وقّع الرئيس الأمريكي (دونالد ترمب) قبل يومين على قانون “قيصر” لحماية المدنيين في سوريا، والذي يفرض بموجبه عقوبات على كل من يقدم الدعم لأفراد السلطات السورية، إضافة إلى الأطراف السورية والدولية (روسيا وإيران) التي ارتكبت جرائم حرب في سوريا.

ووصفت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان لها أن الولايات المتحدة “ستواصل جهودها لتعزيز جهود المساءلة”، وقالت إن “غاية عملنا هي الاستجابة لنداءات الشعب السوري الذي يطالب بالتوصل إلى حل سياسي دائم للنزاع السوري، تماشياً مع قرار مجلس الأمن رقم 2254”.

ووصل قانون “#قيصر” إلى مجلس الشيوخ عن طريق إدراجه مع قانون “تصريح الدفاع الوطني”، المتعلق بإقرار ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، بعد أن مرّ من مجلس النواب الأمريكي أربع مرات خلال الأعوام السابقة، دون أن يحظى بفرصة التصويت في مجلس الشيوخ، ليتحول إلى قانون فعلي في زحمة القوانين ذات الأولوية الأمريكية.

ماذا يتضمن القانون؟

أكدت لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الأميركي، أن “قانون قيصر سيطبق العقوبات على أولئك الذين يقدمون الدعم للجهود العسكرية لنظام #الأسد في الحرب الأهلية السورية، ويمنح السلطات لوزير الخارجية لدعم الكيانات التي تجمع الأدلة وتتابع الملاحقات القضائية ضد من ارتكبوا جرائم حرب في سوريا”.

في حين، ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” مؤخراً، أن تمرير قانون “قيصر” يعطي للولايات المتحدة نفوذاً في مسألة الحل السياسي في سوريا، على اعتبار أنها ستستخدم تلك العقوبات للضغط على الأسد وداعميه، وستفرض نفسها على الحل السوري.

وسيتيح القانون المذكور، وفقاً للصحيفة الأمريكية، “إمكانية تحميل النظام السوري مسؤولية جرائم الحرب التي ارتكبها خلال 8 أعوام، كما يجيز فرض عقوبات إضافية وقيود مالية خلال 6 أشهر، على المؤسسات والأفراد الذين يتعاملون تجارياً مع النظام، لاسيما البنك المركزي السوري، والشركات النفطية، وشركات التشييد والبناء، والمليشيات المسلحة على اختلاف تسمياتها”.

بدوره، أكد (معاذ مصطفى) وهو مترجم مرافق لـ “قيصر”، ومدير فريق عمل الطوارئ السورية، أن “قانون قيصر يتضمن بنوداً تغلق على النظام الكثير من الثغرات التي كان يستغلها سابقاً في التهرب من العقوبات الدولية، والهدف من هذا القانون هو إجبار النظام الجلوس على طاولة المفاوضات، ومن ثم إيجاد حل سياسي”.

وأضاف مصطفى في مقابلة إذاعية مع راديو (سوا) أن “العقوبات تشمل كل المليشيات المسلحة الأفغانية والعراقية واللبنانية، وصولاً إلى المليشيات الروسية ومنهم مرتزقة فاغنر التي تنتشر على الأراضي السورية”.

وأشار المدير التنفيذي لفريق عمل الطوارئ السورية إلى أن “القسم الأهم من العقوبات هو فيما يخص ملف إعادة الأعمار والاستثمار، أو العمل مع الحكومة السورية ومناطق سيطرة النظام، فرسالة الولايات المتحدة واضحة بهذا الخصوص، وهي بأن لا إعادة إعمار بدون حل سياسي في سوريا”.

من يتأثر أكثر… السلطات السورية أم المواطن؟

وعن الآثار الاقتصادية لقانون “قصير” بعد دخوله حيز التنفيذ، تواصل موقع (الحل نت) مع الباحث الاقتصادي (فراس شعبو)، الذي رأى أن القانون هو لضمان المصالح الأمريكية، وليس لحماية الشعب السوري، كما يدّعي التشريع أو القانون، وقال “ليس من المعقول أن دولة عظمى تريد أن تحمي شعب من الجرائم والانتهاكات وتتأخر في سن التشريع لسنوات”.

ولم ينكر الباحث الاقتصادي أثر القانون السلبي على السلطات السورية، وأوضح أنه “في المجمل القانون سيشكل نوع من التضييق على النظام محلياً وعالمياً، ولن يعد بمقدور الدول والشركات الأجنبية الضخمة المساعدة والاستثمار في ملف إعادة إعمار سوريا، سواء كانت هذه الدول عربية أو أجنبية”.

وأضاف شعبو أنه “خلال الفترة المقبلة، سنشهد تضييق على عدد من رجال الأعمال السوريين المقربين من النظام، إضافة إلى #البنك_المركزي السوري بشكل أساسي ومنع استيراد التكنولوجيا والمشتقات النفطية، كما سنشهد تدهور #الليرة أكثر، والتضييق على الصادرات السورية”.

واعتبر الباحث الاقتصادي أن “هذا القانون هو أول تشريع ضد النظام وحلفائه سواء كانت #إيران أو #روسيا وحتى #الصين أيضاً”، موضحاً أن “العقوبات السابقة كانت تفرض على رجال أعمال محددين وعلى إيران، لكن هذا التشريع يفرض على جميع الدول ويجعلها بمواجهة مباشرة مع تلك الدول”.

ولدى سؤالنا عن المتأثر الأكبر من إقرار قانون “قيصر”، أجاب شعبو أن “الأثر الأكبر على الاقتصاد السوري والشعب وليس النظام بشكل أساسي، لأن النظام بدوره سينغلق على نفسه وينطوي ويكمل مسيرته، ويحاول الالتفاف قدر الإمكان على العقوبات كما فعلت كوريا الشمالية سابقاً، وفنزويلاً حالياً”.

ولفت إلى أن “الموضوع سياسي بامتياز وليس اقتصادي، وجميع المحللين والخبراء الاقتصاديين يتفقون بأن العقوبات لن تسقط النظام، وإنما التضييق عليه الذي بدوره سيضيق على المواطنين، فمهما حاولت الولايات المتحدة في عزل النظام وشل حركته الاقتصادية سواء مع حلفائه وإيران التي تتعرض بدورها لعقوبات، وبالتالي بعد إقرار القانون لن يحدث أي شيء كبير يغير من قواعد اللعبة”.

وختم الباحث الاقتصادي حديثه بأن “الولايات المتحدة لا تريد أن يبدأ ملف إعادة الإعمار في سوريا دون تدخلها أو تكون فاعلة في هذا الملف، فقد شاهدنا منذ فترة ضعف في القرار الأمريكي من خلال قرار سحب القوات الأمريكية من شرق سوريا، ومن ثم تم التراجع عنه، وأراد الرئيس الأمريكي أن يوجد لنفسه موطأ قدم دائم، فوجد في هذا القانون ورقة ضغط لإثبات وجوده في المنطقة، خصوصاً مع التدخل التركي في الشمال السوري، دون أن يكون لديها عائق قانوني”.

إعداد: أسامة مكية – تحرير: مهدي الناصر

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.