باحث اقتصادي يحذر من تكرار موسم جفاف في شمال وشرقي سوريا.. والبدائل تحتاج وقتا

باحث اقتصادي يحذر من تكرار موسم جفاف في شمال وشرقي سوريا.. والبدائل تحتاج وقتا

حذر باحث اقتصادي من احتمالية ظهور أزمة و فجوة في الأمن الغذائي لشمال وشرق سوريا في حال تكرار موسم جفاف آخر العام الحالي، داعيا الإدارة الذاتية إلى التعاون مع منظمة الأغذية والزراعة الفاو وإطلاق مشاريع لزراعة القمح المروي على طرفي دجلة والفرات، وعدم زراعة القمح الأميركي الذي وصل إلى المنطقة كمساعدات.

وقال الباحث جوان حمو إن هناك احتمالية لانخفاض نسبة الهطولات المطرية هذا العام بعد أن وصلت إلى 140 ملم العام الفائت مقارنة بـ400 ملم في الأعوام التي سبقته، وذلك في ظل موجات الحر التي تجتاح الشرق الأوسط وارتفاع حرارة كوكب الأرض عموما.

“الجفاف يعود”

وأضاف عضو جمعية الاقتصاديين الكرد في سوريا بتصريح لـ الحل نت إن شح الامطار يعتبر مؤشراً خطيراً، فيما لو استمر، لما سيحدث في العام المقبل في منطقة شمال شرقي سوريا التي يعتمد 75% من مواطنيها على الزراعة بمختلف أشكالها وتعتبر أهم مؤشر للناتج المحلي الإجمالي وأكبر مكون إنتاجي ضمن المنطقة.

وأردف أن معدل المساحات المزروعة بالقمح المروي في العام الفائت بلغت 400 ألف هكتار مقابل مليون و200 ألف هكتار بعلي، أي هناك مقابل كل هكتار من القمح المروي أربعة هكتارات بعلية تعتمد على الأمطار مؤكدا أن أي انخفاض لمحصول القمح في موسم الحصاد سيعني خلق أزمة وفجوة في الأمن الغذائي للمنطقة.

ويعاني 6,5 مليون شخص في سوريا من انعدام “الأمن الغذائي”، بحسب برنامج الأغذية العالمي.

وكان  الباحث في معهد (وودز) للبيئة بجامعة ستانفورد ومدير مبادرة (المياه العذبة) العالمية، ستيفن جوريليك من خطورة الوضع في سوريا بدرجة كبيرة نتيجة تأثير التغير المناخي في المنطقة  وحدوث موجات جفاف بانتظام في سوريا، بحسب تقرير لصوت أمريكا.

التأثيرات المترتبة

وعدد حمو التأثيرات المترتبة على احتمالية تكرار موسم جفاف آخر، منها ارتفاع أسعار الطحين المخصص للأفران الحجرية والسياحية بنسب عالية قد تصل إلى 50 بالمائة. و تراجع أنتاج صناعات غذائية أساسية في المنطقة مثل البرغل والسميد والمعكرونة والحلويات التي تعتمد على مادة الطحين في الإنتاج، أو ارتفاع أسعارها.

ورجح الباحث احتمالية تعرض مساحات زراعية أكبر للجفاف وللتصحر وبالتالي تراجع نسبة المساحات البعلية مع المساحات المروية التي تعاني أيضاً من النقص في موارد المياه الباطنية.

وأشار إلى التأثيرات المترتبة من الناحية النفسية والاجتماعية كتصاعد وتيرة عدم الرضا لدى المواطنين على الخدمات المعيشية التي تقدمها الإدارة الذاتية مما سيضعها في موقف صعب جداً.

وأضاف أن التأثير السلبي المحتمل على الثروة الحيوانية وتراجع عدد حيوانات الرعي مما سيؤثر لاحقاً على أسعار اللحوم فترتفع أضعافاً.

وسبق أن أكدت الأمم المتحدة بأن نحو 12.4 مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي، محذرة من ازدياد هذا الرقم.

وكان الصحفي المختص بالشؤون البيئية زاهر هاشم، قد قال في حديث سابق مع (الحل نت) أنه مع نقص المياه الواردة نتيجة شح الأمطار…ومع استمرار التغير المناخي، واستمرار موجات الجفاف في مناطق واسعة، فإن حوادث مماثلة في المستقبل القريب ليست مستبعدة الحدوث.

