أشار تقرير لصحيفة “لاكروا” الفرنسية إلى محاولة الزعيم العراقي الشيعي مقتدى الصدر، بعد فوز تياره في الانتخابات التشريعية في تشرين الأول/أكتوبر، تهميش الجماعات الموالية لإيران، والمهزومة في الانتخابات، لتشكيل أغلبية، ما قد يثير حفيظة تلك الميليشيات المتهمة بالوقوف وراء هجمات في العاصمة العراقية خلال الآونة الأخيرة.

السيناريو ذاته تكرر في الأيام الأخيرة في بغداد: هنا هجوم بالقنابل على مقر لحزبين سنيين؛ وهناك على فرع بنكين كرديين، بحسب الصحيفة، وتمر هذه الهجمات غير المتبناة من أحد كتحذيرات من مجموعات شبه عسكرية موالية لإيران، متحدة في إطار “التنسيق”، وهي حركة سياسية هزمت في الانتخابات التشريعية في 10 تشرين الأول/أكتوبر الماضي. فمنذ هذه الانتخابات، التي فاز بها تيار مقتدى الصدر، وجدران “البيت الشيعي” تتصدع بشكل خطير، حيث يدّعي المعسكران أنهم يشكلون الأغلبية القادرة على تعيين رئيس الحكومة، بحسب ما ذكرت الصحيفة الفرنسية، وترجم عنها موقع “الحل نت”.

ومع ذلك، من أجل الحصول على “حكومة أغلبية”، يقترح الصدر، ذو الشعبية والبالغ من العمر 47 عاما، التحالف مع حزبين سنيين، “تقدم” و”عزم”، وكذلك مع “الحزب الديمقراطي الكردستاني”، وهي ثلاثة تشكيلات مستهدفة بدقة، بشكل مباشر أو غير مباشر، في الهجمات الأخيرة في العاصمة.

من دون الحكومة.. ستخسر الميليشيات المليارات

يوضح هاردي ميدي، الباحث في المركز الأوروبي لعلم الاجتماع والعلوم السياسية، أن “الميليشيات الشيعية، التي لم تعد تزن كما كانت من قبل في صناديق الاقتراع وباتت مرفوضة من المجتمع العراقي، تظهر قدرتها على الإزعاج وتضع مقتدى الصدر تحت الضغط للتفاوض معها”. ويضيف المتخصص في شؤون العراق قائلا: “إنهم يعلمون أنه بدون الحكومة، فإنهم سيخسرون كل شيء، بدءا من مواردهم المالية”. فالحركة القوية “الحشد الشعبي” تتلقى وحدها 2.6 مليار دولار سنويا، تخصص لها كقوة رديفة للدولة.

أما مقتدى الصدر، الذي كان في يوم من الأيام زعيم ميليشيا المهدي الشيعية المسلحة القوية، يقدم نفسه اليوم كقوة استقرار وراعي إصلاح. لكن هل حساباته السياسية قابلة للتطبيق؟ فالثقل المتزايد للصدريين يقلق رجال الميليشيات الموالية لإيران.

“السبب أن وراء هذه المفاوضات، تجري المواجهة أيضا مع القيادة العسكرية وجهاز المخابرات ووزارة الداخلية، منظمة بدر (المنظمة التي أسسها آية الله خامنئي)، وهي خطوط حمراء بالنسبة لإيران”، يوضح آرثر كيسناي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة “السوربون” الفرنسية، وهو متخصص في الشأن العراقي.

ويتابع كيسناي قائلا: “لكن الشيعة يعتبرون أنفسهم إخوة ويجب أن يتفقوا داخل نفس البيت، وعندما يقدم مقتدى الصدر هذا الاقتراح، فإنه يسيّر هذا الخطاب لصالحه للتفاوض مع الميليشيات”، ومن بين الأسماء التي طرحها “التنسيق” اسم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وهو عدو لدود للصدر.

إيران تراقب عن كثب

حتى لو كانت استراتيجية الصدر مثيرة للقلق، بالنظر إلى الهجمات الأخيرة، فإن هاردي ميدي لا يؤمن بحدوث اضطرابات قد تعم العراق، حيث يقول: “تعرف الميليشيات أنه إذا زاد عدم الاستقرار، فإنها تخاطر بخدمة تنظيم داعش، الذي لا يزال حاضرا للغاية في بلاد تضررت أصلا بشدة من جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية. فوق كل ذلك، لا تريد إيران أن يتدهور الوضع في جارتها التي أصبحت رئة اقتصادها منذ العقوبات الأميركية”.

وفي سياق التوترات المتصاعدة، من المرجح أن تستغرق عملية تعيين الحكومة وقتا أطول من الوقت المخصص، وهو ثلاثين يوما من الجلسة الافتتاحية للبرلمان، حيث ينتخب النواب الرئيس الذي يعين بدوره رئيس الحكومة. “لا يمكن الالتزام بهذه المدة. سوف يستغرق تشكيل الحكومة شهورا. الأمر يشبه نهايات الحروب الأهلية، حيث لا يوجد منتصر حقيقي، وكل الاحتمالات مفتوحة”، يقول كيسناي مختتما حديثه.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة