منار حدّاد

على الرغم من أن فصائل المعارضة السورية شنّت هجوماً معاكساً على مواقع قوات النظام السوري في عدّة قرى وبلدات في ريفي #إدلب و #حماة، إلّا أن هذا الأمر لم ينعكس إطلاقاً على وضع النازحين في هذه القرى، والذين يُقدر عددهم بنحو 150 ألف نازح.

اضطر معظم هؤلاء المدنيين للنزوح، بسبب الهجمة العنيفة التي شنّتها قوات النظام، والتي أسفرت عن تراجع مفاجئ للمعارضة وتقدّم كبير للنظام في أكثر من 40 قرية وبلدة خلال أيام، ولم يكن أمام المدنيين سوى النزوح نحو الريف الشمالي تحت الغارات الجوية والمعارك، أملاً في الوصول إلى مناطق أكثر أمناً.

وتُشير التقديرات إلى أن مجمل ما سيطر عليه النظام يُعادل نحو 1000 كليو متراً في قرى جميعها مأهولة بالمدنيين.

نزوح مفاجئ

في ليل السابع من شهر كانون الثاني/ يناير الجاري، دخلت قوات النظام السوري إلى مدينة #سنجار في ريف إدلب بشكلٍ مفاجئ، في تقدّمٍ سريع أربك حسابات المدنيين الذين سابقوا الزمن في حمل ما يمكن حمله من أغراض والهروب خارج المدينة.

سنجار هي واحدة من أكثر المدن تجمّعاً للمدنيين في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، كما تحتوي على سوق رئيسي يقصده سكّان القرى المجاورة.

تمكّن حازم الحاج، من سحب عائلته بعد اقتراب صوت الاشتباكات في وقتٍ متأخر من ليل السابع من كانون الثاني، واعتلى شاحنة جاره الذي كان ينزح هو الآخر، والذي تمكّن من تجميع أكبر عدد من المدنيين في السيارة ذاتها وفرّوا خارج المدينة، بينما استخدم البقية طرقاً مختلفة للهروب.حازم يقول للحل السوري “لا نعرف ماذا جرى تحديداً كان الوضع طبيعياً في المدينة، وكان كل المدنيين يعلمون أن قوات النظام وصلت في اليوم الذي سبقه إلى قرى الناصرية واللويبدة الشرقية وجبل الكافي جنوب سنجار ولكنّ أحداً لم يكن يتوقّع انسحاب الفصائل بهذه السرعة”.

ويوضّح الثلاثيني أن الفصائل انسحبت بشكلٍ مفاجئ دون أن تمهّد، بعد أن كانت تصريحاتهم للأهالي تشير بأنهم سيتكمّنوا من التصدي للهجوم لتأمين سنجار تحديداً بسبب كثرة عدد النازحين فيها، وقال: “لم نجد أحداً منهم إطلاقاً”.

وتحتوي سنجار على عشرات الآلاف من سكّانها الأساسيين، فضلاً عن أعداد كبيرة من النازحين الذين هربوا قبل أشهر من ناحية عقيربات شرقي حماة، بعد هجوم قوات النظام على تنظيم داعش داخلها.

أين يُقيم النازحون؟

بحسب مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، فإن نحو 100 ألف شخص هربوا من منازلهم في الفترة الواقعة بين مطلع شهر كانون الثاني والتاسع من الشهر ذاته،

يقول الناشط الإعلامي فؤاد السيد للحل السوري “كانت وجهة النازحين الأولى نحو الشمال هرباً من المعارك، وبعد وصولهم على دفعات كانوا ينفصلوا في وجهاتهم”.

وأضاف أن النازحين تقسّموا حيث جزء كبير منهم توجّه إلى المناطق الحدودية الموجودة أقصى شمالي إدلب، كون القصف لا يصل إلى هذه المناطق، في حين توجّهت قلّة قليلة من النازحين إلى مدينة إدلب التي تتسم بارتفاع تكاليف الحياة وإيجارات المنازل.

أما الجزء الثالث من النازحين والذين يشكّلون الجزء الأكبر، فلم يجدوا إلّا “المنصّفات” على جانبي الطرقات الرئيسية بين القرى، حيث قاموا بإنشاء خيم مؤقّتة من القماش والنايلون الذي يعزل المطر، وافترشوا جانبي الطرقات بين هذه القرى.

وأضاف السيد إن الطريق الواصل بين بلدتي تفتناز وباب الهوى، والذي يمتد طوله لعدّة كيلو مترات اكتظَّ بالنازحين الذين أنشؤوا خيمهم على جانبي الطريق في ظروفٍ مأساوية ولا سيما مع الجو القاسي وعدم وجود متطلّبات الحياة الأساسية.

السيد أشار إلى أن العدد الفعلي للنازحين أكثر من 100 ألف بكثير، لافتاً إلى أن موجات النزوح لازالت مستمرّة في المناطق التي تتمدّد إليها العمليات العسكرية.

ظروف قاسية

لم يحصل النازحون على أي مساعدات التي تمكّنهم من إيجاد حياة كريمة في المخيّمات التي لجؤوا إليها، إذ لم تقدّم منظمات الأمم المتحدة أي دعمٍ يُذكر، وكذلك الحال بالنسبة للمنظمات المحلية السورية، في حين أشارت مصادر مطلعة لموقع الحل السوري أن حكومة الإنقاذ التي تتسلّم دفّة الحكم في ريف إدلب، أنشأت ثلاث مخيّمات تتسع لبضع مئات من المدنيين فقط، ولم تفعل أي شيء إضافي يُذكر.

وصل أبو جمال مع عائلته هارباً من المعارك من بلدة أبو الظهور التي تُعتبر وجهة قوات النظام الرئيسية، وانتقل إلى مخيّم أطمة الواقع في بلدة أطمة في أقصى ريف إدلب الشمالي قرب الحدود السورية  –  التركية.

يقول أبو جمال للحل السوري “فور الوصول إلى المخيّم اضطررت لشراء خيمة بقيمة 20 ألف ليرة سورية، بسبب عدم وجود أي منظمة أو جهة تمنحه تلك الخيمة، وتمكّنت من نصبها والإقامة فيها مع زوجتي وأولادي الأربعة”.

وأضاف أن كل شيء يريد الحصول عليه يتم بشكلٍ مأجور، حيث لا وجود لوسيلة تدفئة تذكر كما أنه يشتري الطعام والمياه الخاصة بالشرب، إضافةً لعدم وجود أي من مقوّمات الحياة، وقال أيضاً: “لا أستطيع البقاء هنا أريد العودة إلى منزلي بأقرب وقت”.

ويوضّح أنه بعد نزوله في المخيّم بأيام، وصل عدد كبير من العائلات لكنهم لم يجدوا مكاناً شاغراً بسبب كثافة النزوح، فاضطروا لنصب خيمهم في شوارع البلدة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.