أحداث سجن الصناعة: هل ستُحل مشكلة الإرهابيين الأجانب المحتجزين في الحسكة

أحداث سجن الصناعة: هل ستُحل مشكلة الإرهابيين الأجانب المحتجزين في الحسكة

لا يُتوقع أن تسهم أحداث سجن الصناعة الدامية، في حي غويران بمدينة الحسكة، في دفع الدول المختلفة إلى استعادة مواطنيها المحتجزين في السجن، والذين سببوا مشاكل أمنية واجتماعية للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا. والأرجح، حسب مصادر «الحل نت»، أن تستمر تلك الدول في نهجها السابق. أي التعاطي مع هذا الملف بالتجاهل والبرود ذاته.  

وكانت أطراف عدة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة والعراق، انتهزت فرصة أحداث سجن الصناعة، لتذكير بقية الدول بمسؤولياتها تجاه هذه المعضلة.
وقالت الخارجية الأمريكية إن «هجوم عناصر داعش على السجن، يؤكد الحاجة الملحة لاستعادة البلدان لمواطنيها المحتجزين في الشمال الشرقي لسوريا. وأن تعيد تأهيلهم وإدماجهم. وتحاكمهم حسب الاقتضاء».
بدوره طالب مستشار الأمن القومي العراقي “قاسم الأعرجي” المجتمع الدولي بـ«إجبار الدول على تسلّم رعاياها المحتجزين، المنتمين إلى تنظيم داعش، ومحاكمتهم في بلادهم».
و تؤكد قوات سوريا الديمقراطية “قسد” أنها تحتجز أكثر من اثني عشر ألفاً، من المشتبه بانتمائهم إلى تنظيم داعش، في السجون الواقعة شمال وشرق سوريا. وأنهم ينحدرون من أكثر من خمسين جنسية. وترفض غالبية الدول، التي ينتمي إليها هؤلاء المشتبهون، استعادتهم.
وفي حزيران/يونيو 2021 قال الكولونيل “واين ماروتو”، الناطق باسم قوة المهام المشتركة في التحالف الدولي ضد الإرهاب (عملية العزم الصلب)، إن «إقامة محكمة لمشتبهي داعش أمر خارج نطاق مهمة التحالف الدولي». وذلك رداً على اقتراح قيادة “قسد” بإقامة محكمة دولية لهذا الغرض.

لكن “ماروتو” دعا المجتمع الدولي إلى «مضاعفة جهوده لإعادة من تبقى من المقاتلين الإرهابيين الأجانب، الذين ما زالوا ينتظرون إعادتهم إلى أوطانهم». قائلاً: «هؤلاء ينتمون لأكثر من خمسين دولة. مع مجموعة متنوّعة من القواعد والقوانين. لذلك يقرّ التحالف بأن الأمر متروك للدول بشكل منفرد، لتحديد أسلوب تعاملها معهم».
على الطرف المقابل تعتبر “قسد” أن بقاء المقاتلين دون محاكمة يعد مشكلة كبيرة لها، لأنها لا تمتلك الإمكانيات لمحاكمة عناصر التنظيم لوحدها.

أحداث سجن الصناعة تتطلب موقفاً أميركياً حازماً

“د.فريد سعدون”، الخبير بالشأن الكردي، يعتبر أن «بقاء عناصر التنظيم في سجون “قسد” يشكّل قنبلة موقوتة في المنطقة».
ورداً على سؤال «الحل نت» حول احتمالية أن تساهم أحداث سجن الصناعة في دفع الدول المختلفة إلى استعادة رعاياها، يجيب “سعدون”: «قطعاً لا. لأن تلك الدول غير مستعدة لاسترداد مواطنيها، الذين يشكّلون مصدراً للقلق».
ويضيف أن «كثيراً من الدول. وتحديداً الأوروبية، في غنى عن استجلاب أسرى التنظيم إلى أراضيها. بعبارة أخرى، هؤلاء يدخلون ضمن فئة المواطنين غير المرغوب بهم. ووجدت الدول في سجنهم بسوريا طريقة للتخّلص منهم».
وحول التصريحات الأميركية التي تكررت، قبل وبعد أحداث سجن الصناعة، ودعت إلى استعادة الدول لرعاياها، أشار “سعدون” إلى أن «واشنطن غير جادة حتى الآن. ولو كان الموقف الأميركي جاداً، لكانت واشنطن سمحت للحكومة العراقية باستعادة رعاياها. ومحاكمتهم على أراضيها». مشدداً على أن «إجبار الدول على استعادة رعاياها يحتاج موقفاً أميركياً حازماً».

