صحيفة إماراتية: اختطاف العاملين في المجال الطبي في إدلب ينذر بالخطر

صحيفة إماراتية: اختطاف العاملين في المجال الطبي في إدلب ينذر بالخطر

نشرت صحيفة The National الإماراتية الناطقة باللغة الإنكليزية تقريراً يتحدّث عن تزايد حالات اختطاف العاملين في المجال الطبي في إدلب السورية بمعدّل ينذر بالخطر. حيث كان السبب الرئيسي لعمليات احتجاز الصيادلة والأطباء هو الحصول على فدية مالية، إلا أن تزايد عدد المفقودين يشير إلى عدم تعلق الأمر بالمال.
فبحسب الناشطين ومنظمات حقوق الإنسان، فإن الميليشيات والعصابات قاموا بعمليات خطف للعاملين في المجال الطبي بمعدّل ينذر بالخطر ذلك في شمال غرب سوريا الواقع تحت سيطرة المعارضة المسلحة. وعلى ما يبدو فإن الأكثر عرضة للخطر هم الأطباء والصيادلة، حيث تم اختطاف 12 منهم على الأقل في محافظة إدلب خلال هذا العام. ولم يستثن المساعدين الطبيين والعاملين في المجال الصحي من عمليات الخطف لكن بمعدلات أقل.

ومنذ أن اتفقت كل من روسيا وتركيا على إنشاء منطقة “عازلة” منزوعة السلاح في إدلب في 17 أيلول الماضي، الاتفاق الذي أوقف هجوم النظام الذي كان يلوّح بالأفق منذراً بكارثة إنسانية، وقد أصبح ارتفاع عدد حالات الاختطاف من أكثر المخاوف التي يعاني منها المدنيين في إدلب. فبحسب الناشطين على أرض إدلب، فإن الاتفاق أتى نتائجه إلى حد كبير، ولكن مع وجود “هئية تحرير الشام”، فرع القاعدة والقوة التي لا تزال مهيمنة في شمال غرب سوريا، فإن العاملين في المجال الطبي لا يزال يتوجب عليهم العمل بحذر. وبحسب مراقب من إحدى مجموعات الإغاثة، فإن هيئة تحرير الشام هي الملامة في المقام الأول عن اختطاف الأطباء والصيادلة، إلا أن آخرون يزعمون بأن قطاعين الطرق والعصابات هم المسئولين عن معظم حالات الاختطاف تلك.

ويوضح التقرير بأن آخر الضحايا كان الصيدلي إبراهيم رضوان الذي كان مكلفاً بمراقبة الصيدليات في إدلب، حيث اختطفه مسلحون في الحادي والثلاثون من شهر تشرين الأول الماضي أثناء قيامه بعمله. وقد تلقت عائلته في ذات اليوم رسالة من رقم مجهول يطالب من خلالها مختطفوه بفدية مالية تقدّر قيمتها بمليون دولار مقابل إطلاق سراحه. وفي رسالة صوتية لـ رضوان أرسلت إلى عائلته وتمت مشاركتها مع الصحيفة قال فيها: “قوموا ببيع كل شيء لدينا بما في ذلك أعمالنا، لدينا أسبوع واحد فقط لكي تُسلّم الأموال”. ويضيف في الرسالة قائلاً: “إذا لم تتعاون فسوف يجعلون من حياتي جحيماً، إن الجو هنا في الغرفة التي أنا محتجز بها بارد جداً، وقد أخبروني أنه إذا لم تدفع عائلتي المبلغ المطلوب فسون لن أرى الضوء مجدداً”. وبحسب التقرير، فإنه حتى يوم الجمعة لم يكن قد تم الإفراج عن السيد رضوان بعد، حيث مضى على احتجازه أكثر من أسبوع.
وفي حديث لـ the National مع صفوت شيخوني، مدير الصحة في إدلب، قال بأن معظم الخاطفين يطالبون بفدية مالية أرقامها غير واقعية، لكنهم في أغلب الحالات يتفاوضون مع عائلات المُختَطفين. وقال بأن بعض الناس دفعوا مبالغ تصل إلى 100 ألف دولار في سبيل إنقاذ حياة أحبائهم. وأضاف: “في معظم الحالات يتم دائماً التوصل إلى اتفاق ويتم دفع فدية، لكن لا أحد يعرف أي شيء عن هويات الخاطفين”.

