رهام غازي

وضعت الحرب في #سوريا أوزارها على أجساد الكثير من الفتيات اللواتي لم تُتاح لهنّ حرية اختيار شريك الحياة المناسب، في ظل انعدام الأمان وصعوبة تأمين أدنى متطلبات الحياة، إلى جانب العديد من الصعوبات التي طمست المفاهيم المتعلقة بالإنسانية والعلم والدين، وجعلت بعض الأهالي يتشبثون بالعادات والتقاليد لاتخاذ القرارات.

ويهرب الأهالي من عتب محيطهم ومجتمعهم، ويسارعون إلى تزويج فتياتهنّ بسن مبكرة للتخلص من “شبح العنوسة” الذي يقلقهم عندما تبلغ الفتاة سن الـ 14 عاماً، حينها تصبح جاهزة في نظرهم للذهاب إلى بيت زوجها.

أوضحت مها في حديثها لموقع الحل السوري أن تجربتها مع الزواج المبكر الذي أُجبرت عليه في سن الـ 15 عاماً، من قبل أهلها فشلت، موضحة الصعوبات التي تمر بها كل فتاة تخضع لنفس التجربة بقولها:”البنت بهالعمر بيقلولا تتجوزي بتقول أي لأن ما بتعرف شو رح يصير بعدين”.

وأوضحت مها أن أغلب الزيجات التي عُقدت على قاصرات في محيطها تمت من أجل المقابل المادي الذي يحصل عليه أهل الفتاة من الرجل المقبل على زواجها، حيث تُبنى أغلب تلك “الاتفاقات” على أساس مادي بحت بين عائلة تعاني من أوضاع مالية صعبة ورجل قادر على تحقيق أحلامها البسيطة.

وأضافت مها أنها تعرضت أثناء فترة الزواج لتعنيف جسدي ولفظي كان يصل في بعض الأحيان إلى الحرق بالسجائر ومحاولة إرغامها على تعاطي المخدرات من قبل زوجها الذي يعاني من الإدمان، لينتهي زواجها منه بالطلاق، وإجبارها على تكرار الزواج مرة ثانية من رجل أكبر منها بـ 20 عاماً، ولديه طفلان، قائلة: “الحمدلله ماصار عندي ولاد من الاثنين، وبنصح الأهل ما يزوجو بناتن بعمر صغير لأنو الزواج مسؤولية كبيرة”.

من جانبها أوضحت الاستشارية التربوية والأسرية نورا نحاس أن أغلب الزيجات التي تفرض على الفتيات القاصرات تبوء بالفشل بسبب سوء الاختيار وعدم معرفة الفتاة لواجباتها وحقوقها، وحرمانها من إكمال تعليمها، وعدم اكتمال بنيتها الجسدية.

وأضافت نحاس: “وبما أن المجتمع ذكوري بحت فإن التعامل مع أي مشكلة تنشأ لدى القاصر تتم على أساس ذكوري فتُطالب بالسكوت عن حقوقها وتحرم من حق الطلاق بحال الشقاق، ومن هنا تبدأ مشاكل الحمل والولادة وتربية الأطفال، حيث تغدو القاصر أماً وهي لا تدرك أدنى احتياجات طفلها، ومن ثم تتسلسل الأمراض غير المتوقعة إليها من نقص الفيتامينات والمعادن”.

وأشارت نحاس إلى أن إجبار الفتاة على ممارسة العلاقة الحميمة قد يصيبها بالعديد من الاضطرابات النفسية مثل: اضطراب ثنائي القطب، واضطراب الاكتئاب، والوسواس القهري، وفصام الشخصية، حيث يكثر لديها الشعور بالتوتر والقلق، وتصاب بـ “اكتئاب الزواج المبكر”.

وختمت نحاس حديثها بالتنويه إلى أن ليس كل زواج مبكر فاشل، وليس كل زواج متأخر ناجح، فالقضية تعتمد على وعي الفتاة وإدراكها لمعنى الحياة الزوجية ومدى فهمها لحقوقها وواجباتها، علماً أن المحيط الاجتماعي يلعب دوراً هاماً في توعيتها وتنشئتها بالشكل السليم.

يجدر التنويه أن مفهوم “العنوسة”، يتطلب عملا مكثفا من اختصاصيين لتغيير النظرة السائدة حول العمر التقليدي لزواج الفتاة ومحاولة نسف الفكرة القائلة أن من لم تتزوج “عانس”، حيث في المجتمعات الصحية يعود الخيار بالزواج أو البقاء عازبة للفتاة نفسها طبعا بعد أن تصبح في سن الرشد وتستيطع محاكمة الامور بشكل سليم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة