ريف حلب (الحل) – قتل قياديّان من تنظيم حرّاس الدين إضافة لعدد من من مقاتلي الجماعة الجهادية ليلة أمس الأحد، خلال غارات جويّة نفّذتها طائرات تابعة للولايات المتحدة.

وأفادت مصادر عسكريّة في ريف حلب بأن الطائرات الحربيّة قصفت مساء أمس مقرّات التنظيم في منطقة “ريف المهندسين” غربي حلب بصواريخ شديدة الانفجار، ما تسبب بمقتل القياديّين “أبو عمر التونسي” و”أبو دجانة الجزائري” إضافة لعدد من المقاتلين.

وقالت الولايات المتحدة إنها نفذت الضربات ضد الجماعة المقاتلة مستهدفة منشأة للتدريب فيها “عناصر مسؤولة عن التخطيط لشن هجمات في الخارج تهدد الأمريكيين وشركاءنا والمدنيين الأبرياء”، ووصفت المنطقة بأنها “ملاذ آمن” لتنظيم حراس الدين لشن هجمات بالخارج.

وبحسب مصادر في الدفاع المدني فقد أسفر القصف عن مقتل ثلاثة مدنيين وإصابة نحو سبعة آخرين بجروح.

وكان موقع (الحل) قد أورد في تقرير سابق أن “حراس الدين” أعلن عن نفسه وبدأ بدعوة المقاتلين الآخرين للانضمام إلى صفوفه مع زيادة الترهل في بعض المجموعات الإسلامية المفككة عن قياداتها، بفعل الحرب أو بفعل الخلافات العقائدية.

و”حراس الدين” الذي يقارن عادة بـ “جبهة النصرة”، لا ينقص خطراً عن الأخيرة بل ربما يزيدها، فهو قد انبثق عنها، ويُعدّ مرتبطاً بصورة مباشرة بتنظيم القاعدة، وهذا الارتباط كان السبب في انشقاق كوادره الذين كانوا سابقاً من كبار قادة “جبهة النصرة” التي أعلنت فك ارتباطها بالقاعدة وأطلقت على نفسها مسمى “هيئة تحرير الشام”.

ويكاد يكون “حراس الدين” من حيث التشدد أقرب إلى تنظيم “داعش”، فهو يدين بالتبعية المطلقة لتنظيم “القاعدة”، حتى أنه خاض حرباً شرسة ضد “هيئة تحرير الشام” في شباط فبراير الماضي، ورغم الإعلان عن اتفاق بين الطرفين يقضي بوقف القتال والبيانات الإعلامية، والتوافق على حل المشاكل الأمنية والقضائية والحقوقية العالقة بينهما، لكن ذلك كشف بالمقابل عن مدى حدة وتوتر علاقتهما وإمكانيّة تحولها في أي وقت إلى صدام عسكري طاحن.

وتشير المعلومات إلى أن الإعلان عن التنظيم يعود إلى الاجتماع الأول الذي جمع قادة التنظيم في  27 من شهر شباط/ فبراير 2018، وتم الاتفاق على الاندماج ضمن تشكيل “حراس الدين” لكنهم لم يطلقوا بياناً تأسيسياً لأسباب أمنية، ولمحاولة الاستفادة من صراع “تحرير الشام” وحركتي “أحرار وصقور الشام” في ذلك الوقت.  

وبالفعل كان حراس الدين من أكثر المستفيدين في ضم عناصر جدد وقفوا على الحياد في ذلك الصراع الدامي حتى قاربت أعداده 3000 عنصر يمتلكون العتاد الحربي اللازم لخوض أي معركة تفرض عليهم.

يترأس تنظيم “حراس الدين” المدعو “سمير حجازي” والمكنّى باسم “أبو همام الشامي”. بدأ “الشامي” مسيرته (الجهادية) بعد وصوله إلى أفغانستان عام 1999 قادما من ريف دمشق، ومثّلت اللحظة التي صافح فيها الشامي زعيم تنظيم القاعدة التاريخي وقتها “أسامة بن لادن” معلنا بيعته؛ نقطة تحوّل مفصلية، حيث عيّنه “ابن لادن” مسؤولاً على السوريين في أفغانستان، ليشارك في الكثير من عمليات القاعدة هناك، قبل إرساله إلى العراق عام 2003، حيث التقى بـ “أبي حمزة المهاجر” و”أبي مصعب الزرقاوي” المؤسس لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، والأب الروحي لـ “تنظيم الدولة” أيضاً.

