تسعى إيران لتعزيز نفوذها السياسي، والعسكري في سوريا من خلال الحصول على حصة كبيرة من عملية “إعادة الإعمار” في كافة المجالات، وبخاصة الكهرباء والمياه، عبر اتفاقات مع الحكومة السورية.

وبينما تعتبر طهران أن الحصول على عقود استثمار في سوريا هو ثمن لتدخلها، الذي ساهم في عدم سقوط السلطات السورية، فإنها تنظر أيضاً إلى الصفقات الاستثمارية طويلة المدى مع دمشق، أي التي توفر سوقاً تجاريةً مستدامةً لها تساعدها في تخفيف حدة العقوبات الأمريكية الشديدة عليها.

مذكرات التفاهم السورية – الإيرانية في مجالي الكهرباء والمياه

وقعت سوريا وإيران في أيلول عام 2017 مذكرة تفاهم، سمحت للجانب الإيراني ببناء 5 مجموعات لتوليد #الكهرباء تعمل بالغاز في مدينة بانياس بقدرة 125 ميغاواط، وتأسيس محطة توليد في اللاذقية (الدعتور) بقدرة 540 ميغاواط.

وأتاحت المذكرة، تقييم الأضرار التي لحقت بالمحطة الحرارية في حلب، أكبر محطة توليد في البلاد، وتأهيل وتفعيل مركز التحكم الرئيسي للمنظومة الكهربائية السورية، ومركز التنظيم الرئيسي بنظام “اسكادا” بدمشق.

فضلاً عن إعادة تأهيل محطة توليد “التيم” في دير الزور باستطاعة 90 ميغاواط، إضافة إلى إعادة تأهيل وتحسين أداء محطة توليد “جندر” في حمص.

وفي أوائل تشرين الثاني الماضي وقعت الحكومة السورية وإيران مذكرة تفاهم، نصت على إعادة بناء منظومة الكهرباء في سوريا، وتوطين صناعة التجهيزات الكهربائية فيها، كما تشمل إنشاء محطات توليد الكهرباء، وشبكات النقل والتوزيع، والعمل على إعادة بناء وتقليص التلف في شبكة توزيع الكهرباء في مجالات الهندسة، والتشغيل، وخدمات الزبائن.

كما تضمنت المذكرة العمل على إيجاد الربط الكهربائي الثلاثي بين سوريا، وإيران، والعراق وذلك من خلال شراكة مشتركة تقوم بالدراسات والإعدادات الفنية اللازمة.

وتعتبر شركات “بارسيان” و”مبنى” و”نوفن” من أهم الشركات الإيرانية المستثمرة في مجال الطاقة الكهربائية في سوريا.

وفي مجال المياه، وقعت كل من الحكومة السورية وإيران أوائل الشهر الجاري، مذكرة تفاهم في مجال الطاقة المائية، تضمنت تنفيذ مشروعات مشتركة في مجال إنشاء السدود، الآبار السطحية، العدادات، المضخات المائية، إنشاء محطات معالجة المياه والصرف الصحي، شبكات نقل وتوزيع المياه، ومحطات تحلية المياه في سوريا.

العقود مع إيران تتم ضمن الخط الائتماني الإيراني

قال مصدر مطلع لموقع (الحل نت)، فضل عدم الكشف عن اسمه إن “العقود في مجال الكهرباء في #سوريا تتم وفق الخط الائتماني الإيراني”.

وأضاف المصدر أن “المديريات المركزية في وزارة الكهرباء تعد دفاتر شروط كل بحسب اختصاصها، وتتقدم الشركات الإيرانية فقط بحسب الخط الائتماني لاستدراج العروض وفقاً لقانون العقود رقم 51 لعام 2004”.

ولفت إلى أن “الدراسات الفنية والاستلام يتم من خلال لجان مختصة في الوزارة، وفي حال مخالفة أي شركة للمواصفات في دفتر الشروط يتم رفض عرضها”.

وتابع المصدر أن “المُورَّد ضمن الخط الائتماني الإيراني لا يعني أنه صناعة إيرانية فقط”، موضحاً أن “دفاتر الشروط قد تتضمن بعض المواد ذات المنشأ الأوروبي”.

