تدفع الخيارات السياسية المحدودة أمام المعارضة السورية بفعل الأخطاء المرتكبة خلال السنوات الماضية وعدم مواكبة أداء المعارضة لتطورات الأوضاع، إلى تفكير بعض أقطابها للانسحاب بشكل نهائي من العملية السياسية والمفاوضات برعاية الأمم المتحدة، التي لم تحقق حتى الآن أيا من أهدافها المتعلقة بالحل السياسي في سوريا.

انسحاب المعارضة من المفاوضات؟

ما يوحي باحتمال اتخاذ المعارضة لهكذا قرار، هو تحذير رئيس “هيئة المفاوضات” التابعة للمعارضة السورية، أنس العبدة، من بوادر لتمييع القرارات الدولية الخاصة بسوريا من قبل أطراف دولية، وفق وصفه، متغافلا عن دور المعارضة فيما وصل إليه الحال في العملية السياسية السورية بحسب تقديرات متابعين.

قد يهمك: هل تطلب روسيا إنهاء الدعم السعودي عن المعارضة السورية؟

العبدة أبدا تحفظه خلال مؤتمر صحفي، يوم أمس الجمعة، على عدم تصحيح المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن، لما تناولته وسائل إعلام حول عدم رغبة أي طرف في سوريا بـ”إسقاط النظام”، ونقل عن بيدرسن قوله إنه: ” ليس بموقع يصحح ما تتناقله وسائل إعلام الدول، وإذا صحح تلك الجزئية ستكون سابقة تجر خلفها تصحيحات لكل الأقوال المتناقلة على الإعلام”.

ويؤكد الناطق باسم “هيئة التفاوض” السورية، وعضو اللجنة الدستورية، يحيى العريضي، أن خيار انسحاب المعارضة من العملية السياسية وارد، “لكن عليها أن تفكر في تبعات هذه الخطوة في حال اتخاذها”.

ما تبعات الانسحاب؟

ويعتقد العريضي أن انسحاب المعارضة من العملة السياسية قد يكون له تبعات سلبية على الميدان في سوريا، لا سيما بالنظر إلى تجارب سابقة، “حينما عُلقت المفاوضات في جنيف عندما كان رياض حجاب رئيس الهيئة العليا للمفاوضات، ودار العالم ظهره للقضية السورية على مدار 20 شهر، سقطت حلب وسيطر النظام على مساحات واسعة”.

ويقول العريضي في حديثه لـ”الحل نت”: “بإمكان المعارضة تعليق مشاركتها في أعمال اللجنة الدستورية، وبإمكانها الانسحاب من هذه العملية ككل، حقيقة هذه المسألة هي الأسهل، علينا التفكير بشكل معمق، خاصة أن بين أيدينا قرارات دولية تقر بالحق السوري بشكل واضح.

ويضيف: “التعليق ممكن، الانسحاب ممكن، لكن في الوقت ذاته يجب علينا أن نجد البديل للمطالبة بحق السوريين، الوضع السوري الداخلي لا يحتمل مزيد من المأساة، معروف أن هناك وثائق توثق إجرام النظام، علينا أن نجد البديل لهذه المسألة للمطالبة بحق السوريين”.

فشل جميع مسارات التفاوض

وجاء الحديث عن انسحاب المعارضة من العملية السياسية، في ظل فشل كافة جولات التفاوض التي قادتها “الأمم المتحدة” في جنيف خلال السنوات الماضية، آخرها كان عبر مسار “اللجنة الدستورية” في تحقيق أي تقدم بخصوص الحل السياسي في سوريا، ما يضيق الخيارات على المعارضة.

وتشير المعطيات إلى أن المشكلة في الوقت الراهن ليست بانسحاب المعارضة من المفاوضات والعملية السياسية، وإنما فيما قد يعقب الانسحاب من الاستحقاقات الدولية، لأن ذلك قد يمنح الحكومة السورية وداعميها فرصة للادعاء بأن المعارضة ليست جادة في التفاوض حسبما يؤكد محللون في الشأن السوري.

وتقول المعارضة المشاركة في “اللجنة الدستورية” أن العديد من الأطراف وأبرزهم روسيا، تسعى لإفشال اللجنة من خلال وضع “شروط تعجيزية” غير قابلة للتنفيذ”.

يشار إلى أن اللجنة الموسعة في اللجنة الدستورية تتألف من 150 عضوا من الأطراف الثلاثة (الحكومة السورية والمعارضة ووفد المجتمع المدني)، وتتألف اللجنة المصغرة للجنة من 45 عضوا، فشلت رغم العديد من الجلسات في وضع رؤية للدستور السوري.

للقراءة أو الاستماع: التسوية مع دمشق: هل ستعرقل السعودية الجهود العربية للتطبيع مع الأسد؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.