تحولت عمالة #الأطفال في سوريا إلى ظاهرة بحسب وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل، التي أكدت مؤخراً بأنه لا توجد إحصائيات رسمية لعمالة #الأطفال، ولا توجد حتى آلية للقضاء على هذه الظاهرة.

اضطرت أغلب الأسر السورية إلى دفع أطفالها للعمل في ميادين مختلفة نتيجة الكثير من الظروف الصعبة.

ويؤكد مصدر في وزارة الشؤون #الاجتماعية والعمل لموقع (الحل نت)، أن الأسباب معترف بها رسمياً وليست خفية على أحد، وهي «عدم كفاية مدخول الأسرة في تغطية تكاليف المعيشة المتضخمة وانتشار الفقر، وغياب معيلي الأسر البالغين بسبب ظروف #الحرب إما اعتقال أو هجرة أو وفاة أو خدمة في الجيش في أماكن بعيدة عن الأسرة ولسنوات طويلة».

ظاهرة متفاقمة.. والأطفال استثمار رابح!

وتابع المصدر أن «من الأسباب التي أجبرت الأسر على تشغيل أطفالها، التفكك الأسري الذي رافق الوضع الاقتصادي الصعب من انفصال الأهل، إضافة إلى التهجير والحالة الاقتصادية الصعبة التي رافقت ذلك، وعدم توفر بيئة تعليمية مناسبة في الكثير من المناطق التي تعرضت للتخريب وزيادة مستوى التسرب المدرسي، إضافة إلى أن أصحاب العمل افتقدوا للأيدي العاملة ويجدون بالأطفال استثماراً رابحاً مقابل أجرة زهيدة قد لا تتعدى الـ1000 ليرة يومياً أو حتى أقل».

وأضاف «بات من الضروري استخدام قدرة أي فرد من العائلة في العمل لتحقيق عائد مادي، وهذا أدى لزيادة نسبة اشتغال المرأة والأطفال، سواء في أعمال مناسبة لهم أو غير مناسبة، كون الركود الاقتصادي ساهم أيضاً بجعل فرص العمل شبه نادرة بمردود غير مناسب للجهد المبذول، لذلك قد يتجه الأطفال للعمل في التسول أو بقطاعات تحتاج لقوة بدنية وتحوي نسبة عالية من المخاطرة».

وأبرز القطاعات التي يعمل بها الأطفال في #سوريا هي بيع #الخبز، وتوصيل الطلبات، والميكانيك والحدادة والنجارة والدهان ومغاسل السيارات وغيرها من الأعمال الحرة، إضافة إلى الخدمات مثل التنظيف، ويشاهد الأطفال بكثرة في مهن مثل التسول، ونبش #القمامة، والبيع على إشارات المرور.

وبحسب ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا “أكجمال ماجتيموفا” إنه «بعد سنوات الصراع المسلح، يعيش أكثر من 90% من سكان #سوريا تحت خط الفقر البالغ دولارين في اليوم بينما تتزايد الاحتياجات الإنسانية».

اعتراف من الحكومة السورية بالعجز

وقال معاون وزير الشؤون الاجتماعية للعمل التابعة للحكومة السورية “راكان ابراهيم” لإذاعة ميلودي المحلية، إنه «في ظل الحرب لم تعد عمالة الأطفال حالة بل باتت ظاهرة، فالفقر والحالة الاجتماعية والتسرب المدرسي عوامل ساهمت بتحول القضية إلى ظاهرة».

وأشار إبراهيم إلى أن هناك استحالة ضبط زيادة عدد الأطفال العاملين بقوله إن «هناك نقص بالمفتشين حيث لا يوجد سوى 40 مفتش فقط على امتداد سوريا، ومحدودية بالإمكانيات مع صعوبة تأمين بدلاء عن المفتشين الذين خرجوا عن العمل، فالتفتيش على المنشآت مثلاً بحاجة إمكانيات مثل السيارات في حين لا توجد سوى سيارة واحدة بكل مديرية تقوم بتخديم كل الأعمال».

وأضاف أن الجولات على المنشآت قد تكون كل سنتين أو ثلاثة نتيجة نقص الكادر التفتيشي، في ظل وجود مساعي لجعلها كل عام أو 6 أشهر بعد زيادة عدد المفتشين.

