الحراك الطلابي في العراق: انتفاضة جيل جديد أم نقمةٌ عفوية استغلّتها القوى السياسية المتنفّذة

الحراك الطلابي في العراق: انتفاضة جيل جديد أم نقمةٌ عفوية استغلّتها القوى السياسية المتنفّذة

كان للحراك الطلابي في العراق دور مهم في #انتفاضة_تشرين عام 2019، حين شارك الطلاب بالمظاهرات تحت مسمى “ثورة القمصان البيض”، التي انطلقت شرارتها من بوابة الجامعة في محافظة المثنى، بتنظيم وتوجيه من اتحاد الطلبة.

واتحاد الطلبة في العراق هو منظمة طلابية مستقلة، تُعنى، حسب وثائقها، بـ«الشأن الطلابي، ورفع المستوى الثقافي للطلبة. تأسست في الرابع عشر من نيسان/إبريل عام 1948، في مؤتمر علني، وتشكّلت هيئاتها عبر انتخابات، جرت في معظم كليات ومعاهد وثانويات العراق».

 

ثورة القمصان البيضاء: عودة قريبة

«لا تزال الاحتجاجات العراقية تتصدّر المشهد، فهي لم تتلاش في ساحات التظاهر ببغداد والمحافظات الجنوبية إلا لأيام قليلة، بسبب جائحة #كورونا، ولكنها سرعان ما ستشتعل من جديد، وهناك دور مرتقب قريب لـ”القمصان البيض” فيها»، بحسب “ليث حسين”، ممثل اتحاد الطلبة في #بغداد.

ويضيف “حسين” في حديثه لـ«الحل نت»: «سنشارك في عملية الاحتجاج القادمة، وسنكون في المقدمة، فهناك قضايا وطنية مركزية نسعى للدفاع عنها، وهناك أيضاَ قضايا فئوية، تخصّ الطلبة، سيتم تقديمها لوزارة التعليم العالي العراقية، من خلال ورقة “إصلاح الواقع التعليمي”، وتحديداً واقع التعليم الطبي».

وبشأن تدخّل الأحزاب السياسية في عمل اتحاد الطلبة يوضح “حسين” أن «الأحزاب السياسية حاولت زعزعة الاحتجاجات السلمية، ولكنها قوبلت بمواجهات صلبة من الطلبة في #ساحة_التحرير ببغداد، وتم منع أية محاولة لتشويه المدّ الطلابي، فأصحاب “القمصان البيض” رفضوا بحزم الهدايا والمغريات السياسية، ولم تنجح  الأحزاب المتنفّذة بنشر الفوضى داخل التلاحم الطلابي، واختراق الحراك الأبيض، من خلال طلب اجتماعات متكررة باتحاد الطلبة، الذي امتنع عن الاستجابة لهذه الدعوات، ولم يقبل مشاركة أحزاب السلطة في نشاطه».

 

المواجهة مع التيار الصدري

“أحمد إياد”، اسم مستعار لأحد الطلبة المتظاهرين في انتفاضة تشرين، يؤكد أن «مشاركة أصحاب القمصان البيض من أهم عوامل نجاح الانتفاضة، فوجودهم كان مؤثراً ومساهماً في ديمومة الاحتجاجات، وأضاف لها صبغة الاستقلالية الخالصة، بعيدا عن المصالح الحزبية والفردية».

مبيناً، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «الأحزاب الإسلامية، وحتى الليبرالية، حاولت توظيف انتفاضة تشرين لصالحها، ولكن وجود طلبة الجامعات  أفشل محاولاتها، ولكنّ هذا لايعني أنه لا توجد شريحة من المؤدلجين سياسياً بين الطلبة، إلا أن هذه الشريحة لم تنجح في التأثير على مطالب الحراك الطلابي، وهذا ما ولّد الخوف داخل الطبقة السياسية»، حسب تعبيره.

“إياد” يتابع بحماس: «”ثورة القمصان البيض” شكّلت أزمة لدى #التيار_الصدري في الاحتجاجات، فقد جعلت الطلاب نداً له، ما دفعه إلى تحريك ميلشيات له داخل المظاهرات، باسم “القبعات الزرق”. ورغم هذا لم تتمكن أي جهة من الهيمنة على الحراك الطلابي الواعي، ولم تستطع اخضاعه لارتباطاتها المذهبية».

