اغتيالات البصرة: ما دور المُحافظ والميليشيات الموالية لإيران، ولماذا تُستهدَف النساء؟

اغتيالات البصرة: ما دور المُحافظ والميليشيات الموالية لإيران، ولماذا تُستهدَف النساء؟

في أواخر أغسطس/ آب المنصرم، بدأت حملة لاستهداف الناشطين في #البصرة، أقصى الجنوب العراقي، أدّت لمقتل ناشطٍ وناشطة، ونجاة أربعة ناشطين. الاستهدافات والاغتيالات كانت وسط شوارع المدينة، في وضح النهار أحياناً، وعلى مقربة من أماكن انتشار القوات الأمنية العراقية، كما حصل في حالة اغتيال الناشطة “رهام يعقوب”.

الناشطة “يعقوب” قُتلَت على يد جهة مُسلّحَة، على بعد خمسين متراً لا أكثر من إحدى مفارز شرطة البصرة، ولم تتحرّك الأجهزة الأمنية لمنع الجريمة، كما يؤكد كثير من الناشطين.

فيما تم الاستهداف، الذي طال الناشطة “لوديا ريمون” مع الناشطين “عباس صبحي” و”فهد الزيدي”، أثناء وجودهم سوية في السيارة التي يقودها “الزيدي”. وقد أظهرت كاميرات المراقبة بوضوح السيارة التي استهدفتهم، وكانت لا تحمل أرقاماً، وظلت تجول بحرية في شوارع المحافظة، واستهدفت بعد أيام الناشطة “رقية الدوسري”، ولم يتم اتخاذ أي إجراء لإيقافها.

 المُحافظ وَالميليشيات

تقاعس الأجهزة الأمنية عن تطبيق القانون، وملاحقة الجهات التي استهدفت الناشطين، أثار تساولات كثيرة وسط الشارع العراقي، عن سبب امتناعها عن تأدية واجباتها، تقول إحدى ناشطات البصرة، إن «السبب، هو ارتباط عديد من قيادات الأجهزة الأمنية بالميليشيات المسلّحة الموالية لإيران، لذلك هي متواطئة معها، وتسمح لها بفعل ما تريد».

وتُضيف، في حديثها لموقع «الحل نت»، أن «المحافظ “أسعد العيداني” هو رئيس اللجنة الأمنية في البصرة، وبه ترتبط كل قوات الأمن، وهو دائماً ما يقمع الاحتجاجات، لأنه ينتمي لحزب ولائي لإيران، لذلك فهو يُتيح للميليشيات القيام بكل ما يحلو لها»، حسب تعبيرها.

وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى #الكاظمي تحدّث أكثر من مرّة أن «العديد من الأجهزة الأمنية مخترقة» من جهات لَم يُسمّها، وعند زيارته البصرة، بعد الاغتيالات، طلب من المواطنين «الاتصال بمكتبه لا بأمن البصرة، إن أرادوا التبليغ عن معلومات أمنية».

 من سجين إلى سياسي

كلام الناشطة، الذي يستهدف محافظ البصرة والميليشيات المسلّحة، هو اتهام واضح، فما علاقة “العيداني” والميليشيات بهذه الجرائم حقاْ؟

يقول الخبير الأمني “مؤيد الجحيشي” إن «المحافظ “العيداني” معروفٌ بانتمائه لـ”تحالف الفتح”، الجناح السياسي لميليشيات #إيران المسلّحَة، وقبل ذلك كان مسجوناً لأسباب جنائية».

ويكشف “الجحيشي” لـ «الحل نت» أن «محافظ البصرة كان مسجوناً، لقيامه بعدة سرقات أواخر التسعينيات، في سجن “أبوغريب”، وأُفرج عنه في 2002، وبعد سقوط نظام صدام عام 2003 انتمى لـ”حزب الدعوة”».

مع ذلك، لا يمكن لهذه المعلومات أن تثبت تورطه بالاغتيالات، لكن السؤال لماذا لم يتحرَّك من الأصل، ويوجّه القيادات الأمنية في المحافظة لمتابعة قتلة الناشطين، ولماذا كان صامتاً أمام ما يحدث؟

 خشيَةً من الناشطين

«لأنه رجل إيران في البصرة، والبصرة هي الرئة الاقتصادية للعراق، ففيها منافذ بريّة، وموانئ بحرية، ومطار جوّي، وهذه كلها تستحوذ عليها الميليشيات المقرّبة من إيران»، حسبما يقول الباحث السياسي “غيث التميمي”، الذي يُضيف، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «”العيداني” دائماً ما يمنح عقود الاستثمارات في البصرة للشركات الإيرانية واللبنانية التابعة لميليشيا #حزب_الله اللبناني».

«بالتالي، فإنه والميليشيات يرون أن الناشطين يُهدّدون مصالحهم وامتيازاتهم المالية، بخاصة أنهم خطَّطوا لتنظيم حزب سياسي شبابي تمهيداً للمشاركة بالانتخابات العراقية المبكرة، وهذا قد يعني أن فساد المسيطرين على السلطة سينتهي، لذلك وُضع هذا المخطٍط من قبل الميليشيات، بقتل بعض الناشطين لتخويف البقية وإسكاتهم، بالتنسيق مع “العيداني”»، حسب حديث “التميمي”.

وقد أشارت بعثة #الأمم_المتحدة،  بتقرير لها الإسبوع الماضي، إلى أن «الاغتيالات التي طالت الناشطين في البصرة جاءت بعد تشكيلهم لتكتّل سياسي».

مُسلسل الاغتيالات، كان قد توقَّف لبرهة، لكنه عاد مؤخراً في البصرة، فلماذا في هذا الوقت بالذات؟

«إنها رسائل من الميليشيات لرئيس الوزراء “مصطفى الكاظمي”، ولواشنطن والمجتمع الدولي، مفادها أن أي سعي لإنهاء سطوة المليشيات في العراق، من قبل “الكاظمي” وأميركا، سيكون مكلفاً للغاية، لأن ضحاياه سيكونون عديداً من الأبرياء»، يوضّح “التميمي” لـ«الحل نت».

 أبعاد استراتيجية وأيديولوجية

ما يلفت الانتباه أن الحملة اتجهت هذه المرة بقوة نحو الناشطات النسويات في البصرة، إذ اغتيلَت ناشطة، ونجَت اثنتان أخريان، وأصيبت احدة، والأخرى واجهت مُستهدفيها بسلاحها.

السؤال: لماذا استهداف النسوة وقتلهن، وما الفائدة من هذا؟

«لأن مشاركتنا كانت قوية في احتجاجات تشرين الأول/أكتوبر المنصرم»، بحسب الناشطة البصرية، التي تضيف أن «مُشاركة النساء في أي انتفاضة يعطيها القوة، ويُسلّط أنظار الرأي العام نحوها، لذلك هُم يحاولون إسكات التأثير الذي أحدثناه في “انتفاضة تشرين”، عبر ترهيبنا وقتلنا».

مُختَتِمَةً حديثها بالقول: «ناهيك عن أن هذا له أبعاده الاستراتيجية، لأن الميليشيات لا تؤمن أيديولوجياً بمُشاركة المرأة في صناعة القرارات السياسية».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة