ترجمة خاصة- الحل العراق

نشر موقع (المونيتور) تقريراً، يتحدث فيه عن حالات الخطف مقابل فديةٍ مالية أو القتل الذي تعرض له مؤخراً صيادو الكمأة، فمن المرجّح أن تكون الخلايا النائمة لتنظيم (داعش) تقف خلف تلك العمليات، كما لم يستثني التقرير العصابات المجرمة من تلك الأفعال مستخدمةً غطاء تنظيم الدولة.

فمع حلول موسم الكمأة البيضاء في صحراء الأنبار الصخرية المرقطة, يمكن رؤية السكان المحليين يمسحون الأرض بحثاً عن الكمأة على طول الطريق الممتدة من مدينة الحديثة في محافظة الأنبار إلى القائم وصولاً إلى الحدود السورية، إلا أن سلسلةً من عمليات الخطف والقتل التي تعرّض لها صائدي الكمأة خلال الأسابيع الماضية، أدت إلى إفساد هذا التقليد الموسمي وأثارت المخاوف المتزايدة من الخلايا النائمة لداعش.

ففي الثامن عشر من شهر فبرايرشباط الجاري, تم اختطاف /12/ رجلاً من الأنبار وكربلاء والنجف خلال بحثهم عن الكمأة في منطقة (النخيب) في محافظة الأنبار الجنوبية. وبحسب تقارير, فقد تم العثور على ستة جثث في اليوم التالي في المنطقة ذاتها الواقعة بالقرب من الحدود العراقية مع المملكة العربية السعودية.

كما شهدت محافظة صلاح الدين عمليات خطفٍ أو قتل مماثلة لصيادي الكمأة، ففي بداية الشهر الحالي تم  اختطاف ثلاثة أخوة في جبل مخوّل, ليعثر عليهم في الثامن من ذات الشهر مكبلي الأيدي ومقتولين إثر إصابتهم بأعيرة نارية، وقد أعلن التنظيم مسؤوليته عن العديد من تلك الحوادث.

وكان جبل (مخول) المتاخم لجبل (حمرين), اللذان يفصلان محافظة صلاح الدين الشمالية عن جنوب كركوك, منذ فترة طويلة مخبأً للمتمردين حتى في الفترة التي سبقت ظهور تنظيم الدولة. وكذلك كان حال صحراء الأنبار الواسعة، وفي الوقت الذي تمثل فيه محافظة الأنبار الواقعة على الحدود مع محافظة صلاح الدين نحو ثلث مساحة العراق, فإنها تفتقر إلى الكثافة السكانية بعيداً عن وادي نهر الفرات.

وصرّح مصدرٌ أمني في الأنبار لـ المونيتور، «بالأمس اختطف عدّة أشخاص من صيادي الكمأة بالقرب من (راوى) بينما كانوا يبحثون عن الكمأة», مضيفاً أن من بينهم أصدقاء له. في حين تلقّت أسرة أحد المختطفين طلب دفع فدية بلغ قدرها ثلاثون ألف دولار, ليتم المساومة وتخفيضها فتصل إلى عشرين ألفاً, بحسب المصدر ذاته.

كما أوضح أن عمليات الخطف تلك يمكن أن تنظمها أي عصابةٍ إجرامية مستخدمة اسم تنظيم الدولة كغطاء لها، وقد تمكنت قوات الأمن من تحرير بعض المختطفين الذين قالوا بأن التنظيم هو من اختطفهم. إلا أن إشارات الاستفهام لا تزال تدور حول الهوية الحقيقية للخاطفين.

ويبين التقرير، أنه لطالما كانت عمليات الخطف مقابل الفدية المالية مشكلة تعاني منها العراق. ومن الشائع أيضاً تظاهر الأشخاص بأنهم أعضاء من قوات الأمن أو من الجماعات الإرهابية. الأمر الذي يقض مضجع السكان المحليين ويجعلهم يشعرون بعدم الأمان وبأن قوات الأمن لا تستطيع أن توفر لهم الحماية الكافية، كما أن جعل السكان يشعرون بعدم قدرتهم على الخروج من نطاق منطقةٍ محددة هو تكتيك إرهابي, وهو الأسلوب الذي يبدو أن تنظيم داعش يتّبعه بشكل كبير في عودته إلى حرب العصابات.

