وكالات (الحل) – نشرت وكالة «فرانس برس» أول أمس، تقريراً عن عشيرة الشعيطات التي تقاتل تنظيم «داعش» وتقف صفاً واحداً إلى جانب الأكراد في هذه المعركة بهدفٍ واحد وهو الانتقام لقتلاها الذين قتلهم تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.

التقت «فرانس برس» بعامر خليفة الذي كان يلعب بسيفٍ وجده في أحد البيوت المهجورة في قرية الباغوز على حدود التماس مع من تبقى من فلول تنظيم «داعش» في شرق سوريا. ليخبرها عامر بإصرار: “سوف أحارب حتى نهاية المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وبعدها سأكمل الطريق حتى طرد خلايا (داعش) النائمة في المنطقة”. ويضيف بحزنٍ وحزم: “أريد أن أثأر لأخي وأقاربي الذين قتلهم تنظيم (داعش)”. وعلى طريقة هذا الشاب البالغ من العمر 22 عاماً، فقد انضم العديد من أبناء عشيرة الشعيطات العربية «السنية» ذات النفوذ الكبير إلى قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، وهو تحالفٌ عربي-كردي يدعمه التحالف الدولي بقيادة واشنطن، للقتال جنباً إلى جنب ضد تنظيم «داعش».

ويبين التقرير بأنه وفي عام 2014 عندما سيطر تنظيم «داعش» على ريف محافظة دير الزور، قام جهاديو التنظيم بإعدام أكثر من 900 شخص من عشيرة الشعيطات التي انتفضت حينذاك في وجه التنظيم. وبالنسبة لعامر، فليس لدية أدنى شك بأن شقيقه الأكبر وأعمامه وابن عمٍ له كانوا من ضمن أولئك الذين أعدمهم تنظيم «داعش». فهذا الشاب كان قد تمكن من الفرار من قريته أبو حمام، وكذلك من المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» خوفاً من حملة إعدامات جديدة أو حملة تجنيدٍ إجباري يفرضها التنظيم. فلجأ إلى مدينة الحسكة في شمال شرق سوريا، والتي تسيطر عليها القوات ذات الأغلبية الكردية، لينضم في أواخر عام 2016 إلى قوات سوريا الديمقراطية.

يروي عامر لـ«فرانس برس» ما حدث حينها وهو ينظر إلى سترته العسكرية التي كثرت فيها الثقوب: “لقد كان والدي ضد انضمامي إلى (قسد) لأنني كنت أصغر أبنائه الذكور. لكنني لم أصغِ إليه”. فعائلة عامر اليوم ليس لديها أيّة أخبار عن المفقودين من أبنائها. كما لم يتم العثور على جثثهم حتى في المقابر الجماعية التي حفرها تنظيم «داعش» ليخفي ضحاياه. ففي نهاية عام 2014، تم اكتشاف مقبرة جماعية لـ 230 شخص كان قد أعدمهم تنظيم «داعش» وأخفاهم في دير الزور. وكلّ الضحايا في تلك المقبرة كانوا من أبناء عشيرة الشعيطات.

من جهةٍ أخرى يشير التقرير إلى أن «قسد»، ومنذ تكوينها في شهر تشرين الأول من العام 2015، وهي تقود المعارك ضد تنظيم «داعش» بدعمٍ من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية. وأن هذا التحالف العربي-الكردي والذي تهيمن عليه وحدات حماية الشعب الكردية “YPG”، يضم حوالي ثلاثين ألف مقاتل من ضمنهم خمسة آلاف مقاتل عربي، إضافةً إلى عدد لا بأس به من المقاتلين من الطائفتين (السريانية، والتركمانية). وخلال ثلاث سنوات,،تمكنت «قسد» من طرد جهادييّ «داعش» من مناطق واسعة في شمال وشمال شرق سوريا، بما في ذلك استعادة «قسد» لمدينة الرقة العاصمة السابقة “لدولة الخلافة” التي كان قد أعلنها تنظيم «داعش». وفي محافظة دير الزور وريفها بالقرب من الحدود العراقية حيث تقلّصت معاقل تنظيم «داعش» بشكلٍ واضح، فإن «قسد» تضم في صفوفها عدداً كبيراً من المقاتلين العرب. ففي المعارك الأخيرة ضد التنظيم في قرية الباغوز، والتي تم انتزاعها من تنظيم الدولة الإسلامية، كان المقاتلون العرب من أبناء عشيرة الشعيطات حاضرون بقوة.

وبالرغم من عينه الزجاجية، فإن أبو زيد مشهورٌ لدى رفاقه بنظره الحاد والخارق الذي يسمح له برصد حركة الجهاديين عن بعد وهم يتحركون بالسيارات أو الدراجات النارية. فتراه ينادي على الصحفيين الذين استحضرتهم «قسد» إلى قرية الباغوز من حينٍ إلى آخر، ليقول لهم :” إنهم هناك على الطريق”، “انظروا هناك بين الشجرتين”، “إنهم هناك خلف تلك الأعمدة”. وعندما يتعلق الأمر بالحديث عن المعارك على الجبهة أو عن النصر الذي يقترب، فإن هذا المقاتل الثلاثيني لا يستطيع أن يخفي حماسه. لكن عند سؤاله عن عشيرته، الشعيطات، فإن أبو زيد ينغلق على نفسه في صمتٍ مطبق. فهو أيضاً قد فقد العديد من الأقارب على يد تنظيم «داعش». ليطلق بعدها هذا المقاتل بسترته العسكرية ووشاحٍ أخضر حول الرقبة زفرته قائلاً: “إنه أمر طبيعي، كل شيء بات طبيعياً. حتى حزننا بات طبيعياً!”.

وعندما تُسمع أصوات الانفجاريات الناجمة عن استهداف ما تبقى من مواقع الجهاديين في الباغوز، يتنقل المقاتلون بسرعة من شرفةٍ إلى أخرى لمراقبة ما يحدث. فالجهاديون محاصرون الآن في منطقة أربعة كيلومترات بالقرب من الحدود مع العراق. وفي انتظار نهاية المعركة ومعها نهاية تنظيم «داعش», يقاتل المقاتلون العرب ومعظمهم من عشيرة الشعيطات في أبنية عدّة في الباغوز. وفي إحدى المباني المهجورة، يتدفأ عامر مع رفاقٍ له من أبناء عمومته على النار التي يحضرون عليها الشاي, وكلهم لديهم الشعار ذاته والدافع عينه: «نريد الانتقام من داعش».

تحرير: رجا سليم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.