الصراع على الزعامة المحلية في السويداء: هل يختار أهالي المحافظة “علمانية” الأمراء أم “تواطؤ” المشايخ و”نخوة” العصابات؟

الصراع على الزعامة المحلية في السويداء: هل يختار أهالي المحافظة “علمانية” الأمراء أم “تواطؤ” المشايخ و”نخوة” العصابات؟

بعيداً عن محاولات #روسيا التغلغل في #السويداء، بأكثر من طريقة؛ وكذلك #إيران، التي أعطت لحجاجها ومرتزقتها إمكانيات كبيرة للسيطرة على الأرض والبشر؛ وسعي #حزب_البعث والأجهزة الأمنية للعودة والتحكّم بالمنطقة، يبرز دور عدد من الوجهاء ورجال الدين، بوصفهم حكاماً فعليين، بطريقة أو بأخرى، بدعم من #الحكومة_السورية أو الفصائل المسلّحة أو دول خارجية. فضلاً عن السيطرة الخفية لزعماء العصابات الكبرى. فمن هو الحاكم الفعلي للسويداء في الوقت الحالي؟

 

تزعزع مكانة الزعامات التقليدية

بعد الحادثة الأخيرة، التي جرت مع شيخ العقل “حكمت الهجري”، الموالي للحكومة السورية، الذي تعرّض للإهانة من قبل رئيس فرع الأمن العسكري في المنطقة الجنوبية، عُقد اجتماع في بلدة “دار عرى”، بضيافة الأمير “لؤي الأطرش”، ضمّ شيخي العقل “حمود الحناوي” و”يوسف جربوع”، وقائد حركة #رجال_الكرامة “يحيى الحجار”، لمحاولة تهدئة النفوس، وعدم الانجرار نحو الفتنة. تبعه لقاء “الحجار” مع الشيخ “الهجري”، ما أثار نوعاً من التفاؤل بين أبناء المحافظة، بعد أيام من الترقّب والخوف.

إلا أن المحافظة سرعان ما دخلت نفقاً آخر، تمثّل في فتح باب حملات الانتخابات الرئاسية فيها، بعدة أساليب، أوضحها  الناشط الإعلامي “أيهم الحسن”: «التمهيد للدعاية، لإعادة انتخاب بشار الأسد، بدأه حزب البعث ومنظماته مثل العادة، وتبعه إطلاق جمعية خيرية، تملكها، في الظاهر، إحدى العائلات الكبيرة، المعروفة بقدراتها المادية الضخمة، إلا أن ملكيتها في الواقع تعود لأسماء الأسد، التي كانت تخطط لزيارة المحافظة، لكنّ حادثة إهانة الشيخ “الهجري”، والتوترات الداخلية التي سببتها في السويداء، جعلتها تُحجم عن الزيارة. لتأتي بعد ذلك التسوية المخصصة لأبناء السويداء، الفارين والمطلوبين للخدمة، والشبان الذين عليهم مخالفات غير متعلّقة بالخطف والقتل والإرهاب، والتي قُدمت بوصفها منحة رئاسية، لكسب ولاء أهالي المحافظة».

وأضاف “الحسن”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أنه «في مقابلة شيخ عقل الموحدين الدروز “يوسف جربوع” مع صحيفة “تشرين” الرسمية، في الثالث عشر من شباط/فبراير الحالي، دعا صراحةً لدعم الانتخابات الرئاسية والمشاركة بها، رداً على “أعداء سوريا والحصار الاقتصادي”، حسب تعبيره. إلا أن حديثه، الذي لم يتطرّق لمعاناة الشعب السوري، أو ملف المُهجّرين واللاجئين والمعتقلين، فتح الأبواب لجدل وانقسام جديد، لا أحد يدري ما هي نتائجه». مشيراً إلى «حالة الاستياء الشعبي، جرّاء مواقف عدد من الشيوخ والوجهاء، المخالفة لمواقف غالبية أبناء المحافظة، الذين يبحثون عن العيش الكريم؛ والتصدي للنفوذ الأجنبي في المحافظة، بأية طريقة؛ وإنهاء تغوّل الأجهزة الأمنية، التي بدأت تستعيد دورها المعتاد قبل عام 2011».

 

الإهانة لم تُمحَ

قائد إحدى الفصائل المستقلة، رفض كشف هويته، قال لـ«الحل نت» إن «لقاء الوجهاء والمشايخ في “دار عرى” جاء بتوقيت حساس جداً، في ظل استفحال الفلتان الأمني، وعمليات التصفية والقتل والخطف. وصدر عنه بيان واضح، بتوقيع الشيخ “حكمت الهجري”، يطلب من  قادة الفصائل عدم القيام بأي عمل، دون موافقة من مشيخة العقل، فظهر أن الرموز الدينية والاجتماعية قد اتفقت على كلمة واحدة، ما أدى لارتفاع معنويات أبناء المحافظة، خاصة عقب صدور بيانات، تؤكد اعتذار القصر الجمهوري، عن الإهانة التي وجهها العميد “لؤي العلي”، رئيس فرع الأمن العسكري، لأحد الرموز الدينية. لكن الحقيقة كانت غير ذلك تماماً، فقد أكد مقرّبون من “الهجري” أنه ادعى تلقيه للاعتذار، لكي يخفف الاحتقان بين الناس، ولا يدع الفصائل المسلحة تواجه #القوات_النظامية والفروع الأمنية، وبالتالي فقد شعر أهالي السويداء بالإهانة مرة أخرى، وازدادت النقمة على الذين يدّعون أنهم يحكمون جبل حوران، ويديرون شؤونه».

