حلقة من حلقات “الانتقام”.. النظام يفصل مدرسين في السويداء

حلقة من حلقات “الانتقام”.. النظام يفصل مدرسين في السويداء

جلال بكور

يبيع الخضار على عربة مهترئة ولا يذهب لكي يقاتل أهل بلده ضمن ميليشيات طائفية، هذا ما أكده مدرس فصله النظام قبل أسبوعين من وظيفته في إحدى مدارس مدينة السويداء.

يضيف لموقع الحل مفضلا عدم ذكر اسمه: “لا أعلم كيف ستكون الأمور، كانت الوظيفة على الرغم من مرتبها القليل مصدر دخل مساعد إضافة لمرتب زوجتي الموظفة في دائرة حكومية أخرى.”

لم يكن الوحيد لأن النظام أصدر قرارات بفصل عشرات المدرسين الموظفين في المدارس التابعة لـ “مديرية التربية” بالسويداء، وذلك لعدم التحاقهم بالخدمة العسكرية الإلزامية أو الاحتياطية في صفوف قواته.

ويؤكد الصحافي المنحدر من مدينة السويداء “مالك أبو خير” لموقع الحل أن وزارة التربية والتعليم التابعة للنظام و”في عملية انتقامية” قامت بإصدار عدة قرارات فردية تنص على فصل عشرات الموظفين معظمهم من المدرسين العاملين في المدارس.

وأوضح “مالك أبو خير” أن النظام بدأ بتنفيذ قرارات الفصل والتي شملت الموظفين في مديرية التربية وعلى رأسهم المدرسين، ممن هم في سن الخدمة الإلزامية أو سن الخدمة الاحتياطية، ووجه لهم إنذارا بالاعتقال.

سلب الحقوق

وتنص قرارات الفصل الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في حكومة النظام وفق ما أكدته مصادر من السويداء لموقع الحل على فصل المدرس وحرمانه من السفر أو الحصول على شهادته الجامعية مصدقة من الجامعة أو من وزارة الخارجية السورية.

وتشير المصادر إلى أن قرارات الفصل الصادرة بحق المدرسين والتي بقيت معظمها سرية لم تنشر تم تبليغ أصحابها شفويا دون إيضاح التهمة التي أدت إلى الفصل، كما تفاوتت في تاريخها وبعضها تم إصداره قبل قرابة عام كامل، ولم يبلغ المدرس بالقرار إلا قبل أسبوع أو أسبوعين، وتضمنت القرارات أن يقوم المفصول بإعادة كافة المستحقات المالية التي حصل عليها منذ تاريخ صدور القرار وحتى تاريخ تنفيذه وإلا سوف يتعرض المدرس المفصول للاعتقال.

وما تضمنته تلك القرارات وفق أحد المصادر يؤكد على عدم قدرة المفصول سواء كان مدرسا أو موظفا في دائرة أخرى، من زيارة أي مؤسسة أو دائرة حكومية وبالتالي يكون محروما من كافة حقوقه المدنية، كما أن المدرس المفصول ولو قام بإعادة الأموال سيكون مهددا بالاعتقال في ذلك الوقت بهدف السوق إلى التجنيد الإجباري في صفوف قوات النظام.

كذلك لن يتمكن المدرس المفصول من التنقل بين المناطق التي تتواجد فيها حواجز قوات النظام، لأن ذلك سوف يعرضه للاعتقال بهدف السوق إلى التجنيد الإجباري أيضا.

ضائقة اقتصادية

ويؤكد الصحافي “مالك أبو خير” على أن البطالة في السويداء منتشرة بكثرة نتيجة سياسة النظام الانتقامية وقرارات الفصل الجديدة تضيف معاناة اقتصادية أخرى على كاهل المزيد من أهالي السويداء وبخاصة حملة الشهادات الجامعية.

وتعاني البلاد من ارتفاع شديد في الأسعار مقابل انتشار البطالة وتدني مستوى الرواتب في القطاع العام الحكومي، أو التي يدفعها أرباب العمل للعاملين في القطاع الخاص.

وأكد الصحافي على أن المدرسين المفصولين يفضلون العمل في “بسطة لبيع الخضار على قارعة الطريق” على الالتحاق بقوات النظام التي ستقوم بزجّهم في مواجهة أبناء وطنهم.

وأشار الصحافي إلى أن النظام فصل العديد من الموظفين من مختلف المؤسسات الحكومية من العاملين في مؤسسة الكهرباء أو الاتصالات أو المياه وغيرها، إلا أن عملية الفصل الأخيرة هي الأكبر وطالت العنصر الأهم في المجتمع وهو “المدرس” وبالتالي فإن النظام يقوم بمحاربة أهالي السويداء من عدة نواح ولا يقتصر الأمر فقط على الضائقة الاقتصادية.

وأكد على أن النظام لم يقم بملىء الشواغر التي حدثت نتيجة الفصل، وذلك سيؤدي إلى نقص كبير في الكوادر التدريسية منذ بداية العام الدراسي الأمر الذي سينعكس سلبا على الواقع التعليمي.

التوجه نحو السلاح

ويُعتبر تشكيل “رجال الكرامة” الذي يقوده الشيخ “يحيى الحجار” أحد أكبر الفصائل العسكرية المسلحة المشكلة من قبل مشايخ وأهالي السويداء، ووجد فيه بعض المفصولين حلا للتخلص من قوات نظام الأسد.

وبحسب مصادر من السويداء يلجأ الشباب عامة والمفصول من الوظيفة بخاصة إلى التطوع في صفوف الفصيل المسلح كون قوات النظام لا تجرؤ على التعرض لهذا الفصيل وله موقف واضح في عدم الانخراط في القتال ضد المناطق الأخرى الثائرة على النظام.

وازدادت نسبة الانخراط في “رجال الكرامة” بعد اتهام النظام بتسهيل هجوم “داعش” الأخير على السويداء، وهو ما أكده الصحافي “مالك أبو خير” مشيرا إلى أن أهالي السويداء باتوا يدركون جيدا ما يحاك لهم من قبل هذا النظام.

وأضاف أن “النظام يريد إثارة النعرات الطائفية بين أهالي السويداء وأخوتهم السوريين وكانت آخر محاولاته تسهيل هجوم داعش على المحافظة، وذلك بهدف دفع شباب السويداء إلى الالتحاق بقواته وثم القتال على جبهات أخرى، إلا أنه لم يتمكن من ذلك، الأمر الذي دفعه إلى محاربة الأهالي بطريقة فصل الموظفين”.

وترى مصادر أن استمرار النظام في تضييقه على أهالي السويداء قد ينتهي بمواجهة عسكرية شرسة بين “رجال الكرامة” وقوات النظام.

وبشكل عام تعاني محافظة السويداء من سوء الخدمات التي تقدمها حكومة النظام منذ سنوات، فضلا عن ارتفاع نسبة عمالة المرأة نتيجة هجرة الشباب إلى الخارج هربا من التجنيد الإجباري.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.