على بعد كيلومترات قليلة جنوبي دمشق، يُظهر الدمار الكبير الذي طال الأبنية، حجم المعركة التي دارت في منطقة مخيم اليرموك، والذي كان يقطنه مئات آلاف الفلسطينيين والسوريين.

ونزح جميع سكان المخيم بشكل تدريجي خلال سنوات الحرب، ولم يبقى سوى العشرات بينما خلت باقي المنازل والمحلات والمستودعات والأسواق الشهيرة في أكبر مخيمات الشتات الفلسطيني.

وأعلنت محافظة ريف دمشق مؤخراً قرارها بفتح أبواب العودة إلى المخيم في المناطق الصالحة للسكن، علماً أن الأضرار طالت أكثر من 50% من مباني المخيم بشكل كامل، وهناك أضرار جزئية في الأقسام الأخرى.

جالت مراسلة موقع (الحل) في منطقتي التضامن والزاهرة القريبتين من مخيم اليرموك، ولم تلحظ أي عودة جماعية أو مظاهر رجوع السكان، وبعد السؤال والاستفسار أكّد مراسلتنا أن العودة التي تنظمها محافظة ريف دمشق بالتنسيق مع فرع فلسطين ستكون على دفعات ومناطق معينة، ولن تكون عودة مفتوحة للجميع وإلى كل أرجاء المخيم.

وقال أحد أصحاب المنازل في المخيم وفضل عدم الكشف عن اسمه «لديّ منزل قرب البلدية، ولا زال وضعه على ما يُرام، لكن البنى التحتية مدمرة بالكامل، وليس بإمكان عائلتي العيش في ظل الوضع الراهن».

ويملك هذا الرجل منزلاً اضطرّ للنزوح منه في العام 2012، وعاد إليه في العام الماضي ليجده مسروقاً بالكامل وقد احترقت أجزاء منه، ويعاني حالياً من تكاليف الآجار الباهظة ويقول «أدفع مبلغ 100 ألف شهرياً مقابل استئجار منزل في جرمانا، وأتمنى أن أعود إلى المخيم لارتاح من أعباء الإيجار.. لكن ليس في اليد حيلة».

بالمقابل، لم تمانع أم أمينة العودة إلى منزلها قرب شارع لوبية في مخيم اليرموك، رغم الدمار الكبير الموجود في المنطقة، لكنها هي الأخرى كانت تقطن في الإيجار ثم اضطرت للعيش في منزل أخيها، وتقول «أفضل أن أعيش وسط هذا الدمار على أن أكون ضيفة ثقيلة عند أخي، وسأعمل على تجهيز غرفة واحدة مبدئياً للسكن فيها، ثم أنتقل إلى غرفة أخرى وهكذا».

نزحت أيضاً أم أمينة قبل أن تغلق كل الطرقات إلى مخيم اليرموك الذي عاش حصاراً خانقاً طيلة سنوات فرضه الجيش السوري بحجة وجود “الجماعات الإرهابية” داخله، مات خلاله مدنيون من الجوع أو المرض في ظل فقدان الحاجات الأساسية الغذائية والطبية.

وسمع سكان المخيم أن عشرات ملايين الدولارات قد ضُخت من أجل ترحيل أنقاض المخيم وإعادة تأهيله، بعد أن فتحت الشوارع الرئيسية وأزيلت بعض الأبنية اللآيلة للسقوط، لكن المكان لم يعد بعد مؤهلاً للعودة والحياة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.