عودة “داعش” إلى درعا: تمهيد لاجتثاث المعارضة أم بداية لانهيار المصالحات الروسية؟

عودة “داعش” إلى درعا: تمهيد لاجتثاث المعارضة أم بداية لانهيار المصالحات الروسية؟

على الرغم من إعلان #الحكومة_السورية القضاء على تنظيم #داعش في الجنوب السوري، وذلك بعد فرض سيطرتها على المنطقة في آب/أغسطس 2018، إلا أن ملف التنظيم عاد ليطفو على السطح، عبر تصريحات مسؤولين في حكومة #دمشق، أو ناشطين في المعارضة السورية، تحدثوا عن عودة داعش إلى محافظة #درعا.

ويرى عدد من المحللين السياسيين أن درعا تعيش وضعاً مختلفاً عن بقية المحافظات السورية، لعوامل عدة، الأمر الذي يفرض على الأطراف الرئيسية، الفاعلة في المنطقة، التعامل بطريقة خاصة، وبحذر شديد، خوفاً من الانزلاق إلى الفوضى وانفجار الأوضاع، ما قد يعني العودة إلى فترة ما قبل اتفاق التسوية، بين الحكومة السورية وفصائل المعارضة.

 

عودة “داعش” إلى درعا

“لؤي الزعبي”، القائد السابق في “جيش اليرموك” المعارض، أكد لموقع «الحل نت»، ما ورد مؤخراً على لسان “أنس العبدة”، رئيس هيئة التفاوض في المعارضة السورية، عن «وصول أكثر من خمسمئة مقاتل من تنظيم داعش إلى المنطقة الغربية من محافظة درعا».

ويشير “الزعبي” إلى أن «وصول المقاتلين، وتبني التنظيم عديداً من عمليات الاغتيال، التي استهدفت ضباطاً وعناصر من #القوات_النظامية، عبر حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، ولّد توجهاً لدى الحكومة السورية، ظهر بوضوح خلال اجتماع مع ممثلين عن لجان التفاوض في المحافظة مؤخراً، بأن المنطقة بحاجة لعمل عسكري، لإعادة ضبط الأمن».

وحول ماهية المقاتلين الداعشيين، وكيف وصلوا إلى درعا، اتهم “الزعبي” الحكومة السورية ومليشيا #حزب_الله اللبناني برعاية تنظيم “داعش”، ونقله إلى الجنوب، وهو «أمر ليس بجديد»، على حد تعبيره، فـ«الأفرع الأمنية أطلقت، في نهاية عام 2020، سراح ما يقارب ثمانين عنصراً على الأقل، ممّن كانوا يقاتلون ضمن تشكيل “جيش خالد بن الوليد”، المبايع لتنظيم داعش، قبل اتفاق التسوية بدرعا».

وكشف أحد وجهاء بلدة “نافعة”، لموقع «الحل نت»، شريطة عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن «العناصر المنفذين لعمليات الاغتيال في درعا، هم من بقايا “جيش خالد”، وهم ذاتهم من سمحت لهم الحكومة السورية بالبقاء في المنطقة، أو أفرجت عنهم مؤخراً».

وأضاف الوجيه المحلي أن «فعالية عناصر التنظيم تظهر في المناطق، التي لا ترضخ لنفوذ مطلق للحكومة السورية، مثل ريف درعا الغربي، وهي المنطقة التي تنتشر فيها جماعات معارضة، من بقايا الفصائل، والسبيل الوحيد لإنهاء تواجد هذه الجماعات، وفرض السيطرة العسكرية الكاملة، هو جلب عناصر داعش»، حسب تعبيره.

من جهته يقول “أبو محمد العمار”، عضو لجنة التفاوض في مدينة #نوى، لموقع «الحل نت»، إن «تضمين اسم داعش، بوصفه فصيلاً متواجداً في درعا، ليس سوى حجة لقوات الحكومة السورية، وخاصة #الفرقة_الرابعة، التي تضمّ ميلشيات إيرانية، لفرض السيطرة الكاملة على المحافظة. وهذا يضعنا أمام عدة أسئلة، أولها: كيف أتى التنظيم إلى الجنوب، عقب أكثر من سنتين من سيطرة القوات النظامية على الطرق التي تصل إلى درعا؟ وهل جرى ذلك بالتنسيق مع ضباط القوات النظامية، أو بتسهيلات غير مباشرة منهم؟».