وتحدث عن عدة صعوبات منها، أن المنشآت تقوم بتهريب الأطفال عند التفتيش أو لا تفتح الباب للّجان نهائياً، مؤكداً أن إمكانيات المكتب المركزي للإحصاء المحدودة تحول دون الخروج بأرقام وإحصائيات عن عمالة الأطفال.

وتعددت أوجه استغلال الأطفال وتشغيلهم، حيث أكد مدير إدارة مكافحة الإتجار بالأشخاص “نضال جريج” لموقع هاشتاغ في 2019، أنه «تم ضبط حالات استغلال فتيات قصّر للعمل في الملاهي الليلية، وبيع وشراء أطفال حديثي الولادة بين عامي 2011 – 2012، إضافة إلى التسول، وبيع فتيات قصر إلى تركيا».

قانونياً: لا عمل للأطفال قبل سن الـ 15

وفي قانون العمل رقم (17) لعام 2010 والقرار الوزاري رقم (12) لعام 2010 غير المطبق على أرض الواقع لغياب الرقابة، يحظر تشغيل الحدث قبل إتمام مرحلة التعليم الأساسي أو إتمام سن الخامسة عشرة من عمرهم أيهما أكبر.

في حين حظر القرار الوزاري رقم 12 لعام 2010 الناظم لتشغيل الأحداث، تشغيلهم بعدد من الأعمال والصناعات والمهن التي تؤثر على تركيبهم الجسماني والنفسي كالعمل تحت سطح الأرض في المناجم، والعمل على الأفران المعدة لصهر المواد المعدنية، واستخلاص التوتياء وتكرير وتصفية البترول وغيرها.

ويمنع القانون السوري صاحب العمل من تشغيل الحدث لأكثر من ست ساعات يومياً أو تكليفه بالعمل الإضافي أو تشغيله بالعمل الليلي، إضافة إلى أنه ألزم صاحب العمل قبل تشغيل أي حدث بأن يطلب من وليه أو الوصي عليه: إخراج قيد مدني – شهادة صحية صادرة عن طبيب مختص تثبت مقدرته الصحية على القيام بالعمل الموكل إليه – موافقة الولي أو الوصي الخطية على العمل في المنشأة.

الأطفال السوريون يعملون أيضاُ في دول اللجوء

ولا تقتصر عمالة الأطفال السوريين على سوريا فقط، بل كانت القضية عابرة للحدود التي عبرها السوريون، ونتيجة الوضع الاقتصادي الصعب الذي رافق الأسر في دول اللجوء، أجبرتهم الظروف المعيشية الصعبة على زج أطفالها في سوق العمل بدلاً عن المدارس.

وقال عضو الهيئة التدريسية لدى جامعة “أكدينيز” التركية، “تانير أكبنار” في نيسان الماضي لصحيفة إيفرنسال التركية، إنه “في السوق التركية عدد لا يمكن تجاهله من الأطفال اللاجئين، والأطفال السوريون في مقدمتهم، حيث كانوا محط رغبة بالنسبة للكثير من أرباب العمل، لكونهم يعملون بأجور منحفضة، وفي ظروف صعبة، مقارنة بالأتراك”.

وأضاف أكبنار أن الأعداد الحقيقية لعمالة الأطفال بشكل عام في #تركيا تصل إلى ضعف الأرقام الرسمية حيث تتجاوز مليون ونصف المليون طفل.

وينص القانون التركي على السماح بالعمل للأطفال من سن الـ15 فقط بشرط ألا تتجاوز ساعات العمل في الأسبوع 40 ساعة، لكن في الواقع الأطفال يعملون بنفس ساعات البالغين وأجور تتراوح ما بين 5 و20 ليرة تركية، وبعضهم يعمل من أجل وجبة طعام واحدة سواء للفطور أو الغداء.

وبحسب دراسة لمركز (حرمون) للدراسات حول عمالة الأطفال في اسطنبول عام 2018، فإن 92.5% من الأطفال السوريين العاملين هم من الذكور، والباقي إناث، بينما 83.5% منهم أعمارهم بين 13 – 15 سنة، 55% منهم تتكون أسرهم من 7 – 9 أفراد، و88% ذويهم على قيد الحياة و88% منهم تركوا الدراسة في تركيا و74.5% منهم تركوها تحديداً من أجل العمل وكسب الرزق، 8% منهم فقط يقرؤون ويكتبون.

