حلب (الحل) – بدأت المشاريع الإيرانية في سوريا تنحدر نحو الفشل، لا سيما تلك المتعلقة بتوسع النفوذ والتمدد الجغرافي، ذلك مع تراجع نفوذ الميليشيات الإيرانية على الأرض في المدن الرئيسية التي كانت تعوّل طهران عليها كدمشق وحلب ومختلف المناطق السوريّة الأخرى.

 

روسيا تدرك خطر التمدد الإيراني

ولعلّ التشديد الأمريكي وضوء واشنطن الأخضر لإسرائيل باستهدافها المواقع العسكريّة التابعة لإيران في تلك المدن، هو أبرز الأسباب التي كبحت جماح المجموعات الإيرانيّة التي باتت تنتشر في مناطق سيطرة النظام السوريّة.

بيد أن المدن الرئيسية والمناطق السكنيّة بدأت تشهد صراعاً من نوع آخر على النفوذ، حيث شرعت روسيا إلى إدراك خطر التمدد الإيراني على حساب سلطتها العسكريّة التي تسعى هي أيضاً إلى توسيعها في سوريا.

في حلب صراع على المقرات ومناطق النفوذ وصل مؤخراً إلى الاشتباكات المباشرة بين الميليشيات الإيرانيّة والمجموعات التابعة لروسيا، والتي بدأت بتشكيلها موسكو قبل عامين لتوسيع وجودها العسكري في المنطقة.

وطوال الثلاثة أعوام الماضية حظيت إيران وميليشياتها بنفوذ كبير في أحياء مدينة حلب، لا سيما تلك التي كانت خاضعة لسيطرة المعارضة لمدة لا تقل عن أربع سنوات، حيث أنشأت المقرات العسكريّة والحواجز على طول المناطق الشرقية في المدينة.

ولم يقف التمدد الإيراني عند النفوذ العسكري، فحاولت تلك الميليشيات نشر أفكارها ونهجها على أهالي المدينة، كنشر وترويج فكرة “زواج المتعة” التي تعتبر فكرة دخيلة على مجتمع كالمجتمع الحلبي، إضافة إلى محاولاتها نشر “التشيّع” في صفوف أهالي المدينة، لأسباب لا علاقة لها بالدين، بل لكسب الولاء السياسي والتبعية لطهران.

 

الفيلق الخامس ذراع موسكو في سوريا

الجانب الروسي وعبر الشرطة العسكريّة الروسي والفيلق الخامس المدعوم مباشرة من موسكو، حاول مؤخراً انتزاع السيطرة العسكريّة من إيران، الأمر الذي دفع الأخيرة إلى التصدي عسكريّاً أيضاً لهذه المواجهات، ما تسبب باندلاع اشتباكات بين الجانبين.

وعبر البوابة الجنوبيّة لمدية حلب يحاول الفيلق الخامس طرد المجموعات الإيرانيّة، وفي نهاية الشهر الجاري شهدت مناطق في محيط مطار حلب الدولي اشتباكات بين المجموعات الإيرانيّة والفيلق الخامس تسببت بسقوط قتلى وجرحى في صفوف الجانبين.

 

توافق بين روسيا والعناصر السورية على طرد إيران

استغلت روسيا رغبة الميليشيات الموالية للنظام بطرد المجموعات الإيرانيّة من المحافظة، فعلى الجانب الآخر هناك صراع بين مجموعات الشبّيحة والمجموعات الإيرانيّة، فسيطرة الأخيرة، حرمت ميليشيات الشبّيحة من السلطة التي كانت تتمتع بها في جزء المدينة الشرقي، الأمر الذي دفعها إلى التحالف مع “الفيلق الخامس”، أو الانضمام له في سبيل تقويض مجموعات إيران في المدينة.

ومع اتساع دائرة المواجهات وإصرار روسيا على تقويض النفوذ الإيراني، تؤكد مصادر لموقع (الحل) تراجع الميليشيات الإيرانيّة من عدد من مناطق حلب، كمنطقة الشيخ سعيد وحي مساكن هنانو، ودخول الشرطة العسكريّة الروسيّة إلى تلك المناطق.

 

معسكرات إيران تنتشر في المناطق “الشيعية” بحلب

يقول الناشط الميداني “أحمد محسن” (مهجّر من مدينة حلب) إن إيران حققت اختراقاً جديداً في سوريا مع سقوط مدينة حلب بيد النظام، لا سيما وأن الميليشيات الإيرانيّة كانت مشرفة بشكل مباشر على معركة حلب ميدانيّاً، الأمر الذي سهّل انتشار مجموعاتها في الأحياء التي سقطت من يد المعارضة.

ويضيف محسن خلال حديثه للموقع أن إيران نجحت في التوسع داخل مدينة حلب من خلال ميليشياتها التي أقحمتها في المدينة، ويقول “حواجز الميليشيات الإيرانيّة باتت منتشرة في شوارع مدينة حلب لا سيما في القسم الشرقي، فضلاً عن المقرات العسكريّة المحصنة، ولا ننسى أن من بين أكبر معسكرات إيران موجود في ريف حلب الشمالي في منطقتي نبّل والزهراء، وذلك بسبب الصبغة الشيعية التي تتمتع بها تلك المناطق”.

 

تعزيزات روسية إلى تل رفعت للحد من نفوذ إيران

وكانت القوّات الروسيّة أرسلت تعزيزات عسكريّة إلى مدينة تل رفعت شمالي حلب، وأكدت مصادر عسكريّة أن الغاية من هذه التعزيزات، الحد من التمدد الإيراني في المنطقة، في ظل الحرب الباردة بين الطرفين، لا سيما مع تعزيز إيران لوجودها شمال حلب من خلال مدينتي نبّل والزهراء.

وذكرت مصادر معارضة في نهاية شهر أيار (مايو) أن روسيا استقدمت تعزيزات إلى تل رفعت تضمنت جنود وآليات ثقيلة ومعدات لوجستية وعسكرية، ترافقت مع إنشاء 3 نقاط عسكرية جديدة لها في البلدة، بالتزامن مع تعزيز نقاطها في قرية كشتعار بريف حلب الشمالي أيضاً.

 

إيران خارج سوريا بالحرب أو الصلح

روسيا وأمريكا ومن ورائمها إسرائيل، فضلاً عن الميليشيات المحليّة، الجميع متفق على تقويض النفوذ الإيراني في مدينة حلب، إلا أن الوضع على الأرض لا يزال تحت السيطرة الإيرانيّة في المدينة، فيما يرجح محللون أن الحرب الباردة مع إيران ستسخن قريباً لمحاولة إنهاء الوجود الإيرانيّ في حلب، الأمر الذي يمكن له أن يشعل مزيد من الخلافات في أرجاء البلاد.

البديل الذي تتوجه له حلب وفق متابعين للشأن السوري سيكون انسحاب إيراني دون الدخول في أي صراع عسكري غير متكافئ مع روسيا، صاحبة النفوذ الأكبر في سوريا. رغم تعدد الجهات التي تتدخل بالحرب الدائرة منذ أعوام، فالعقوبات الأخيرة على طهران، والضغوطات السياسية القادمة من واشنطن، تعني شيئاً واحداً، أن إيران المنهكة وغير القادرة على دفع رواتب مقاتليها، لن تفتح باب صراع مع دولة عظمى من أجل النفوذ في سوريا.

 

إعداد: فتحي سليمان – تحرير: سامي صلاح

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.