تشهد مناطق سيطرة المعارضة في شمال غربي سوريا، إقبالاً متزايداً على تداول العملات الرقمية المشفرة لأسباب عدة، من بينها سهولة تحويل الأموال أو تحقيق الأرباح.

وقدّر المسؤول في أحد مراكز بيع العملات المشفرة في الشمال السوري، أنّ نحو 50% من سكان الشمال السوري يتعاملون بالعملات المشفرة بشكل مباشر أو غير مباشر، لافتاً إلى إقبال متزايد في الأشهر الستة الأخيرة.

وأشار العاملون في مكاتب البيع، إلى أن 70% من العملاء يقصدون العملات المشفرة، لتحويل مبالغ مالية لأقاربهم في الخارج أو استلامها من الخارج لسهولة تحويل الأموال عبرها ورخص أجور عمليات التحويل، و30% هم من المضاربين يهدفون إلى الربح.

ولفتت تقارير صحفية، بأن جهاز “الأمن العام” التابع لـ”هيئة تحرير الشام” قد شنّ حملة على جميع هذه المراكز في إدلب، وطالب بوقف التعامل بها لأنها تستخدم في “تسهيل الجرائم”، على أن يُسمح بالتعامل بهذه العملات بعد إصدار التعليمات.

دمشق تترقب الوضع عن كثب

من جهة أخرى، يتعامل السوريون في مناطق سيطرة الحكومة السورية، وعلى نطاق ضيق جداً بالعملات المشفرة.

فهي إلى اليوم تندرج ضمن العملات المحظورة، ولكنها في المقابل لا تعرّض صاحبها للمساءلة القانونية كالعملات الورقية الأجنبية مثل (الدولار) التي تصل عقوبتها للسجن.

ولكن إن اتجهنا إلى وسائل التواصل الاجتماعي، فيمكن رصد نشاط واسع بالتعاملات الرقمية.

أحد الإعلانات التي رصدها (الحل نت) في مجموعة على موقع الفيس بوك تسمى “تجارة العملات الرقمية في سوريا”، وجدنا إعلان يقول «بدون عمولة….. عملات رقمية بدون عمولة، الكمية محدودة بانتهاء الكمية ينتهي العرض، مقابلة شخصية في دمشق».

من جهته، لم يتخذ البنك المركزي، المسؤول عن رسم السياسة المالية للبلاد، قراره الحاسم في شأن التعامل بتلك العملات.

ولا سيما بعد أن ألمح إلى ضرورة مواكبة أحدث التغيرات التقنية في مجال العملات الرقمية، وفق تصريحات لمدير البنك المركزي السابق، “حازم قرنفل”، في أبريل/نيسان 2020، من دون اتخاذ خطوات إلى الآن في هذا الاتجاه.

وهذا التحول الجديد من قبل المركزي يتنافى مع قرارات سابقة حذر فيها عام 2018 من التعامل بالعملات الرقمية، بحجة عدم خضوعها لضوابط وتعليمات البنك، وحضّ المتعاملين بقنوات الدفع الإلكترونية على اللجوء حصراً إلى العملة المحلية (الليرة)، وعدّها أكثر أماناً.

اقرأ أيضاً: سوريا.. خبير يدعو لاستخدام العملة البلاستيكية والرقمية للالتفاف على العقوبات

ما هي أسباب انتشار التداول في العملات الرقمية في سوريا؟

 ويرى اقتصاديون أن العملات الرقمية قد توفر حلولاً لصعوبات التحويل، وهرباً من العقوبات الغربية المفروضة منذ عام 2011،  وجددها مجلس الاتحاد الأوروبي في 27 مايو (أيار) الماضي لغاية العام 2022. 

أما العقوبات الأميركية ففرضت “قانون قيصر”، وشددت على معاقبة الأفراد والشركات والحكومات المتعاملة مع دمشق.

ويوضح المحلل والباحث الاقتصادي، “يونس كريم”، لـ(الحل نت)، أنّ أسباب تداول العملات الرقمية في سوريا، هو التضخيم بقيم الأرباح من قبل المكاتب التي تتعامل بهذه العملات.

ويضيف “كريم”، أنّ وسائل التواصل الاجتماعي وفرت بيئة إعلانات مجانية للوصول لأموال المدنيين، الأمر الذي وفر لهم أمولاً مجانية للاستثمار، لا سيما وأنّ البلاد تعيش أزمة اقتصادية بكافة مناطقها، مع قلة فرص للعمل.

البيئة التي سهلت لها وسائل التواصل الاجتماعي، وبيّنت للأفراد سهولة الحصول على الأرباح وارتفاع هذه الأرباح، وجهتهم للذهاب إلى هذه المكاتب، وفقاً لحديث المحلل الاقتصادي.

وحذّر “كريم”، من تحول هذه المكاتب عبر جمعها للقطع الأجنبي، إلى قوة ضاربة تسمح بتمويل الجهة التي تتبع لها، فضلاً عن أنّها ستكون لاعبة قوية ومحركاً أساسياً بما يحدث في السوق لا يمكن الاستهانة به.

ما هي العملات الرقمية؟

تعرف أيضا بالنقود الرقمية أو النقود الإلكترونية أو العملات الإلكترونية) هي نوع من العملات المتاحة فقط على شكل رقمي، وليس لها وجود مادي (مثل الأوراق النقدية والنقود المعدنية). 

ولها خصائص مماثلة للعملات المادية، ولكنها تسمح بالمعاملات الفورية ونقل الملكية بلا حدود.

ووفقًا لتقرير البنك المركزي الأوروبي “للعملات الافتراضية – في تحليل آخر” تقرير فبراير 2015، العملة الافتراضية هي التمثيل الرقمي للقيمة، وليس الصادرة عن البنك المركزي أو مؤسسة الائتمان أو مؤسسة النقد الإلكتروني، والتي من الممكن استخدامها في بعض الظروف كبديل للمال. 

وفي 20 آذار / مارس 2013، أصدرت شبكة إنفاذ الجرائم المالية توجيهات لتوضيح كيفية تطبيق قانون السرية المصرفية في الولايات المتحدة على الأشخاص الذين يقومون بإنشاء وتبادل العملات الافتراضية.

في مايو 2014، حذرت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (سيك) من مخاطر بيتكوين والعملات الافتراضية الأخرى.

ولاقت العملات الرقمية (المشفرة) وخاصة البيتكوين، رواجاً واسعاً في معظم أنحاء العالم بعد أن تداولها كبار المستثمرين، وعلى رأسهم “إيلون ماسك”، الذي روج لها في فبراير/شباط واستثمر فيها 1.5 مليار دولار، مما شجع كثيرين على الإقبال على شرائها أملاً بالربح السريع.

والعملات الرقمية الأكثر شيوعًا هي (بيتكوين، ريبل، بيتكوين كاش، نيم، لايتكوين، أيوتا، نيو، داش، كتوم، مونيرو، إيثريوم كلاسيك).

للاطلاع اقرأ المزيد: هل تنقلب العملات الرقمية على التقليدية قريباً؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة