ماذا ستكسب روسيا اقتصادياً من استلامها ملف تأهيل المواصلات في سوريا؟

ماذا ستكسب روسيا اقتصادياً من استلامها ملف تأهيل المواصلات في سوريا؟

حسام صالح

تشير أرقام وزارة #النقل السورية إلى حجم الأضرار الحاصلة في القطاع نتيجة الحرب الدائرة في #سوريا بنحو 4.5 مليار دولار (2 تريليون ليرة)، وأمام التنافس الروسي الصيني الإيراني حول ملف “إعادة الإعمار”، استطاعت روسيا إلى حد ما وضع يدها على ملف الطرق في البلاد، وهذا ما بدا واضحاً من حديث وزير النقل في حكومة النظام (علي حمود) الذي قال إن “روسيا من الدول التي وقفت في صفنا بهذه الحرب ولها الأولوية في مسألة إعادة الإعمار إلى جانب الدول الصديقة”، متحدثاً عن الدور الروسي والشركات الروسية التي ستستلم مهمة توسيع المرافئ والمطارات والسكك الحديدية والطرق السريعة والجسور.

أهم الاتفاقات الروسية في مجال الطرق

وبرز بند فتح طريق “حلب اللاذقية وحلب حمص” كأحد بنود اتفاق إدلب بين الرئيس التركي والروسي، ولهذا الطريق الدولي أهمية كبيرة بالنسبة لروسيا فيما يخص موضوع “إعادة الإعمار” ونقل المعدات والبضائع، باتجاه مناطق النفوذ الروسي، وبالتالي يسمح للشركات الروسية بحرية الحركة بين تلك المناطق، والتي تكون قادمة من مرفأ اللاذقية الخاضع لسيطرة روسيا.

وفور إنجاز “المصالحة” في ريف حمص وحماة، قامت روسيا بإعادة تأهيل طريق حمص حماة وهو الطريق الحيوي الذي يربط وسط وجنوب سوريا، حيث العاصمة السياسية دمشق، بالعاصمة الاقتصادية حلب شمالاً.

ولم تكتف روسيا بذلك، بل استثمرت في مجال السكك الحديدية، بعد أن استطاعت شركة “ستروي ترانس غاز” الاستحواذ على استثمار واستخراج خامات الفوسفات من مناجم الشرقية في تدمر بريف حمص لمدة 50 عام، حيث قامت الشركة نفسها بإيصال الخط الحديدي من طرطوس حتى مناجم الفوسفات ونقل المادة وتصديرها، والعمل على تحويل عمل القطارات من الديزل إلى الطاقة الكهربائية لزيادة حمولة القطار، وذلك بعد الاتفاق مع شركة “RGD” الروسية المتخصصة بهذا المجال.

وفي مجال النقل البحري، تعمل روسيا على إجراء دراسات لتوسيع المرافئ السورية في كل من طرطوس واللاذقية، إضافة إلى ربطها بخطوط نقل بحرية مع المرافئ الروسية، حيث تم ربط مرفأ طرطوس بمرفأ نوفورسيسك بروسيا، كون سوريا هي المنفذ الوحيد لروسيا على البحر المتوسط والمنطقة، حيث يتم العمل على جعل سوريا هي مركز لتصدير القمح الروسي، وإنشاء صوامع حبوب داخل المرافئ السورية.

وفيما يخص الطرق الجوية، أشار وزير النقل في حكومة النظام، أن هناك تنسيقاً (سورياً روسياً) عالي المستوى لإنجاز أعمال تأهيل مطار “باسل الأسد الدولي” في محافظة اللاذقية، مبيناً أن هذا يصب في إعطاء الأولوية للدول الصديقة كروسيا وإيران والصين في أعمال تأهيل المشروعات السورية.