 

المعارضة بين خياري التهجير أو الحرب بحجة داعش

قررت لجان التفاوض في محافظة درعا، بتاريخ الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير 2021، خلال اجتماع مع قوات #الفيلق_الخامس، المقرّب من روسيا، وعدد من قادة المعارضة السابقين، رفض مبدأ تهجير المقاتلين السابقين في فصائل المعارضة السورية نحو الشمال. ويأتي ذلك بعد محادثات، جرت بين لجان التفاوض وعدد من قيادي الفرقة الرابعة، مثل “علي محمود” و”غياث دله”، بحضور وفد روسي.

ولفت “أبو محمد العمار” إلى أن «اللواء “علي محمود” طرح أسماء عشرة أشخاص، من فصائل المعارضة في مدينة #طفس، للتهجير نحو الشمال، وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وإلا فإن الفرقة الرابعة ستفرض سيطرتها بالقوة على مناطق الريف الغربي، المتاخمة للحدود مع #الأردن والجولان، بحجة وجود عناصر لتنظيم داعش».

وقبل يومين من هذه المحادثات اندلعت مواجهات، هي الأعنف منذ عامين، بين مقاتلين معارضين من جهة، وقوات من الفرقة الرابعة، تساندها مجموعات محلية من عناصر التسويات، المتطوعين ضمن الأفرع الأمنية، من جهة أخرى، قرب مدينة طفس، أسفرت عن مقتل سبعة عناصر على الأقل من الفرقة الرابعة، بحسب مصادر محلية.

ويذكر “لؤي الزعبي” أن «قيادة الفرقة الرابعة، طرحت في الاجتماع، قائمة تضم خمسين اسماً، لمعارضين من المنطقة الغربية ومحيطها، لتسليم أنفسهم، أو الموافقة على الخروج إلى شمال سوريا، بعد تسليم أسلحتهم، وأبرزهم “معاذ الزعبي”، القيادي في فصائل المعارضة، المنحدر من مدينة طفس، الذي برز اسمه خلال العامين السابقين، أثناء مواجهة دخول القوات النظامية إلى المدينة».

وقال “أبو محمد العمار” إن «ما يجري هو تنفيذ الفرقة الرابعة لمشاريع #إيران في المنطقة، والتي تسعى لإخلاء الجنوب السوري من المعارضين».

وبدأت الفرقة الرابعة أولى عمليات انتشارها بالريف الغربي لدرعا، في شهر أيار/مايو عام 2020، بعد التوصل إلى اتفاق مع لجان التفاوض، لنشر حواجز مشتركة مع عناصر التسويات، في مواقع عدة من المنطقة، فيما انحصر انتشارها، في مناطق أخرى، بمحيط البلدات، وعلى الطرق الرئيسية الواصلة بينها.

 

درعا نحو عام مليء بالصراع

الناشط السياسي “محمد مصطفى” يرى أن «محافظة درعا ستكون منطقة غير مستقرة خلال عام 2021، وذلك نتيجة عدة عوامل، أبرزها استمرار عمليات الاغتيال، منذ أكثر من عامين، وبوتيرة مرتفعة، وهذا الأمر لا يسري على بقية المناطق، التي سيطرت عليها الحكومة السورية، مثل دمشق وريفها وحمص».

وأردف “مصطفى”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «استمرار فرض القيود الأمنية على أبناء المحافظة، وتعاقب أكثر من مسؤول على المراكز القيادية التابعة للحكومة السورية، مثل الأفرع الأمنية ورئاسة المحافظة، وملاحقة المعارضين والمنضمين إلى فصائل المعارضة، يساهم في عدم استقرار المنطقة داخلياً».

وأدى قرب المحافظة الجنوبية من #إسرائيل إلى تعرّضها للقصف الإسرائيلي المتكرر، ما أعاق قدرة الحكومة السورية على السيطرة الكاملة على المنطقة، والتغلغل في مفاصل الحياة فيها، كما حصل في محافظات وسط وشرق سوريا.

وفي السياق ذاته يرى “مصطفى” أن «هذه الأوضاع فرضت على روسيا إنشاء قوة محلية موازية، وحليفة للقوى الدولية، لتتدخل في الصراع الداخلي، وهي اللواء الثامن في الفيلق الخامس. فضلاً عن إعادة بعض المنضمين السابقين لفصائل المعارضة تنظيم صفوفهم، ضمن مجموعات صغيرة».

ويختتم “مصطفى” حديثه بالقول: «هذه الأسباب، واستمرار العمليات القتالية بين الحكومة السورية والمعارضين، بكافة أشكالهم، سيخلق أجواءً متوترة، قد تزيد أعداد المنشقين عن التسوية الروسية، وخروجهم، من جديد، للقتال في سبيل نظام مستقبلي، يضمن لأهالي المحافظة العيش بأمان، يفتقدونه في الوقت الحاضر»، حسب تعبيره.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.