 

إذاً، من المرشح للزعامة الفعلية في الجبل؟

برز دور الأمير “لؤي الأطرش” بشدة مؤخراً، الذي اكتسب شرعية شعبية كبيرة في أوساط المجتمع المدني والناشطين ووجهاء المحافظة، وخاصة بعد المعارك بين مدينة #بصرى في #درعا وبلدة #القريا في السويداء، والدور الذي لعبه في حل الأزمة، ما أظهره زعيماً قادراً على الفعل.

“س ع”، وهو ناشط من المنطقة، رفض نشر اسمه الكامل، لا يٌخفي حماسه لزعامة “الأطرش”، فهو يؤكد لـ«الحل نت» أن «رؤية “الأطرش” لمستقبل السويداء مهمة، وهو قادر، بما لديه من قوة، على فرض إرادته على الجميع. والملاحظ أنه قادر على جمع رجال الدين والوجهاء والمتنفذين، لأنه يعمل لخير المحافظة»، حسب قوله.

ويشير “س.ع” إلى أن أمير “دار عرى” له «رؤية علمانية، تطالب رجال الدين بالعودة إلى صلواتهم وطقوسهم، وترك السياسة لأهلها، فالمشايخ عائق دائم لأي عمل مدني، كما أكد الأمير، في أكثر من مناسبة. فضلاً عن أنه استطاع تحييد أهم العصابات، وجعل من متزعميها يعملون لخير الناس، بعد سنوات من الخطف والقتل والتهديم، وبنى علاقات متينة مع وجهاء محافظة درعا، رافضاً كل الإغراءات، التي جاءته كي يصبح عدواً طائفياً لهم، فبات الرقم الصعب عند مركز المصالحة الروسي، والفروع الأمنية، التي لم تستطع تحييده أو كسب ولائه».

ويتابع الناشط، المُقرّب من إمارة “دار عرى”، استعراض آرائه ببقية إمارات الجبل: «موقف الأمير “يحيى عامر”، الموالي للسلطة، جعله بعيداً عن لعب أي دور، حتى ضمن عائلته، وبقي أسيراً لمواقف شيخ العقل “حكمت الهجري”، وهو الداعم الأساسي للرئيس الأسد في السويداء؛  أما “عاطف هنيدي”، فهو باشا علماني فعلاً، والمثقف الوحيد بين طبقة الوجهاء، لكن شعبيته ما زالت دون المستوى، ويحاول أن يظلّ حيادياً».

ومن خارج طبقة الأمراء والباشاوات يتحدث  “س ع” عن تنظيمات الطبقات الشعبية، التي يقودها مشايخ وزعماء لا ينتمون للعائلات الكبيرة، وعلى رأسها حركة رجال الكرامة، أكبر تنظيم مسلَح في السويداء: «الحركة تغيّرت بشكل جذري، بعد اغتيال مؤسسها “وحيد البلعوس”، ويعمل قادتها على التهدئة، ومحاولة إرضاء كل الأطراف، من روسيا، التي عرضت على الحركة تشكيل فيلق عسكري، مدعوم مادياً وعسكرياً بشكل كبير، وصولاً إلى #حزب_الله وإيران، اللذين حاولا، بكل الطرق، كسب ودّ الحركة، دون طائل. ولهذا لا يُعوّل كثيراً على قادة رجال الكرامة الجدد، في التحكّم بمقدرات المحافظة، نظراً لرخاوة مواقفهم، لكنّ الحركة تبقى صمام أمان للأهالي من تغوّل الفروع الأمنية، ومازالت تدافع عن المظلومين».

ورغم تفاؤل (س.ع) بزعامة “الأطرش”، إلا أن الوضع في المحافظة يبدو أشدّ تعقيداً من أن توحّده زعامة واحدة، فالشارع منقسم بشكل خطير، وبرز زعماء جدد، شديدو النفوذ، مثل “معتز مزهر”، زعيم إحدى العصابات، وهو مقرّب بشدة من روسيا، وصار يتحكّم بجانب كبير من شؤون المحافظة، باعتراف الجميع.

لكنّ أهالي المحافظة يتفقون في النهاية أن “بيضة القبّان” هي كلمة الشيخ “موفق طريف”، شيخ عقل الموحدين الدروز في فلسطين المحتلة، التي تتفق عليها كل الزعامات، من مشايخ ووجهاء وعصابات وحركات شعبية، والحلول تأتي من مكتبه، أو من لقاءاته الدائمة، في #الأردن، مع الزعامات المحلية, فكيف سيتصرّف “طريف” بالزعامة عن بُعد، التي منحها له أهالي السويداء؟
من الصعب الإجابة على هذا السؤال، خاصةً عندما يتعلّق الموضوع بشيخ لا يهوى البروز والتصريحات الإعلامية كثيراً.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.