وفيما إذا كانت #إيران هي المحتكر لإعادة إعمار قطاع الطاقة الكهربائية، نفى المصدر هذا الأمر، مشيراً إلى “وجود عقود مع الصين على سبيل المثال لتنفيذ عدد من المشاريع في هذا المجال في سوريا”.

وعما إذا كان التعاقد مع الشركات الأوروبية أفضل، قال المصدر إن “إيران دولة متقدمة في هذا المجال وحصلت على عقود قبل الأزمة”.

وأشار إلى أن “الشركات الأوروبية خرجت من إطار المنافسة تقريباً منذ عام 2006، وذلك بعد صدور تعميم يقضي بعدم احتساب علامة فنية لبلد المنشأ أكثر من 10 %، وهذا الشيء أثر على منافسة الشركات الأوروبية لصالح الشركات الصينية والإيرانية والهندية والكورية وغيرها لارتفاع سعر المنتج الأوروبي”.

وأشار المصدر إلى أن “الكثير من الشركات يحجم عن الاستثمار في هذا القطاع بسبب العقوبات الأوروبية والأمريكية المفروضة على سوريا”.

وعن تأثير العقوبات الأمريكية على إيران وتنفيذ عقودها، قال المصدر إن “هذا الأمر ليس مؤثراً حيث أن تنفيذ الأعمال تجري دون تأخير”.

هدف الاستثمارات الإيرانية… تعزيزٌ نفوذ طهران والحد من تأثير العقوبات

قال الباحث (ز. ح) لموقع (الحل نت) إن “الاستثمارات الإيرانية في سوريا تهدف إلى الحصول على ثمن تدخلها العسكري والسياسي إلى جانب النظام والذي كان مهما في منع سقوطه”.

واضاف الباحث “كما تهدف الاستثمارات والمشاريع الإيرانية الى تعزيز نفوذها في سوريا لتحقيق طموحاتها حيث تسعى إلى تعزيز قدراتها الاستراتيجية عبر العراق وسوريا وصولاً إلى لبنان، لمواجهة الولايات المتحدة ودول المنطقة”.

وأردف الباحث الاقتصادي أن “إيران تَعتبر السوق السورية أحد أفضل الخيارات المتاحة لها للتخفيف من حدة العقوبات الامريكية الشديدة المفروضة عليها”، لافتاً إلى أن “رئيس منظمة التنمية التجارية الإيرانية محمد رضا مودودي قال أوائل آب الماضي إن الصفقات الاستثمارية طويلة المدى مع دمشق توفر لإيران سوقاً تجارية مستدامةً”.

ولم يستبعد (ز.ح) أن تكون الشركات الايرانية التي تستثمر في قطاع الكهرباء والمياه هي واجهة اقتصادية للحرس الثوري، قائلاً إن “تلك القوات هي المتواجدة في سوريا ولها قواعد منتشرة في العديد من المناطق”.

وأوضح في الوقت نفسه أن “هناك الكثير من التقارير الإعلامية التي تشير إلى أن شركات إيرانية تزود العراق بالطاقة الكهربائية تتبع للحرس الثوري”.

وختم الباحث الاقتصادي بالقول إن “هناك تنافساً وتقاسماً للنفوذ، والمصالح الاقتصادية في سوريا، وخاصة روسيا والولايات المتحدة وإيران، حيث تتركز مصالح الأخيرة في قطاعات الكهرباء والمياه والإسكان، فيما تسيطر روسيا والولايات المتحدة على مشاريع النفط والفوسفات وغيرها”.

ووصلت خسائر قطاع الكهرباء في سوريا إلى 4 مليارات دولار أمريكي، جراء تعرض 15 محطة توليد كهربائية للتدمير الكلي، و10 محطات للتدمير الجزئي، من أصل 39 محطة توليد كانت موجودة قبل 2011، بالإضافة إلى تخريب محطات تحويل وشبكات النقل والتوزيع وسرقة وتخريب الكثير من التجهيزات.

يذكر أن إنتاج سوريا من الطاقة الكهربائيّة في أوائل 2011، بلغ حوالي 9530 ميغاواط، وتراجع إلى حوالي ألفي ميغاواط في عام 2016، ثم ارتفع الإنتاج ليصل الى 4 آلاف ميغاواط بدءاً من آذار 2018.

إعداد: نوار محمود – تحرير: مهدي الناصر

الصورة من الأرشيف

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.