تشتهر المناطق الشمالية في سوريا، بتربية أنواع مختلفة من النحل، نظراً لطبيعتها الجغرافية، وتوفر مساحات واسعة من حقول النباتات الزهرية الموسمية، التي يتغذى عليها النحل بشكل أساسي.

وتوارث عدد كبير من أهالي محافظة #الرقة، تلك المهنة من آبائهم وأجدادهم، إذ توفر دخلاً جيداً للمربيين، ما جعلها مهنة أساسية للبعض في المدينة.

وكغيرها من المهن، واجهت خلال سنوات الحرب، عقبات أبرزها هجرة أغلبية النحالين من ذوي الخبرة لخارج المنطقة. ونقل الخلايا بشكل متكرر في ظروف صعبة بدون اتخاذ تدابير وقائية، إضافة للأمراض الموسمية، التي قد تصيب الخلية.

هذه مقومات تربية النحل

“وسام عبد الخالق”، مربي نحل من مدينة #الطبقة بريف الرقة، قال لموقع (الحل نت) إن «النحل يحتاج إلى بيئة نظيفة ومراعٍ تحتوي على الرحيق، إذ تنتشر في ريف الرقة حقول واسعة من الكمون واليانسون، وأشجار زهرية تعتبر غذاءً للنحل».

وتبدأ التربية بتجهيز الخلية، وتنظيفها، وتعقيمها لتجنب الأمراض، والفيروسات، التي قد تؤدي لهلاك النحل، كما يحتاج النحل لدرجات حرارة معتدلة تساعد على نشاطه واستمرار عمله، بحسب عبد الخالق.

المهنة باتت خاسرة وتقلص عدد خلايا النحل

تعرّض مربّو النحل لمشاكل عدة كانت كفيلة بتقليص عدد خلاياهم إلى النصف تقريباً، أو اختفائها بشكل كامل.

“الحاج أبو أحمد”، وهو صاحب منحلة في بلدة المنصورة، تحدث لموقع «الحل نت» قائلاً: إن «تربية النحل هذا العام لم تكن أفضل من العام السابق نظراً لشح مادة الشمع والأدوية اللازمة».

ودفعت ظروف الحرب عدداً كبيراً من المربين للهجرة أو ترك المهنة ما تسبب بانخفاض عدد الخلايا لانعدام مقومات التربية، وضعف المردود المادي، ما أدى لتراجع المهنة، وانخفاض إنتاج العسل في المنطقة، بحسب أبو أحمد.

المبيدات الحشرية تصيب النحل والعسل

لم تقتصر التحديات، والصعوبات، التي تواجه مربي النحل على شح الشمع، والأدوية وهجرة المربيين، بل تعدى ذلك إلى صعوبة نقل الخلايا، وترحيل النحل إلى جانب خطر رش المبيدات العشوائي.

قال “إياد محمود هنداوي”، نحال من مدينة الرقة، لموقع (الحل نت) إن «رش المبيدات العشوائية من أبرز المشاكل التي تواجهنا، حيث يُقتل النحل عندما يقترب من سطح النباتات التي رُشت بالمبيدات بشكل مباشر وأحياناً بشكل غير مباشر، إذ يقوم النحل بنقل الرحيق المعرض للمبيد إلى الخلية، ما يؤدي لموت الحاضنة أو الملكة بتأثير المبيد وتلوث العسل به أيضاً».

ويضيف هنداوي إننا «نواجه مشكلة أيضاً في صعوبة نقل الخلايا والنحل فلا يمكن نقلهما إلا ليلاً ونظراً للوضع غير المستقر لا نتجرأ على نقلهم، إضافة لتحكم أصحاب سيارات النقل بالأجور وطلب أسعار خيالية بحجة ارتفاع المحروقات وبالتالي ارتفاع تكلفة الإنتاج» على حد قوله.

انتشار الأمراض يهدد إنتاج العسل

أمراض عدة، تهدد عملية الإنتاج منها فيروسات قد تصيب النحل، وأخرى قد تصيب الخلية بشكل كامل.

وعن تلك الأمراض وطرق الوقاية تحدث الطبيب البيطري “فوزي الإبراهيم”، لموقع (الحل نت) قائلاً إن «النحل معرض للإصابة بأمراض عدة منها فيروسية وطفيلية وبكتيرية، أو بسبب البرد».

كما يوجد مرض فيروسي يؤدي لموت وجفاف بيضة النحل الملقحة (الشرنقة)، ومرض فيروسي آخر (التكيس الأولمبي)، إذ يعد من أخطر الأمراض كونه معدي داخل الخلية ويهدد الخلايا الأخرى، وتعالج كل الأمراض المذكورة عن طريق أدوية كيمائية يتم دمجها بمحلول السكر، بحسب الإبراهيم.

وأكد أن «من أهم مسببات أمراض النحل هو ضعف الخلية، فإن لم تبنى بشكل جيد وفي حال لم تكن البيئة المحيطة مناسبة».

دعم مربي النحل في الرقة

عملت لجنة الثروة الحيوانية في “مجلس الرقة المدني” على دعم النحالين من خلال تأهيل كادر مختص يتألف من مهندسين زراعيين بهدف النهوض بتربية النحل، بحسب تصريح سابق لرئيس اللجنة، الدكتور البيطري “فاضل خلف الشحادة”.

وأشار في حديث لموقع (الحل نت) إلى أن «اللجنة أطلقت عدة تنبهات لأصحاب الحقول بعدم رش المبيدات الحشرية بشكل عشوائي، وقدمت لهم إرشادات كافية للحفاظ على حياة النحل، كما عملت على تأمين الأدوية الكيماوية للنحل وبأسعار مناسبة».

ولفت إلى أن «اللجنة بصدد استيراد ملكات من أفضل السلالات وأجودها إنتاجاً بما يتلاءم مع مناخ الرقة».

يذكر أن إنتاج العسل في سوريا انخفض أكثر من ٦٠٪ مقارنة بما كان عليه في ٢٠١١، وبلغت نسبة مربي النحل المتضررين، أكثر من ٥٠٪ من ٌجمالي أعدادهم، كما ارتفعت تكلفة إنتاج العسل ٣٠٠٪ عما كان عليه في ٢٠١١، بحسب وزارة الزراعة في الحكومة السورية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.