بعد ما تيقنت الأحزاب الكبيرة بأنها أمام مواجهة فعلية مع وعي شعبي، افتضح عمالتهم وانتمائهم لغير العراق، ورفض حكمهم الذي رفع يافطة الدين والإسلام غطاءً  له.

—————————————————

علي مراد

صفعة كبيرة وجّهها الشعب للساسة والأحزاب الكبيرة في مقاطعته للانتخابات النيابية العراقية 2018 والتي خرجت نسبة المشاركين فيها أقل من الثلث 32% وهي نسبة مخجلة بحسب ما أعلنه المراقبون على #الانتخابات، بعكس النسبة التي أوردتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات 44.5%، وهي أيضاً لو صحّت؛ فأنها نسبة غير جيدة مقارنة بنسب المشاركة التي سجلتها الانتخابات السابقة، وقد تكون هناك أسباب واضحة تبرر للشعب مقاطعته للعملية السياسية، وإلا ليس هناك شعب في العالم يقاطع طريقة انتخاب ديمقراطية بحسب ما يدعّون.

وبعد ما قرر #البرلمان_العراقي في إحدى جلساته أن يكون الاول من نيسان  2020 موعداً للانتخابات المحلية (مجالس المحافظات) حسب قانون سانت ليغو1,9، السؤال الأهم هنا ماهي الخفايا التي تنتظر انتخابات 2020؟ وما مدى استعداد الشعب لخوض هذه العملية خصوصاً وأنها أقل أهمية من الانتخابات النيابية، وكم ستصبح نسبة المشاركين في الانتخابات بعد انخفاضها التدريجي من 79% في عام 2005 و 62,5% في عام 2010 و 60% في عام 2014.

يبدو أن غالبية أطياف #الشعب_العراقي، أمست واعية بأنها ومن خلال الانتخابات وتحت هذا الغطاء الديمقراطي تُساق إلى التجويع والقتل، وتُزج في الحروب الداخلية، وهدم البنية المجتمعية والاقتصادية، وخلق أرضٍ خصبة وصالحة للتطرف والجريمة، وهذا ما تريده الأحزاب الحاكمة والقوية والمدعومة من #إيران، والتي تعلن انتمائها وخوفها على #النظام_الإيراني من الهدم أكثر من إيمانها ببناء نظام سيادي عراقي.

فبعد ما تيقنت الأحزاب الكبيرة بأنها أمام مواجهة فعلية مع وعي شعبي، افتضح عمالتهم وانتمائهم لغير العراق، ورفض حكمهم الذي رفع يافطة الدين والإسلام غطاءً  له، فكان رد الشعب مُختصراً وله دلالته الكبيرة في أدبيات الرفض، بجملة قصيرة أطلقها باللهجة العراقية رفعها في مظاهراته واستنكاراته (بسم الدين باكونه الحرامية) وهذي الجملة التي هزّت عرش كهنوت السياسة العراقية، والتي تعني بأن «الأحزاب الحاكمة سرقتنا تحت عنوان الدين».

أمام هذه الجملة وهذا الرفض العراقي الوطني الخالص لكل حزب تدعمه إيران، يبدو أن هناك من وسوس للأحزاب الدينية أن تتخذ غطاء الوطنية بديلاً عن غطاء الدين، فقد سارع إبراهيم الجعفري رئيس الوزراء السابق المنشق من #حزب_الدعوة_الإسلامية إلى تأسيس (تيار الإصلاح الوطني)، وسارع عمار الحكيم الرئيس المنشق عن المجلس الأعلى الإسلامي والذين كان يضم #فيلق_بدر كجناح عسكري له الى تأسيس “تيار الحكمة الوطني”، ولم يتمهل نوري المالكي رئيس الوزراء السابق بتوجيه أذرعه بأن يشكّلوا تشكيلات بعيدة عن الأسماء الإسلامية والدينية مثل “حركة البشائر” و “حركة إرادة” وغيرها من التسميات، واتجه التيار الصدري والذي كان يحمل صفة التشدد الديني إلى تبنّي مشاريع وشعارات وطنية.

ويعدّ هذا التغيير الاضطراري نوعاً من أنواع المكر السياسي لحصادات انتخابية، وأيضاً يعتبر تراجع أمام وعي الشعب الذي اكتشف بأن الطغمة السياسية لا تملك أية سيادة لنفسها لتمنحها للبلاد، بفعل رضوخها أمام سيدتها إيران و”فاقد الشيء لا يعطيه”، حتى باتت هذه الأحزاب والمرجعيات السياسية الدينية تسفك حياة الشعب بكل سهولة.

وما لاحظه المتابع بأن #الأحزاب_الدينية توجهت في الانتخابات النيابية السابقة إلى جذب شخصيات أكاديمية ومدنية ووجهاء قبائل وأصحاب المشاريع الإنسانية الكبيرة، ليمثلوهم امام الشعب لتبييض صورة الأحزاب التي باتت سوداء من شدّة ما فعلته من فساد وقتل ونهب لخيرات العراق، وبين هذه وتلك لا نجد أي استعداد للشعب للمشاركة في #الانتخابات_المحلية القادمة ونجد أيضاً إن اليأس مسيطر تماماً على الشعب من طريقة الانتخاب التي تعيد نفس الوجوه وبنفس طريقة تدوير النفايات، فأصلح القوم فاسد فما بالك بأطلحهم.

وما النار التي اشتعلت في مخازن  المفوضية في بغداد-الرصافة  في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، إلّا وصمة عار في جبين الساسة، سيتذكرها الواعي من الشعب ليحاجج بها الأحزاب الحاكمة في الانتخابات المحلية القادمة بأن نار انتخاباتكم كان وقودها الناس والوطن.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.