وبحسب الدكتور محمد قطّوب، مسؤول في الجمعية الطبية السورية الأمريكية، والذي يدعم المراكز الطبية في سوريا في المناطق الواقعة تحت سيطرة المتمردين، فإن رواتب الأطباء والصيادلة المرتفعة هي السبب في جعلهم مستهدفين حيث يكسب معظمهم ما بين 1000 و1500 دولار في الشهر، أي عشرة أضعاف متوسط الأجر في شمال غرب سوريا. لكن قد لا يكون المال هو الدافع الوحيد لاستهدافهم، حيث يبدو أن اختطاف العاملين في مجال الصحة بات جزءاً من حملة أوسع لإسكات الناشطين البارزين وعمال الإغاثة. ويضيف الدكتور قطوب: “بالتأكيد فإن اختطاف الأطباء البارزين كان مع سبق الإصرار، فمن الواضح أن عمليات الاختطاف هذه أصبحت ممنهجة. وقد أصبح العاملين في المجال الطبي في الشمال الغربي أكثر عرضة للخطر من قبل الجماعات المسلحة أكثر منهم في أي نقطة أخرى من مناطق الصراع السوري”.

ويشير التقرير إلى أنه لا يزال هناك ستة أطباء وصيادلة مفقودين حتى اليوم بعد اختطافهم خلال هذا العام. فيرى الصيدلي نجدت سلّات بأنه محظوظ لأنه ليس أحد المفقودين. ففي العاشر من شهر أيار الماضي كان قد اختطف من قبل عصابة وتم أسره لمدة أربعة أيام تعرّض خلالها للضرب والتعذيب بالصدمات الكهربائية. إلا أن عذاباته تلك انتهت بعد أن دفعت عائلته فدية مالية قدرها 18 ألف دولار أمريكي. وتجنّباً لعملية خطف أخرى فإن سلات لم يعد يبتعد عن منزله أو صيدليته. ويضيف: “لقد تخليت عن عملي كمراقب. أنا لست حراً في التجوال في إدلب كما كنت أفعل من قبل. أنا وأمي قلقان جداً ولا أريد أن أعيش حالة الاختطاف مرة أخرى”. وبحسب مدير الصحة في ريف حلب عبد الناصر، فإن الجماعات المسلحة تخطف العاملين في المجال الطبي في غرب ريف حلب. فقد تم اختطاف المسعف علاء علوي منذ شهرين، لكنه تمكن من الفرار من المنزل الذي كان محتجزاً فيه بعد أن داهمت قوات هيئة تحرير الشام المنزل في التاسع عشر من شهر تشرين الأول الماضي.

وبحسب التقارير فإن العديد من العاملين في المجال الطبي فكّروا في وقف العمل بسبب المخاطر التي يواجهونها. كما أن بعض منظمات الإغاثة قالت بأنها سوف تنهي أعمالها الإغاثة إذا استمرت عمليات الاختطاف. لكن السيد الناصر شدد على أن المستشفيات والعيادات لا تستطيع تحمل خسارة المزيد من العاملين لديها لأن هذه المرافق أصلاً غير مأهولة شمال غرب سوريا. ويختم الناصر حديثه بالقول: “إن اختطاف الأطباء والصيادلة وغيرهم من العاملين في المجال الصحي يؤثر على مهامنا، فلدينا بالفعل عدد قليل جداً من العاملين في هذا المجال ذوي المهارات العالية، إلا أن عمليات الاختطاف هذه تخلق مزيداً من الفوضى”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.