني ليرة سورية من أجل الوصول نحو مناطق المعارضة، منوهاً إلى وجود الكثير من الشباب الذين يعيشون الحالة ذاتها لاسيما الذين يطلبون بالوقت الحالي للخدمة ويرفضون الإنضمام إلى قوات النظام.

وأضاف ياسين إنه يقضي وقته على الإنترنت والتلفاز، وتقوم عائلته بتأمين الطعام والمستلزمات، مؤكدا أن لا أحد يعرف عن وضعه أي شيء سوى بعض المقربين بشكل كبير منه خوفاً من المخبرين، أما عن أماكن تواجده فيخبر والدته فقط التي تقوم بإيصال الطعام له، فأهله قاموا بإبلاغ قوات النظام منذ إنشقاقه قبل أربعة أعوام أنهم فقدوا ابنهم أثناء خدمته الإلزامية ولايعرفون أي شيء عن مصيره.

أما عن تكاليف وصول الشبان من مناطق النظام إلى مناطق المعارضة فتختلف حسب عمر الشاب ووضعه في حال كان من المنشقين أو أنه مطلوب أو لا يوجد عليه أي شيء، واذا كان سيخرج بمفرده أو مصطحباً أسرته.

وبيّن أبو عدنان وهو أحد العاملين بتهريب الشبان من مدينة اللاذقية نحو مناطق المعارضة بإدلب، أنه يعمل بهذه المهنة منذ حوالي خمسة أعوام مع بداية نشر قوات النظام للحواجز على الطرقات وتضييق الخناق على الشبان داخل مدينة اللاذقية، وأنه قدم المساعدة للكثير من الشبان، وكان يحصل على مبالغ مالية زهيدة مقابل عمله هذا، مستفيداً من معارفه لدى النظام، وقدرته على إخراج الشبان وتهريبهم من مناطق النظام.

ولفت المصدر إلى أنه ومع انتشار الحواجز بشكل كبير، وتبدل العناصر الذين كانوا يتواجدون فيها “نحتاج لمبالغ مالية إضافة لدفعها لهم كرشوة مقابل السماح للشبان الهاربين بقطعها، معتبراً أن معظم المبالغ التي يحصل عليه من الشاب تذهب للحواجز وعناصر الأمن المتواجدة على الطرقات، ويبقى له جزء بسيط لا يتجاوز 200 دولار أمريكي من كل شاب يقوم بتهريبه”.

وأوضح المصدر أن الأسعار تتراوح بين 500 ألف ليرة سورية أي مايعادل ألف دولار أمريكي ومليوني ليرة أي أربعة آلاف دولار، ويتعلق ذلك بوضع الشاب ومرافقيه الذين سيخرجون معه من المدينة، مؤكداً أن “الوضع بات أخطر حالياً بسبب كثرة الحواجز، ووجود حواجز تابعة لفرق في الجيش السوري، يصعب إرضاؤها، على عكس حواجز الشبيحة والدفاع الوطني” ولافتاً إلى أن “كثرة انتشار الحواجز تحتاج لمبالغ مالية إضافية فكل حاجز يجب أن ندفع له”.

واعتبر المصدر أن أكثر ما يسهّل هذه الأمور هو وجود أشخاص من جانب النظام يتعاونون من قادات كتائب وفرق وأصحاب قرار، مقابل مبالغ مالية يحصلون عليها من عملهم بهذه الأمور.

من جهته أكد الشاب أحمد ابراهيم الذي خرج من مناطق النظام، “لموقع الحل السوري”، سالكا طريق يصل بين مدينة اللاذقية وقلعة المضيق بريف حماة التي تعتبر أخر نقطة للمعارضة مع النظام

أنه قطع حوالي أربعين حاجز للنظام لكنه لم يتعرض لأي مضايقة أو تفتيش كان يكفي أن ينزل سائق السيارة التي تقله ويتحدث من العناصر المتواجدين على الحاجز ويخبرهم هو من طرف أي شخص أو يقدم لهم بعض علب السجائر بعد أن يكون قد أمن الطريق من قبل الضباط المسؤولين عن الحواجز المتواجدة عليه، مشيرا إلى أنه كان خائف بشكل كبير في البداية وهو منشق عن النظام لكن السائق قدم له الكثير من التطمينات وأخبره أن الأموال التي دفعها هي مقابل وصوله بخير إلى المكان الذي يتوجه إليه، وتحدث المصدر أن في السيارة كان يتواجد عدد من النساء أيضا، يخرجون بشكل دائم مع السائق في رحلته لتهريب الشباب ويحصلون على مبلغ من المال كحصة لهم وذلك لكي تبدو السيارة تقل مدنيين ولا يشتبه بها من قبل أي سيارة أودورية متنقلة من الممكن أن يتم مصادفتها في الطريق ولم يحسبوا لها.

يذكر أن الراغبين في الخروج من مدينة اللاذقية نحو مناطق إدلب وريفها يقطعون مسافة تزيد عن سبعة ساعات سالكين الطريق نحو مدينة حماة ومن ثم إلى إدلب برحلة يعتبرها الشباب محفوفة بالمخاطر والخوف خصوصا وأن أغلبهم يهرب بعد أن يتلقى تبليغات للإلتحاق بصفوف النظام، أو خوفا من الإعتقال لأسباب سياسية.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.