وبحسب الدراسة التي أجراها المركز، إن  65% من الأطفال السوريين يعملون في #اسطنبول بالقطاع الخدمي، و21% في القطاع الحرفي، و8% في الصيانة، و2% صناعي.

لكن عينة الدراسة قد تكون قد أغفلت الكثير من المهن القاسية التي يمارسها الأطفال وخاصة في #الزراعة وورش البناء ومعامل وورش الصناعات المختلفة وخاصة الغذائية،  فقد أكد تقرير أصدره حزب الشعب الجمهوري المعارض عن “العمالة المهاجرة” في تركيا عام 2019، أن نحو مليون سوري يعملون بطريقة غير شرعية بظروف قاسية وبإجور منخفضة جداً في الزراعة والصناعات الغذائية وقطاعات التصنيع والبناء، وواحد من كل خمسة منهم هم أطفال تحت سن 15 عاماً أي نحو 200 ألف طفل تقريباً.

لبنان دعارة وزراعة

وبحسب تقرير لـ dw في 2016، فإن الفتيات السوريات في لبنان قد يرغمن على الزواج المبكر بسبب الأحوال المادية الصعبة، وهو ما يتم أحيانا مع زوج “مزيف” يتمثل غرضه الحقيقي في تشغيل الزوجة الصغيرة في الدعارة قسرياً، ومنهن من يضطر لممارسة مع مشغليهن “الجنس مقابل البقاء”.

ووفقاً للتقرير، فإن 80% على الأقل من الأطفال السوريين في منطقة البقاع يعملون في الحقول مقابل حوالي أربعة دولارات لليوم، ولأنهم يدفعون إيجار الخيام التي يعيشون فيها أيضا لمالك الأرض، فهم يعملون في إطار أقرب إلى العبودية من العصر الحديث.

استخدامهم في القتال

وقد استخدمت الأطراف المتصارعة خلال الحرب السورية الأطفال في العمليات العسكرية والاقتتال فيما بينها، حيث أفادت منظمة #الأمم_المتحدة العام الماضي، أنه تم تجنيد حوالي خمسة آلاف طفل لا يتجاوز عمر بعضهم السبع سنوات في القتال.

وبحسب تقرير للمرصد السوري لحقوق الإنسان في أيار 2020، فقد تم تجنيد أطفال سوريين عبر فصائل مسلحة موالية لتركيا وإرسالهم للقتال في #ليبيا، وأشار المرصد إلى مقتل 16 طفلاً حتى تاريخ صدور التقرير من بين 150 طفلاً سورياً جندوا للقتال هناك.

وفي أيار أيضاً، كشف تقرير صادر عن منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، عن قيام شركات أمنية روسية بتجنيد ما لا يقل عن 3 آلاف مقاتل سوري من بينهم أطفال، لغرض القتال في ليبيا.

وقال المدير التنفيذي للمنظمة بسام الأحمد في حديث مع موقع عربي21 إن منظمته زودت الأمم المتحدة بمعلومات موثقة عن تجنيد الأطفال السوريين كمرتزقة للقتال في ليبيا.

ووفقا لليونيسف هناك 2.8 مليون طفل سوري لا يرتادون المدرسة، ونحو خمسة ملايين طفل سوري داخل سوريا والدول المجاورة “لا يزالون يحصلون على التعليم رغم كل الصعوبات”، وهناك 6 ملايين طفل ولدوا منذ 2011 لا يعرفون سوى الحرب والنزوح، بينما يتعرّض للقتل في سوريا ما معدله طفل كل 10 ساعات بسبب العنف، في حين هناك 2.5 مليون طفل أرغموا على الفرار إلى دول الجوار.

وقال المدير الإقليمي لليونيسف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تيد شيبان بعد زيارة لسوريا العام الماضي إنه “سنوات القتال الضروس قد أوصلت البلاد إلى حافة الهاوية، إذ تخبرنا العائلات أنه لم يكن عندها أي خيار في الحالات القصوى سوى إرسال الأطفال للعمل أو دفع الفتيات للزواج المبكر، وهذه قرارات ينبغي ألا يضطر أي والد أو والدة لاتخاذها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.