قضية مُهجّري “جرف الصخر”: هل يعجز وزير الخارجية الإيراني عن إقناع الميلشيات الولائية بالسماح بعودة أهالي المنطقة؟

قضية مُهجّري “جرف الصخر”: هل يعجز وزير الخارجية الإيراني عن إقناع الميلشيات الولائية بالسماح بعودة أهالي المنطقة؟

عرفت ناحية “جرف الصخر”، التابعة لمحافظة بابل العراقية، جنوب غربي العاصمة #بغداد، سنوات من العنف الطائفي، بين عامي 2006 و2010، بعد أن سيطر عليها تنظيم #القاعدة، ومن ثم تنظيم #داعش، الذي طٌرد منها في تشرين الأول/أكتوبر عام 2014، بعد انطلاق عمليات التحرير، التي أعقبت سقوط مدينة #الموصل، في حزيران/يونيو من العام ذاته.

ورغم مرور أكثر من ست سنوات ونصف على تحرير المنطقة، ترفض الأطراف المتحكّمة بالمشهد الأمني فيها، ممثلةً بميلشيا #حزب_الله_العراقي وميلشيا “النجباء”، عودة نحو ستين ألف مُهجّر من أهاليها، الذين يصل عددهم لحوالي مئة وخمسين ألف شخص.

الشيخ “أحمد الجنابي”، أحد وجهاء المنطقة، أكد لموقع «الحل نت» أن «نسبة العائدين لـ”جرف الصخر”، منذ تحريرها، لا تتجاوز 10% من المُهجّرين، وغالبية العائدين غادروا المنطقة مرة أخرى، بسبب مضايقات الميلشيات، التي تقوم بتوجيه الاستدعاءات الأمنية لهم  وإذلالهم، بل واعتقالهم، مع كل خرق أمني تشهده المنطقة».

وتُعرف “جرف الصخر” بغناها الاقتصادي، إذ إنها تحتوي على بحيرات أسماك، ومزارع مترامية الأطراف، ذات مناخ يسمح بزراعة اغلب المحاصيل، كونها تقع على الضفة اليمنى من نهر #الفرات، وتسكنها أكثرية من قبيلة “الجنابيين” العراقية. كما تتمتع بأهمية استراتيجية بالغة، نظراً لموقعها المهم، الذي يربط بين المحافظات الغربية والوسطى والجنوبية.

وأعيد فتح ملف الناحية مجدداً مع زيارة وزير الخارجية الإيراني “محمد جواد ظريف” الأخيرة للعراق، نهاية شهر نيسان/إبريل الماضي، ولقائه، للمرة الأولى، قيادات سياسية سنيّة، طلبت منه دفع حكومة بلاده للتدخّل رسمياً لتسهيل عودة الأهالي، بعد أن فشلت #الحكومة_العراقية بحسم الموقف، في مواجهة الميلشيات المسيطرة على المنطقة، التي تمتلك علاقة قوية مع #طهران.

والتقى “ظريف” رئيس #البرلمان_العراقي “محمد الحلبوسي”، مع عدد من نواب “تحالف تقدم”، قبل أن يجري لقاءً آخر مع “خميس الخنجر”، زعيم “تحالف عزم”، ووفد من القيادات المرتبطة بالتحالف. ويعتبر هذان التحالفان أكبر القوى السياسية السنيّة في البلاد.

ورغم كل هذه التحركات السياسية لا يبدو أن للمسألة حلاً في القريب العاجل، فلماذا ترفض الميلشيات المتنفذة، ومن وراءها #إيران، عودة الأهالي المسالمين إلى ديارهم؟

 

ماذا قالت القيادات السنية لظريف؟

“فيصل العيساوي”، النائب عن “تحالف القوى العراقية”، قال إن «زيارة وزير الخارجية الإيراني الأخيرة سجّلت لقاءه لأول مرة مع جهات سياسية سُنية، بعيداَ عن الحكومة والبرلمان، فسابقاً كان يكتفي بلقاء المسؤولين السنّة الحكوميين».

وتابع في حديثه لـ«الحل نت»: «السياسيون السنّة طرحوا ملف “جرف الصخر”، في اجتماعاتهم مع “ظريف”، وأنا أعتقد أن مسعاهم بلا جدوى، لأن الملف أكبر من قدرة “ظريف” نفسه، بل من الدبلوماسية الإيرانية كلها، فالقرار بيد “إيران الثورة”، أي الجهات الدينية-العسكرية، المسؤولة عن الميلشيات العقائدية في إيران والعالم، وليس بيد “إيران الدبلوماسية”، وسياسييها المدنيين».