حرب أنابيب الغاز

وتحتل روسيا المركز الأول عالمياً بإنتاج الغاز، وتنافس بذلك كل من قطر وإيران التي تحتل مراتب عالمية أيضاً في إنتاجه وتصديره وخصوصاً إلى أوروبا، حيث تقوم شركة (غازبروم) الروسية ببيع ٨٠٪ من انتاجها في الأسواق الأوروبية، وبالتالي يسعى الاتحاد الأوروبي لإنشاء خطوط نقل إضافية من أسيا والشرق الأوسط، وبالتالي عدم الاعتماد على الغاز الروسي، ومشاريع النقل الإيرانية والقطرية ستفي بالغرض، وستساهم بتخفيض أسعار الغاز.

ومن هنا أنطلق مصطلح “حرب مد الانابيب”، بحسب “معهد واشنطن للدرسات”، فروسيا تحاول عرقلة أي مد لخط نقل الغاز من قطر باتجاه أوروبا عبر سوريا، فكان هناك مشروع يقضي بإنشاء خط للأنابيب يبدأ من إيران ويمر عبر العراق ثم سوريا يضخ عبره الغاز الايراني من حقل فارس وحتى الموانئ السورية، وليستمر بعدها خط الانابيب تحت مياه البحر الأبيض المتوسط، لكن العقوبات #الأمريكية والأوروبية تحول دون إتمام هذا المشروع.

وفي هذا الصدد يقول الخبير في الشؤون الروسية (باسل الحاج) إن “سيطرة روسيا على ملف الطرق في سوريا يقربها من تحقيق أهدافها الجيوسياسية الطويلة الأمد، وإذا ما أحكمت سيطرتها على خطوط الغاز التي تمر منها، سيصبح الاتحاد الأوروبي عاجز عن شراء الغاز من أي دولة مصدرة، بما فيها دول الشرق الأوسط، من دون إبرام صفقات بشكل مباشر أو غير مباشر مع روسيا”.

وأضاف الحاج أن “الاستثمار في هذا المجال، سيضمن مصالح روسيا النفطية في العراق، بعد توقيع شركة (سترويترانسغاز) الروسية اتفاقاً مع الحكومة العراقية، لإعادة بناء خط أنابيب كركوك- بانياس، التي تربط حقول النفط العراقية بميناء بانياس السوري، القريب من قاعدة طرطوس الروسية”، مشيراً إلى أن “روسيا في هذه الحالة ضمنت احكتار المنطقة لمصالحها بواسطة هذه الطرق المحمية بقواعدها التي أنشأتها في سوريا”.

تنافس صيني روسي

واستطاعت روسيا نوعاً ما تحييد إيران عن ملف الطرق وإعادة الإعمار في سوريا، مستفيدة من العقوبات الدولية المفروضة عليها، ومحاربة الولايات المتحدة لمشروع “الهلال الشيعي” الذي يصل إيران بالبحر المتوسط ولبنان مروراً بالعراق وسوريا، وهو الطريق الذي تعول عليه إيران اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً.

في مقابل ذلك، برزت الصين كقوة اقتصادية، وكمنافس في ملف “إعادة الإعمار”، فيقول المحلل الروسي (ميخائيل موشكين) إن “الصين مهتمة بالقدوم إلى سوريا لإعادة إعمار البنية التحتية، فمن يمتلك البنية التحتية والسكك الحديدية، يمتلك البلاد”.

ولعل إيران حاولت التقرب من الصين من هذه الناحية، وكان مشروع مد خط السكك الحديدة من الصين إلى إيران ضمن المشاريع الضخمة الدولية التي بلغت تكلفتها للصين 900 مليار دولار تحت عنوان (طريق الحرير الجديد) الذي يربط الصين بالدول الأوروبية والأسيوية مروراً بإيران، وقد بدء العمل بهذا الخط السككي عام 2013 على أن يدشن هذا العام، ويمر من العراق وسوريا، فتحاول إيران الدخول من هذا الباب كحليف للصين، التي بدورها تستثمر في النفط الإيراني الذي يعاني من صعوبه تصريفه والحصول على التحويلات المالية اللازمة نتيجة العقوبات المفروضة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.