وتؤكد جميع المؤشرات إلى أن العام المقبل قد يكون أسوأ على السوريين.

“بدائل ممكنة”

وحول البدائل التي يمكن اللجوء بشكل استباقي، قال حمو إنه لا يوجد بديل اسعافي أو طارئ يمكن ان يسعفنا في السنة القادمة 2022 أنما هنالك حلول قد تستغرق وقتا أطول.

 وذكر أنه يمكن للإدارة الذاتية أن تقوم بزيادة المساحات الزراعية على الجانب الغربي من نهر دجلة وعلى الجانب الشرقي من نهر الفرات من خلال وضع خطة يتم بموجبها وضع مضخات مياه مخصصة للزراعية المروية للقمح وبشكل يمكن من خلاله الاستغلال الأمثل لمياه النهرين.

وفيما يتعلق بإعلان الإدارة الذاتية مؤخرا انخفاض مخزون القمح الاستراتيجي لديها إلى نحو200 الف طن اعتبر حمو أن ذلك يضعها في موقف صعب وعليها التعامل بجدية تامة مع هذا الملف.

وأشار إلى خيارات يمكن للإدارة الذاتية العمل عليها كأن  تفاوض الروس على القمح المستورد من مينائي طرطوس واللاذقية مقابل النفط الذي ينتج في شمال شرق سوريا، و العمل على الضغط على المنظمات الدولية (مثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة) بتقديم تقارير ميدانية ودراسات موثقة عن الوضاع الزراعية في شمال شرق سوريا.

وأفاد الرئيس المشترك لهيئة الاقتصاد والزراعة  سلمان بارودو في تصريح سابق الحل نت أن الحاجة حاليا تقتصر على تأمين الطحين وشراء كميات منه من أجل الاحتفاظ بمخزون القمح الحالي. دون أن يستبعد خيار استيراد القمح لتأمين احتياجات المنطقة من الطحين، وقال “سنعمل على جميع الخيارات ولن نسمح أن يبقى شعبنا بدون خبز”، بحسب تعبيره.

وكانت مناطق شمال وشرق سوريا تنتج نحو 45% من انتاج سوريا من هذا المحصول الاستراتيجي حتى العام 2010 إلا أن الانتاج تراجع خلال سنوات الحرب بشكل كبير.

وتراجع إنتاج القمح والشعير في سوريا من 4,1 مليون طن إلى 1,2 مليون طن، وهو المعدل الأدنى منذ عام 1989.

القمح السوري أفضل

وحول وصول ثلاثة آلاف طن من البذار الأميركي مؤخرا كمساعدة لمزارعي شمال وشرق سوريا، شدد الباحث على أهمية إخضاعها لعملية الفحص والتحليل لمعرفة ملائمتها للزراعة وإمكانية تحويلها إلى بذار للاستفادة من زراعتها على سنوات.

وحذر من احتمالية أن يترافق مع زراعة القمح الأمريكي ظهور آفات في المناطق الزراعية في المنطقة وبالتالي تعرضها لكارثة زراعية في ظل غياب الأدوية والأسمدة المضادة لها، والتي إن وجدت فستكون باهظة الثمن وستتجاوز تكلفة زراعتها بأضعاف المرات.

ولفت إلى أن الحل الأنسب هو أن تراعي الإدارة هذه المخاوف وأن تخصص مساحة زراعية صغيرة لتجربة زراعة القمح الأمريكي للتحقق من نتائج زراعته، وتخصيص الجزء المتبقي لطحنه في المطاحن والاعتماد على القمح المحلي المخزن لديها في الزراعة عوضاً عن القمح الأمريكي في الفترة الراهنة.

وكان الرئيس المشترك لهيئة الاقتصاد والزراعة سلمان بارودو قد صرح الأسبوع الفائت لـ الحل نت إن القوح الأميركي سيكون قيد الفحص من قبل لجان خاصة، وأنه قد يتم توزيعه على مزارعين المتعاقدين مع الهيئة لإنتاج بذار عالية الجودة للسنوات اللاحقة

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.