مقالات قد تهمك: الحسكة.. هذه العوامل التي ساعدت “داعش” في هجومها على سجن الصناعة

تعقيد مشكلة الإرهابيين الأجانب

“حسن أبو هنية”، الخبير وبالباحث بالحركات الإسلامية، يؤكد، في تعليقه لـ«الحل نت» حول أحداث سجن الصناعة، على «عدم وجود رغبة دولية بالانتهاء من معضلة أسرى التنظيم وعائلاتهم. بعد تحرير آخر الأراضي التي كانت تحت سيطرة التنظيم في آذار/مارس 2019».
ويلفت إلى أن «المسألة محاطة بالتعقيدات. فالدول العربية لا تهتم باستعادة رعاياها. وكذلك تفعل الدول الأوروبية. رغم المطالبات الأميركية والدولية المتكررة».
وبناء على ذلك يجزم “أبو هنية” بعدم وجود أي تغيير على سياسات الدول، نتيجة أحداث سجن الصناعة، ويقول: «لا مؤشرات على ذلك حتى الآن. لأسباب متعلّقة بالمخاوف من الإرهاب. وعدم القدرة على محاكمة المتهمين».
متابعاً حديثه بالقول: «من الواضح أن المعضلة مستمرة. و”قسد” لا تملك أية تعريفات قانونية وسياسية تمكّنها من محاكمة هؤلاء. وكل المقترحات للتعامل معهم فشلت حتى الآن. ومنها الاقتراح الفرنسي بنقل العناصر إلى العراق، ومحاكمتهم هناك». دون أن يستبعد «حصول “قسد” على دعم إضافي أوروبي، لإنشاء نظام أمني متقن، لتأمين السجون التي تحتجز فيها عناصر التنظيم».



لا اختلاف في الموقف الأوربي بعد أحداث سجن الصناعة

وتركيزاً على الموقف الأوروبي بعد أحداث سجن الصناعة، يقول “د.فارس إيغو”، الباحث السياسي المطلع على السياسات الفرنسية: «يبقى هذا الموضوع من النوع الذي لا ترغب الحكومات الأوروبية المختلفة بإثارته. خشية ردود فعل شعبية غاضبة». مؤكداً «عدم وجود أي موقف مشترك بشأنه على مستوى الاتحاد الأوروبي. ما يبقيه بيد السلطات الوطنية لكل دولة أوروبية على حدة».
ويضيف، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «مسألة عودة عائلات الجهاديين المنخرطين مع داعش في سوريا تثار بشكل أكثر إلحاحاَ من قبل بعض منظمات حقوق الإنسان. وإذا تحدثنا عن الرعايا الفرنسيين، فإنهم يشكلون أكبر عدد من المعتقلين من جنسيات أوروبية. إذ تعيش مئة وعشرين امرأة، وأكثر من مئتي طفل فرنسي، في مخيمي “الهول” و”وروج”، الخاضعين لسيطرة “قسد” في سوريا».

وهنا يشير “إيغو” إلى أن «فرنسا كانت قد أعادت بعض الأطفال الأيتام. وكذلك بلجيكا وفنلندا». إلا أنه يستدرك بالقول: «تجري دراسة الحالات بشكل منفصل. وبعبارة أخرى، لا قرار شامل بإعادة هؤلاء إلى فرنسا، أو إلى أي بلد أوروبي آخر. ولا أتوقع أن يحدث أي تغيّر في هذا الموقف بالنسبة لفرنسا، بالرغم من أحداث سجن الصناعة في الحسكة مؤخراً. قد تظهر بعض الضغوط، خلال الأيام المقبلة، من قبل منظمات حقوق الإنسان. ولكنها لن تتعدى الطلبات المقدمة للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان».


وتستمر أحداث سجن الصناعة منذ مساء يوم الخميس الماضي، الذي شهد اشتباكات داخل السجن بين “قسد” ومقاتلين من تنظيم داعش. ما أدى لمقتل مئة وأربعة عشر عنصراً من الطرفين. إضافة لنحو سبعين مدنياً. بينما اضطر نحو خمسة وأربعين ألف شخص في الحسكة للفرار من منازلهم. بحسب “المرصد السوري لحقوق الإنسان”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.