يعد شارع المتنبي، شريان الحياة الثقافية في العاصمة العراقية بغداد. وعادة ما يكون مكتظاً بزواره من أهل الثقافة، وخصوصاً في أيام الجمع.

لكن المتنبي كما جل ما تعرض للخراب والتهديم في عراق ما بعد 2003، وخصوصاً بفترة الحرب الطائفية، لم يفلت من أيادي العدائيين للحياة.

تعرض شارع المتنبي لتفجير ضخم بوساطة سيارة ملغمة، في (5 مارس 2007)، وراح ضحيته 30 شخصاً وأصيب ضعفهم تقريباً. ولا تزال بعض آثار التفجير ماثلة حتى الآن.

أضرار تفجير شارع المتنبي

الأضرار المادية كانت كبيرة جراء التفحير حينها، ما أدى إلى شلل الحياة الثقافية في بغداد لنحو عام ونصف حتى إعادة افتتاح الشارع حكومياً في (ديسمبر 2008).

من بين الأضرار المادية حينها، كان تدمير المكتبة العصرية بشكل كامل. وهي أقدم مكتبة في الشارع تأسست عام 1908. ناهيك عن تدمر مقهى الشابندر، أحد أبرز معالم بغداد القديمة.

عادت الحياة لشارع المتنبي بشكل واضح بعد 2011، واستمرت إلى هذا اليوم، لكن العديد من مكتباته احترقت الصيف المنصرم، دون معرفة الأسباب الفعلية للحرائق.

أدت الحرائق إلى قلة الإقبال بالشهور الأخيرة على المتنبي، لكن هل ينتهي الأمر هنا، وبالاستسلام والرضوخ للأمر الواقع؟

“تجديد” وإعادة الروح إلى المتنبي

لا. تحرك شباب فريق “تجديد” للتطوير المجتمعي، لإعادة الروح إلى الشارع الذي لا تزال رائحة الفترة العثمانية تفوح منه، عندما كان مقراً لولاية بغداد حينئذ.

من مبادرة فريق “تجديد” لتأهيل مكتبات المتنبي

حرص فريق “تجديد”، على إحياء التراث والحفاظ على الموروث الثقافي وتمكين الشباب فكرياً وثقافياً، ما دفع بمنظمة “USAID” الأميركية لدعمه.

يقول مدير الفريق “علي عباس”: «لقد حصلنا على دعم وتمويل “USAID” لإعادة تأهيل مكتبات المتنبي، ومقهى الشابندر، والمركز الثقافي البغدادي».

«كانت البداية بإعادة تأهيل وترميم 6 مكتبات تعرضت للحرق، ومن بينها مكتبة المتوسط. ونجحنا بإعادة تأهيل المكتبات بفترة وجيزة»، يبين “علي عباس”.

ويضيف “عباس” لـ (الحل نت) أن: «التأهيل كان عبر جمع الكتب للمكتبات، وترميم الأضرار فيها، وتجهيزها تقنياً وترميم سقوفها وجدرانها، وتزويدها بمكيفات وحاسبات وطوابع وغيرها».

من هي “USAID”؟

أعجبت “USAID” بنجاح الفريق في تأهيل تلك المكتبات بمدة قصيرة، فقررت تأهيل 5 مكتبات أخرى، منها “دار ومكتبة أحمد المظفر”، ليكون المجموع 11 مكتبة.

دار ومكتبة “أحمد المظفر” بعد تأهيلها – فيسبوك

“USAID”، هي منظمة تتبع للوكالة الأميركية للتنمية الدولية. وبدأت عملها في العراق منذ 2019، تحت عنوان “تعافي”، وهو برنامج لتنفيذ مشاريع المنظمة بمختلف المحافظات العراقية.

جاءت فكرة برنامج “تعافي” من قبل “USAID” لإعادة الروح والحياة للمناطق التي تعرضت للدمار على يد “داعش”، عندما احتل ثلث مساحة العراق منذ 2014 وحتى هديمته في 2017.

ثم تطور البرنامج، ليشمل جل المناطق والمدن العراقية، وكان شارع المتنبي منها؛ لما يمثله الشارع من أهمية ثقافية في بغداد والبلاد بشكل عام.

المركز الثقافي البغدادي له حصة

«انطلق برنامجنا لتأهيل المتنبي منذ مطلع أغسطس المنصرم. ونحن نشارف على إنجازه بشكل كلي اليوم»، يقول ذلك مدير فريق “تجديد”، الشاب “علي عباس”.

لم يقتصر الأمر على المكتبات، بل تم تأهيل المركز الثقافي البغدادي، وتزويده بنحو 40 شاشة بلازما. ناهيك عن ترميمه لإخراجه بصورة جميلة، وفق حديث “عباس”.

والمركز الثقافي البغدادي، مبنى يتكون من طابقين يقع في شارع المتنبي على حافة نهر دجلة قرب شارع_الرشيد ويجاور ساحة الميدان.

توجد في المركز العديد من الغرف، وكل غرفة لها اسم من أسماء أبرز أدباء وعلماء العراق، ومنها غرفة “علي الوردي”، و”نازك الملائكة”، وغيرها.

تحتضن تلك الغرف العديد من الندوات والأنشطة الثقافية في كل يوم جمعة، بحضور المئات من زائري المتتبي والمركز الثقافي البغدادي من المثقفين وحتى العامة.

علي عباس

الشابندر وتمكين شباب وشابات المتنبي

مقهى الشابندر، الذي يعد أشهر مقاهي بغداد ومن أعتقها، هو الآخر اهتم به فريق “تجديد”. وأبرزه بصورة ناصعة، لم تمح عبق تاريخه الممتد لأكثر من 70 عاماً.

تمكين الشباب والشابات ممن يملكون مكتبات في شارع المتنبي، هو الآخر كان من بين ما اهتم به فريق “تجديد” بالتعاون مع “USAID”، حسب “علي عباس”.

كان التمكين عبر تيسير الأمور الصعبة على بعض الشباب والشابات ممن يواجهون ضغوطات مالية وغيرها، قد تدفعهم لإغلاق مكتباتهم.

اهتم فريق “تجديد” بتأهيل مكتبة “كتب خانة” للشابة “رقية المندلاوي”، وزودها بالعديد من الكتب. ويسّر لها مسألة الإيجار الشهري الكبير الذي يشكل عبئاً عليها، واليوم هي بحال أفضل، وفق “عباس”.

يرافق برنامج “تجديد” بالتعاون مع “USAID”، حملة حكومبة من أمانة_بغداد لإعادة إعمار شوارع وأرصفة المتنبي، وانطلقت تلك ااحملة منذ شهر ونصف تقريباً.

يختتم “عباس” بأن الحلة الجديدة للشارع بوجهه ااجديد، ستتاح رؤيتها لمرتادي المتنبي مع نهاية هذا العام، وبحلول العام اامقبل، سيكون الشارع بشكل مغاير تماماً.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.