ويُعتبر كل من الشرعي الشهير “سامي العريدي” وأبو القسام الأردني مساعدين أو نائبين له.

أما مجلس الشورى فيتكون من المدعوين “أبو جليبيب طوباس” وهو أردني الجنسية وتربطه بأبي “مصعب الزرقاوي” علاقة مصاهرة، و”بلال الخريسات” و”أبو خديجة” من الأردن بالإضافة إلى “أبو عبد الرحمن المكي” وهو سعودي الجنسية و”أبو حمزة اليمني”.

ويعتبر كل من أبو همام والعريدي وأبو القسام من مؤسسي جبهة النصرة، وخاضوا سابقاً حروب تنظيم القاعدة في أفغانستان والعراق وسوريا، حيث يُعدّون من قدماء عناصر تنظيم القاعدة، حتى إن الظواهري في أحد بياناته عاتب الجولاني على اعتقال “سامي العريدي” الذي يقال أنه من مبايعي “أسامة بن لادن” باليد.

وترجح العديد من المصادر الأهلية في محافظة درعا أن “العريدي” وعدد من قادة “النصرة” قد خرجوا أواخر صيف 2014 من درعا عبر صفقة سرية جرت مع النظام وتم تحميلهم بقافلة سرية انطلقت ليلاً من مدينة إزرع متوجهة إلى ريف حمص الشمالي قبل أن ينتهي المطاف بهم في إدلب.

بنى تنظيم حراس الدين نفسه على أنقاض العديد من القطاعات العسكرية التي انهارت كـ “جيش الساحل”، و”قاطع البادية” المعروف أنه كان من ضمن قطاعات جبهة النصرة الأكثر تشدداً، و”جند الملاحم”، و”سرية الساحل”، و”جند الشريعة”، و”أنصار الشريعة”، و”سرية كابول”.

أما عدد عناصره فكان يقدر في العام 2018  بـ 2500 إلى 3000 عنصر غالبيتهم مهاجرين خليجين وأفغان وشيشان ومن الأردن وشرق آسيا، انشق أكثرهم عن “تحرير الشام” عندما أعلنت الأخيرة انفصالها عن القاعدة، لكن التوقعات أن يكون عدد عناصر التنظيم قد زاد عن ذلك نتيجة استقطابه لعناصر سابقين من تنظيم داعش استطاعوا الوصول إلى إدلب بشكل سرّي.

بداية تشكيله، استغل التنظيم الجديد وجود مناطق خالية من سكانها ليستقر فيها جنوبي شرقي إدلب وفي جبال اللاذقية كمنطقة “الخوين” و”محمبل”.

وقف التنظيم الجديد على الحياد فيما يخص الحروب التي دارت خلال الأعوام السابقة في إدلب، وخاصة حرب الصراع بين تنظيم “تحرير الشام” وحركتي “أحرار الشام وصقور الشام”، ورغم ميلهم إلى الهيئة، إلا إنهم لم يساندوها نظراً للخلافات السابقة بين قادتهم والجولاني الذي هددهم سابقاً باعتقال قادة التنظيم الجديد والقضاء عليه وتراجع بعدها عن تهديداته بعد رسائل من الظواهري طلبت ذلك منه.

بالإضافة إلى كل هذا، يتخذ قادة “حراس الدين” موقفاً من “تحرير الشام” لثلاثة أسباب رئيسية: أولها فك الهيئة الارتباط بالقاعدة، وثانيها إدخال الأتراك إلى المنطقة عبر ما يعرف بنقاط المراقبة وهو ما جعل “حراس الدين” يتهم “تحرير الشام” بالتبعية لتركيا، أما السبب الثالث فكان منعهم من تشكيل فرع للقاعدة في البادية وأخذ سلاح جيش قطاع البادية.

إعداد: فتحي سليمان – تحرير: سامي صلاح

 

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.