منار حداد – موقع الحل

باتت أسماء الشوارع والبلدات وحتّى المدارس والحدائق في #سوريا، أحد العلامات التي تدل على الجهة المسيطرة عليها، حيث عمد كل طرف نزاع إلى تغيير هذه الأسماء وفقاً لتوجّهاته السياسية.

ومنذ حقبة التسعينات، قاد النظام السوري أول مشروع لتغيير أسماء المدن والبلدات في مناطق سورية، ضارباً بعرض الحائط ما تمثّله هذه الأسماء من موروث شعبي ووجه حضاري للفئة السكّانية التي تعيش في هذه المنطقة.

يسلّط موقع الحل الضوء في هذا التقرير، على قيام جميع أطراف النزاع بما فيها النظام السوري والمعارضة والإدارة الذاتية وحتى تنظيم داعش، بالعبث بأسماء المناطق والأحياء في مناطق سيطروا عليها.

المعارضة السورية

تُعتبر مدينة عفرين، من آخر المناطق التي تعرّضت لتغييرات في أسماء شوارعها وساحاتها، وذلك بعد أن شهدت عدّة مدن وبلدات أخرى العملية ذاته.
وبعد أن سيطرت المعارضة السورية المتحالفة مع #تركيا على مدينة #عفرين ضمن عملية “غصن الزيتون” أقدمت هذه الفصائل على إجراء تغييرات بأسماء بعض الشوارع والساحات.

وغيّر المجلس المحلي في عفرين الذي أسّسته المعارضة، أسماء ثلاثة تقاطعات رئيسية في مركز المدينة، بعد إخراج الوحدات منها.

وتغيّر اسم دوار “كاوا” الذي يرمز إلى الأسطورة الكردية “كاوا حداد” ليصبح اسمه “دوار غصن الزيتون”، كما تم تغيير اسم “دوار نوروز” ليصبح اسمه “دوار صلاح الدين الأيوبي”، وتغيّر اسم “دوار مبنى الحكومة” ليصبح اسمه “دوار رجب طيب أردوغان”.

ولايات داعش

لم يخرج تنظيم داعش عن عملية إجراء التغييرات في أسماء المناطق التي سيطر عليها، حيث عمد التنظيم إلى تغيير اسم محافظة #دير_الزور، ليطلق عليها اسم “ولاية الخير” كما قام التنظيم بتغيير اسم محافظة الحسكة ليصبح اسمها “ولاية البركة”.
وبحسب مصادر الحل فإن التنظيم قام بتغيير أسماء الكثير من المدارس والجامعات والشوارع على أسماء شخصيات جهادية بارزة.

الإدارة الذاتية

استخدمت الإدارة الذاتية (وهي الجناح الإداري لقوات سوريا الديمقراطية)، أسلوب تغيير أسماء المناطق والشوارع التي سيطرت عليها في سوريا، حيث قامت الإدارة بتغيير اسم جميع محافظات الشمال الشرق السوري دفعة واحدة، ليصبح اسمها “روج آفا” وهو مسمّى يشير إلى إقليم غرب كردستان.

وفي السابع من شهر أيلول عام ٢٠١٥، أعلن المجلس التنفيذي التابع للإدارة الذاتية في المناطق الكردية في سوريا، عن بدء حملة لإعادة الأسماء الكردية للمدن والبلدات والمؤسسات الرسمية في مدينة القامشلي، الواقعة في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا.

وقال بيان صادر عن اللجنة المنظمة للحملة: “بدأت حملة لإعادة الأسماء الأصلية للمدن والبلدات والقرى والمدارس، والمؤسسات الرسمية والمدنية، والمراكز التجارية، والمهنية، والساحات، والمحلات التجارية، وندعو جميع المواطنين والفعاليات لمساعدتنا في هذه الحملة لإعادة الأسماء الأصلية”.

وبعد الحملة تم تغيير أسماء الكثير من القرى والمناطق لتستعيد بعضها أسماءها التي كانت قبل مشروع الحزام العربي، فيما تغيرت أسماء بعض المناطق خارج هذا السياق، لنجد تل أبيض باسم كري سبي، ونجد أسماء جديدة لقرى في محيطها.

النظام السوري

في مطلع عام ٢٠١٤، غيّر النظام السوري اسم “شارع الملك عبد العزيز آل سعود” في العاصمة السورية دمشق، ليصبح اسمه “شارع نجدت أنزور”، ونجدت أنزور هو مخرج سينمائي موالٍ للنظام، أنتج فيلم “ملك الرمال” الذي يتحدّث عن العائلة المالكة السعودية وانضم إلى برلمان الأسد.
وبعد هذا التغيير شهدت مناطق النظام السوري إجراء تغييرات في أسماء عدّة شوارع ومدارس تقع تحت سيطرة النظام السوري.

كما أطلق النظام السوري اسم الرئيس كوريا الشمالية كيم إيل سونغ، على أحد حدائق العاصمة دمشق.

ولكن بالعودة إلى الماضي فإن النظام السوري يُعتبر عرّاب عملية التغيير هذه، فهو صاحب مشروع “الحزام العربي” الذي ابتكرته قيادة حزب البعث الذي يتبع له بشار الأسد، في عام ١٩٦٥، وكان الهدف منه “تعريب أسماء المناطق الكردية”.

يعود هذا المشروع بملامحه الأولى إلى الملازم أول محمد طلب هلال (رئيس الشعبة السياسية في الحسكة) الذي أصدر كراساً في عهد الانفصال (بعد الوحدة مع مصر) عام 1962، بعنوان: “دراسة عن محافظة الجزيرة من النواحي القومية، الاجتماعية، السياسية”. ويعطي هذه الكراس توصيات تتلخص في الدعوة إلى ممارسة سياسة التعريب في مناطق الجزيرة السورية.

وخلال مؤتمر حزب البعث القطري السنوي لعام ١٩٦٦، اتُخذ قرار يوصي بـ”اعادة النظر بملكية الأراضي الواقعة على الحدود السورية التركية، وعلى امتداد 353 كم وبعمق 13-15 كم، واعتبارها ملكا للدولة، وتطبق فيها أنظمة الاستثمار الملائمة بما يحقق أمن الدولة”، وفي عام ٢٩٧٤ في عهد الأسد الأب، تم البدء بتنفيذ المشروع.