ويختتم حديثه بالقول: «الاحتجاجات القادمة ستكون أكثر ضراوة على أحزاب السلطة، كما أن دور طلبة الجامعات سيكون أكثر قوة وأهمية، وقد تنطلق ثورة جديدة من الجامعات».

 

تشرين لن تعود

“د.علاء مصطفى”، الأستاذ الجامعي، والمختص في الشأن السياسي، يرى أن «من سار بالحراك الشعبي هم على الأغلب أفراد الشريحة الطلابية، وهذا الأمر لم يقتصر على العراق فقط، بل شهدته #مصر وتونس وليبيا. وتاريخياً كان الطلاب في مقدمة الحراك الاجتماعي في العالم بأسره».

مشيراً، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «الجامعة ليست بمعزل عن البيئة العراقية، وبالتأكيد هناك انتماءات سياسية بين الطلاب، ولكنها ليست معلنة، كما لا توجد تنظيمات طلابية ملموسة، تابعة للأحزاب السياسية، في الجامعات، وإنما هناك تعاطف مع جهة أو أخرى، وهذا الأمر يكون في إطار الحرية الشخصية، ولكنه لا يؤثر على الخطاب العام للحركة الطلابية».

إلا أن “مصطفى” يمتلك رأياً مخالفاً لما قاله ممثلو الطلاب، حول محاولات التيار الصدري التدخّل في الحراك الطلابي، فهو يرى أن «التيار الصدري حريص جداَ على عدم جر الطلبة إلى الاحتجاجات السياسية، وكان يرفع شعارات تؤكد استقلالية “ثورة القمصان البيض”».

ورغم تفاؤل الأستاذ الجامعي بأهمية الحراك الطلابي إلا أنه يعتقد أن «عودة المشهد التشريني في هذه الفترة أمر مستبعد، على اعتبار أن شباب الثورة لم يجنوا ثماراً ملموسة لتضحياتهم، وإنما صودرت جميع جهودهم، من قبل شخصيات استحوذت على المناصب والامتيازات، وهذا الانطباع بين الطلاب ولّد لديهم ردود فعل سلبية، مما جعل كثيراً منهم يفقد العزيمة، التي كان يملكها».

 

الإسلام السياسي مستهدف!

المحلل السياسي “هشام الركابي” يبدو أكثر تشاؤماً من “علاء مصطفى”، وأشد ميلاً للدفاع عن قوى الإسلام السياسي، فهو يؤكد لـ«الحل نت» أن «الاحتجاجات الأخيرة، التي انطلقت في بغداد وغيرها من المحافظات، كانت جماهيرية أكثر من كونها طلابية، أما قوى الإسلام السياسي فلم تلعب دوراً معرقلاً للاحتجاجات، على العكس مما يروّجه كثيرون».

ويدّعي أن «هناك أطرافاً ركبت الاحتجاجات، وحولتها إلى استهداف قوى الإسلام السياسي. وخير دليل على أن القوى الإسلامية كانت داعمة للاحتجاجات موقف المرجعية الشيعية وفصائل المقاومة، وتواجد #الحشد_الشعبي في المظاهرات أيضاً، ولكن محاولة بعض الأحزاب السياسية إثارة الفوضى، من خلال قطع الطرق وغلق المدارس واستهداف المؤسسات الحكومية والبنك المركزي، دليلٌ واضح على سعيها لحرف التظاهرات عن أهدافها السلمية»، في إشارة منه إلى استهداف مقرات بعض الأحزاب والقوى الشيعية في محافظات العراق الجنوبية.

“الركابي” يتابع: «بعد انتهاء التظاهرات اتضح أن بعض الجهات استغلّتها لإسقاط الحكومة العراقية السابقة، وإيصال رئيس الوزراء العراقي الحالي مصطفى #الكاظمي إلى الحكم، وهذه الجهات هي المستفيدة الآن من المناصب والامتيازات دون غيرها، وتحاول اليوم إبعاد القوى الإسلامية، ومنها التيار الصدري، عن الواقع السياسي، بأوامر خليجية، مستغلّة حالة النقمة بين الطلاب، والجماهير العراقية عموماً»، حسب تعبيره.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.