ففي مطلع شباط فبراير الجاري, تحدث فريق (المونيتور) إلى والدة محمد الجغايفة وإخوته, والذي كان قد قتل على يد تنظيم الدولة في أواخر شهر كانون الثاني الماضي بينما كان يبحث عن الكمأة بالقرب من الحديثة. وتُعرف عشيرة الجغايفة بمقاومتها الشديدة لتنظيم الدولة, حيث تمكنت الحديثة من الصمود في وجه حصار استمر لأكثر من سنة دون استسلام أو تمكن التنظيم من السيطرة عليها.

ويذكر التقرير أن محمد الجغايفة كان عضواً في قوات شرطة الطوارئ، وفي اليوم الذي قُتل فيه كان برفقة رجلين آخرين, أحدهما مدني والآخر مقاتل في وحدات الحشد الشعبي, وقد قُتل المقاتل أيضاً إلا أن المدني اختفى.

وقد أكد أحد المصادر الأمنية للمونيتور، أن المدني الذي اختفى ينتمي أيضاً إلى عشيرة الجغايفة, إلا أنه يُشك في كونه على علاقات مع الجماعات الإرهابية, وإنهم يبحثون في مدى صحة هذا الاحتمال.

وبحسب حسين زيبين الجغايفة, عضو في قوات شرطة الطوارئ, فقد توجّهت قوات الأمن برفقة مقاتلين من الحديثة ومن عشيرة الجغايفة إلى الصحراء بحثاً عن المُختَطِفين. وقد حدث اشتباكٌ بعد وصولهم إلى سيارة تابعة للتنظيم، قُتل على إثره خمسة من أعضاء التنظيم وأصيب اثنان من قوات الأمن.

وبحسب العقيد موسى حمد الكربولي, قائدٌ في قوات الحشد الشعبي, فإن تنظيم الدولة يستهدف المدنيين الذين يقاتلون ضده في هذه المحافظة ذات الغالبية السنية، قائلاً: «تنظيم الدولة لا يستهدف قوات الجيش, إنما يختار بدلاً من ذلك استهداف المدنيين وضباط الشرطة المحليين وقوات الحشد الشعبي» حيث تتمركز قوات الفرقة الثامنة التابعة للجيش العراقي على طول الحدود العراقية السورية, إلا أن أغلب مقاتليها هم من وسط وجنوب العراق, وبالتالي فهم ليسوا من السكان المحليين السنة الذين يمكن لتنظيم الدولة أن يجد وسيلة لترويعهم.

وأعرب الأهالي الذين عادوا إلى غرب محافظة الأنبار بعد تحريرها من تنظيم الدولة أواخر عام 2017 عن رضاهم عن الوضع الأمني الجيد, إلا أنهم اشتكوا من الخدمات حيث ما تزال الكهرباء تشكل مشكلةً كبيرة. في حين هرب بعض السكان من مدينة القائم إثر انفجار سيارة مفخخة في أكبر أسواقها في /11/ يناير كانون الثاني الماضي, بحسب مصادر أمنية محلية للمونيتور.

وفي حديثٍ لمسؤولٍ عسكري أمريكي لشبكة أخبار الـ CNN, أقّر هذا الأخير بفرار أكثر من ألف مقاتل من مقاتلي داعش من سوريا نحو غرب العراق خلال الأشهر الستة الماضية.

ويختم المونيتور تقريره بالإشارة إلى خطورة استمرار حوادث الاختطاف وحالات القتل تلك, حيث من الممكن أن تتسبب بفرار مزيدٍ من المدنيين من المنطقة. الأمر الذي يمهّد الطريق أمام الجماعات المتمردة للحصول على موطئ قدمٍ لها من جديد أو حتى ترويع من تبقى من المدنيين.


الصورة المُرفقة تعبيريّة من أرشيف غوغل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.