بدورها تقول النائب “ناهدة الدايني”، القيادية في “تحالف العزم”، إن «رئيس التحالف “خميس الخنجر” تناول مع وزير الخارجية الإيراني ملفات “جرف الصخر” ونازحي #ديالى وحزام بغداد، وعاتب “الخنجر” الوزير “ظريف” بشدة، وطلب منه التدخل لإيجاد حل للمسألة».

وأضافت في تصريحاتها لـ«الحل نت»: «نأمل التوصّل لنتائج إيجابية بعد اللقاء مع “ظريف”، إذ ليس من المعقول أن تكون هناك مناطق في خمس محافظات محررة من داعش، مازال أهاليها مُهجّرين، وقرار عودتهم بيد الأحزاب المشاركة في السلطة».

وعن كواليس اللقاء ذاته يؤكد “محمود المشهداني”، السياسي السنّي البارز، ورئيس البرلمان العراقي الأسبق، لموقع «الحل نت» أنه «حضر اللقاء، الذي أبلغت القيادات السنية فيه “ظريف” أن الوضع لم يعد يحتمل، وأن عدم عودة أهالي “جرف الصخر”، وغيرها من المناطق، إلى ديارهم، يهدد بتبعات سياسية وأمنية خطيرة، نظراً لحالة النقمة بين الأهالي، التي قد يستفيد منها داعش وغيره من التنظيمات المتطرفة».

 

الأمن العراقي: «لا توجد أسباب أمنية تمنع عودة أهالي “جرف الصخر”»

وكشف مصدر أمني لـ«الحل نت» خارطة توزع أهالي “جرف الصخر”، بعد تهجيرهم من منطقتهم، بالقول: «يقيم المُهجّرون الآن في مناطق ذات غالبية شيعية، في #كربلاء وبابل وجنوب بغداد، ولم تسجّل على أي منهم هناك مخالفات أو انتهاكات أمنية، وبالتالي عودتهم لا تهدد أمن الناحية».

وتابع المصدر، الذي رفض كشف هويته، أن «جهاز الأمن الوطني العراقي خاطب الميلشيات المتواجدة في “جرف الصخر” بشأن عودة أهاليها، إلا أنها رفضت عودتهم، بدعوى أن غالبيتهم مطلوبون أمنياً، وهذا غير صحيح، إذ أن المطلوبين من أهالي المنطقة إما هاربون أو معتقلون، ومن يتواجدون حالياً في كربلاء وبابل هم عوائل مسالمة».

ولفت إلى أن «الميلشيات الولائية هي من يتحكّم بالموقف الأمني في “جرف الصخر”، ولن تحل قضية المُهجّرين إلا بدخول القوات الأمنية الحكومية إلى المنطقة لفرض الأمن، وتهيئة الشروط لعودة الأهالي، وهو ما تعتبره الحكومة العراقية أمراً غير وارد حالياً، خشية حصول اشتباكات مسلّحة بين القوى الأمنية والميلشيات، التي تحكم قبضتها على المدينة».

 

لماذا ترفض إيران والميلشيات عودة أهالي “جرف الصخر”؟

المحلل السياسي “عبد القادر نايل” يدّعي امتلاكه لمعلومات، حصل عليها خلال تواصله مع أصحاب القرار في العراق، تفيد بأن «الولايات المتحدة دخلت على الخط لحل أزمة “جرف الصخر”، في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وهددت بقصف مقار الميلشيات التي تسيطر على المنطقة، في حال عدم السماح بعودة أهاليها».

ويضيف في حديثه لـ«الحل نت»: «سبب التدخّل الأميركي القوي في هذا الملف هو استثمار إيران لمصانع “هيئة التصنيع العسكري”، التي بُنيت في عهد الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، والموجودة في “جرف الصخر”، في إنتاج صواريخ وأسلحة، تُستخدم ضد المصالح الأميركية بالعراق».

ويؤكد “نايل” أن المعلومات التي بحوزته تشير كذلك إلى أن «إيران جعلت من “جرف الصخر” معسكراً كبيراً لتدريب جهات ميلشياوية عدة، من بيها ميلشيا #الحوثي اليمنية، و”لواء فاطميون”، الذي يقاتل في سوريا، فضلاً عن ميلشيات سورية ولبنانية، مرتبطة بحزب الله اللبناني».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.